قال «أنور عشقى»، مستشار مجلس الوزراء السعودي الأسبق، إن السعودية هي من تقرر شكل تحالفاتها الخارجية، وليس لمصر أي وصاية على المملكة في ذلك.
وأكد في الوقت ذاته أن السعودية ومصر في حاجة للدعم السياسي المتبادل، نافيا أن يؤثر التقارب السعودي التركي الأخير على العلاقة بين القاهرة والرياض.
وانعقد في الرياض قبل أيام اجتماع وزاري تركي خليجي؛ تضمن تأكيدا على ضرورة تعزيز العلاقات بين الطرفين، وتنسيق المواقف بينهما في مختلف القضايا على الساحة الإقليمية.
وقال «عشقي» في حوار أجرته معه صحيفة «المصري اليوم»، المصرية الخاصة، ونشرته اليوم الخميس، إن التقارب السعودي التركي «لن يؤثر على العلاقة بين الرياض والقاهرة، بأي حال من الأحوال».
وشدد على أن «من تقرر طبيعة تحالفاتها الاستراتيجية في المنطقة، هي المملكة نفسها، حسبما تقرره مصالحها، وليس لمصر وصاية عليها، فلكلا البلدين رؤيته لمصالحه، لطالما لم تمس أمنه القومي مباشرة أو تقوّض مصالحه».
وفي هذا الصدد، لفت إلى المملكة سعت في الفترة الأخيرة لـ«إحداث حالة من تقريب وجهات النظر بين تركيا ومصر، وتجاوز الأزمة الأخيرة بتقديم تنازلات من الطرفين، لاعتبارات تتعلق بتحالف استراتيجي في المنطقة تكون فيه الدولتان ضالعتين فيه، لكنها لم تنجح في ذلك رغم مساعيها الدائمة».
وأوضح أن سياسة الملك «سلمان»تقوم على الاحتواء، وتجميع كافة القوى العربية لمواجهة التحديات الخارجية.
وحول ما إذا كانت سياسة الاحتواء عاملاً في توسيع هوة الخلاف بين مصر والسعودية، قال: «لم ولن تكن عاملاً في توسيع الهوة، لكن المملكة لها خصوصيتها في سياستها الخارجية، وكذلك مصر لها الاستقلالية الكاملة في تحالفاتها بما يخدم مصالحها فب المقام الأول، والعلاقات الثنائية بين البلدين ثابتة، لكن التكتيك مُختلف».
وحول سبب الخلاف الحاد في المواقف بين مصر والسعودية بشأن مصير رئيس النظام السوري بشار الأسد، والأزمة السورية، قال «عشقي»: «الخلاف مرتبط بتخوف مصر من أن يؤدى رحيل الرئيس (النظام) السوري بشار الأسد إلى وصول المعارضة السورية للسلطة، والتي تعتقد مصر أن لجماعة الإخوان، السيطرة عليها، والتي سيؤدى وصولها للسلطة في سوريا لمنح إخوان مصر قبلة الحياة من جديد مما يشكل مزيداً من الضغط على الحكومة المصرية في ظروفها الحالية».
وفي 8 أكتوبر/تشرين الأول الجاري صوت مجلس الأمن على مشروع قرار فرنسي يطالب بنهاية فورية للضربات الجوية وطلعات الطائرات الحربية فوق مدينة حلب السورية.
واستخدمت روسيا حق النقض «الفيتو» ضد هذه المشروع، وقدمت مشروع بديل يعتبر في الواقع المشروع الفرنسي مع تعديلات روسية؛ حيث يستبعد المطالبة بنهاية للضربات الجوية على حلب، وأعاد التركيز على الاتفاق الامريكي الروسي لوقف اطلاق النار الذي انهار بعد أسبوع من سريانه.
والغريب أن مصر، العضو العربي الوحيد في مجلس الأمن حاليا، صوتت لصالح المشروع الفرنسي والروسي في الوقت ذاته؛ الأمر الذي أغضب القيادة السعودية؛ خاصة مع ظهور المندوب المصري في الأمم المتحدة في مشاهد ودية مع مندوب نظام بشار الأسد، «بشار الجعفري».
«عشقي»: وقف النفط غير مرتبط بموقف مصر في مجلس الأمن
«عشقي» نفى أن يكون تصويت مصر لصالح القرار الروسي هو السبب في وقف شحنات النفط السعودي لمصر خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
وأوضح: «الاتفاق بين المملكة ومصر، الذى تم توقيعه خلال زيارة الملك سلمان (بن عبدالعزيز) إلى القاهرة في أبريل (نيسان) الماضي، والذى نص على توريد ٧٠٠ ألف طن شهريًا من المواد البترولية المكررة من السعودية لمصر لمدة ١٥ عامًا، كان يتضمن بنداً أن هذا الإمداد سيتوقف خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول)، وهذا بعلم المسؤولين في مصر؛ لأن المملكة سيكون لديها التزامات مع دول أخرى، وهذا البند مُعلن لمصر منذ توقيع الاتفاقية، وأكدنا على المسؤولين المصريين هذا الأمر قبل التوقف عن إمداد البترول».
وقال إن وقف شحنات النفط السعودية إلى مصر بشكل كامل «احتمال غير مطروح على الإطلاق، والمملكة ملتزمة بكافة تعهداتها تجاه مصر، والتوقف هذا الشهر مُتفق عليه من جانب الطرفين، وله أسباب خارجة عن إرادة المملكة، والسعودية في حاجة ماسة لدعم مصر السياسي، وكذلك فمصر في حاجة للدعم ذاته».
وأكد أن «التزامن (بين تصويت مصر لصالح القرار الروسي ووقف شحنات النفط السعودية) ليس من باب عقاب مصر، كما حاولت بعض وسائل الإعلام المُغرضة الإيحاء بذلك، أو مساومة الشقيقة الكُبرى (يقصد مصر) على مواقفها الخارجية تجاه القضايا السياسية، وأود التأكيد أن كلمة مندوب السعودية في الأمم المتحدة عن تصويت مصر لصالح مشروع القرار الروسي، جاء من باب العتاب، وليس من باب الهجوم».
وكان المندوب السعودي لدى الأمم المتحدة، «عبد الله المُعلمي»، وصف تصويت مندوب مصر لصالح مشروع القرار الروسي، بـ«المؤلم».
وقال «المعلمي» بعيد التصويت: «كان مؤلما أن يكون الموقف السنغالي والماليزي أقرب إلى الموقف التوافقي العربي من موقف المندوب العربي (المصري).. ولكن أعتقد أن السؤال يُوجه إلى مندوب مصر».
«عشقي» اعتبر، خلال المقابلة ذاتها، أن أحد الأسباب وراء تأجج الاختلاف الأخير بين مصر والسعودية، «هي الأصوات الإعلامية من كلا البلدين، التي تتبنى منهج التفريق، لا التجميع».
وقال في هذا الصدد إن «جمال خاشقجي (الكاتب السعودي المعروف) ليس مُقرباً من الدولة، ولا يعبر عن وجهة نظر المملكة الرسمية، وأكدت المملكة في مرات سابقة أنها ليس لها متحدثين رسميين لها، وهو محسوب على الجماعة التي لها تحيز واضح، ويعتقد الكثيرون أن وجهة نظره مُعبرة عن المملكة، وهو اعتقاد مغلوط، وكُل بيانات المملكة الرسمية توضح ذلك دون مغالطة، أو مواربة».
المصري اليوم-