بعدما شُغلت حكومات الخليج والحكومة اليمنية الموالية للرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي أمس في تعزية الدوحة بمقتل جنودها الثلاثة في اليمن، تبيّن أن هؤلاء قتلوا بعدما فرّوا على متن سيارة انقلبت بهم، إثر هجوم للجيش و«اللجان الشعبية» في مأرب
منذ إعلان الدوحة رسمياً مقتل ثلاثة من جنودها في اليمن، أثيرت من جديد مشاركة قطر البرية في الحرب على اليمن، إلى جانب السؤال عن ملابسات مقتل الجنود الذي ما زال يكتنفه الغموض.
وفيما عرضت وسائل إعلام قطرية رواية عن الحادثة مفادها أن الجنود قتلوا في حادث سير بعدما كانوا في طريقهم لتبديل زملائهم في نقطة التفتيش على الحد الجنوبي بين السعودية واليمن، قالت مصادر محلّية في محافظة مأرب إن الجنود قتلوا أثناء فرارهم على متن سيارة إثر هجوم شنّه الجيش اليمني و«اللجان الشعبية» على عدد من مواقع القوات الموالية للتحالف السعودي في مديرية صرواح في مأرب. وكانت القوات المسلحة القطرية فد نعت في بيانٍ رسمي الجنود الثلاثة، وهم محمد عوض سالم ومحمد داوود خيال ومحمد ناصر محمد، ولم يقدم البيان المقتضب ولا الوكالة القطرية التي نقلت الخبر بدايةً أي تفاصيل إضافية.
وبمقتل هؤلاء الجنود، يرتفع عدد الجنود القطريين الذين قتلوا في اليمن إلى أربعة منذ إعلان قطر التدخل البري مطلع أيلول الماضي. وسبق أن اعترفت الدوحة بمقتل أول جندي قطري في اليمن، ويدعى محمد حامد سليمان، خلال مواجهات دارت بين قوات الجيش و«اللجان الشعبية» في محافظة مأرب والقوات الموالية لـ«التحالف» في شهر تشرين الثاني الماضي.
وعلى الرغم من أن الحصيلة هذه المرة تُعدّ الأكبر للقتلى القطريين في اليمن، أكدت القوات الموالية لـ«التحالف» أن الجنود القطريين لم يقتلوا في أي مواجهات، بل«في حادث سير». مصادر محلية في محافظة مأرب أفادت «الأخبار» بأن هناك «تحالفاً لوجستياً كبيراً بين حزب الإصلاح قاده عدد من القيادات العسكرية الموالية، كاللواء عبد الرب الشدادي، في مواجهات صرواح التي دارت بغطاء كثيف من قبل طائرات التحالف». وأوضح المصدر أن الجنود القطريين والإماراتيين والسعوديين لا يتقدمون أي مواجهات، إذ يقتصر دورهم على تأمين مواقع عسكرية بعيدة عن المواجهات والإشراف عليها، غير أن تلك المواقع لا تسلم من استهداف الجيش و«اللجان الشعبية» بالمدفعية. وأشارت المصادر إلى أن الجنود القطريين وهم أربعة كانوا يستقلون سيارة من نوع «لاند كروزر» في طريقهم إلى أحد المواقع العسكرية في صرواح البعيدة أكثر من 7 كيلومترات عن المواجهات التي دارت الاثنين في منطقة «الربيعة»، فتمت مهاجمة الموقع ليفرّوا باتجاه مدينة مأرب، إلا أن سائق السيارة، وهو جندي قطري، فقد السيطرة على السيارة، لتنقلب ويؤدي الحادث إلى قتل اثنين فيما بقي ثالث في حالة إنعاش لساعات قبل أن يفارق الحياة. ووفق المصادر، فإن الجندي الرابع الذي كان يقود السيارة أصيب بجروح وتم نقله إلى معسكر تداوين في مأرب.
الفريق علي محسن الأحمر الموجود في محافظة مأرب منذ أيام للإشراف على العمليات العسكرية والمسنود من قبل الدوحة، وجّه رسالة نعي لأمير قطر وللشيخ عبدالله بن حمد آل ثاني ولأسر القتلى الثلاثة. وأشار الأحمر في الرسالة التي حملت الكثير من عبارات الثناء لدولة القطر ولأميرها، إلى «بسالة الجنود القطريين والخبرات العسكرية التي يمتلكونها والتي ساهمت في إحباط الكثير من المشاريع الانقلابية».
وكانت دولة قطر قد أعلنت أواخر الـ26 من آذار 2015 مشاركتها في حملة «عاصفة الحزم» التي تقودها السعودية بـ10 طائرات حربية من أصل 12 طائرة من طراز «ميراج 200-5»، قبل أن تدفع بنحو ألف جندي إلى اليمن مزوّدين بعتاد ومعدات عسكرية حديثة لدعم العملية العسكرية البرية لقوات «التحالف» في اليمن، التي بدأت مطلع أيلول الماضي.
وتضم القوة القطرية التي دخلت اليمن عبر منفذ «الوديعة» البري، الرابط بين السعودية واليمن، 1000 جندي معظمهم من المجنسين اليمنيين معززين بعربات جند وراجمات صواريخ حديثة. وتمركزت القوات القطرية آنذاك في معسكر تداوين الواقع في مأرب وحدود الجوف شرقي البلاد، والذي تعرض لعدد من الهجمات الصاروخية من قبل الجيش و«اللجان الشعبية»، ما أدى إلى انسحاب المئات تدريجياً من تلك القوات التي ينحدر معظم منتسبيها من مديرية يافع في محافظة لحج جنوبي البلاد، ويعملون في الجيش القطري.
وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن هناك أكثر من 35 ألفاً من اليمنيين يعيشون في قطر، يحمل الآلاف منهم الجنسية القطرية، وكانوا أول من انخرط في المؤسسة العسكرية القطرية، إضافة إلى أن حزب «الإصلاح» زوّد الدوحة خلال سنوات بالمئات من عناصره للعمل في المجال الأمني.
رشيد الحداد- الاخبار اللبنانية-