علاقات » عربي

إلى «الجنة» المحيسني يبعث بـ «أبناء بريدة» فأين عُقلاؤها..!!

في 2016/11/23

لم يكن ليليق بكم هذا «الصمت» المُطبق ذلك أنّي – وسِوايَ – قد انتظرنا طويلاً عسى أن تزيلوا عن «بريدة» ما طاولها من أذى قد لحقها بفعل بعض الحمقى من أبنائها!! غير أنّه لم يصدر من قِبلكم لا بيان ولا تصريح عبر أيّ وسيلةٍ يُمكن أن تُعلنوا من خلالها تبرؤكم «الصريح/ المباشر» من صنائع «عبدالله المحيسني» ذلك أنّه ما فتئ يُقحم «بريدة» و «أهلها» في جملةٍ من خطاباته ذات البُعد «التّهييجي» بنحوٍ من مفرداتٍ من شأنها أن تتخطّف «أبناءكم» من بين أيديكم ومن خلفكم.. وهي «خطب» إنشائيّةٌ تستهدف طائفة من سُفهاء «الأحلام» إذ تتوجّه إلى تأجيج العاطفة بتوظيف جملٍ من نصوص شرعيّة ابتغاء أن تكتسي – في ظاهرٍ من الأمر – لبوس «العلم الشرعي»!! بينما هي على الحقيقة/ والتأصيل ليس فيها من «علمٍ راسخ» ولا «فقه راشد» ولا درَكٍ للمآلات إلا مسوح تعالمٍ ومحض ادعاء زائفٍ كما هي دعوى (المحيسني) «كذباً» بدكترته!! ابتغاء أن يسبق اسمه بحرف «الدال/د.» ليُعيد فينا سيرة عبدالله عزام (غفر الله له)!
وفي آخر ما اجترحه «المحيسني» من جُنحٍ كان افتئاته على «بريدة» بصورةٍ صارخةٍ لا يُمكن أن يُغضّ عنها الطّرف وذلك ما تمّ جرّاء تسجيله المصوّر – عبر حسابه على تويتر – وهو يقف بانتفاخة صولة المسعور «شُهرةً» إلى جانب واحدٍ من المُغرّر بهم ممن كانوا ضحايا «تسجيلات النت المصوّرة» المدعو «يونس القرعاوي» ذلك الذي فجّر نفسه بالطريقة التي تستهوي «المجانين» فقط ليكونوا لها حطباً ووَقوداً!! وهاهنا أكثر من سؤالٍ ليس بالإمكان الإجابة عنها إلا حين الاستعانة بـ «الاستخبارات العالمية»! تلك التي ما برحت تأخذ لها من أراضي «الصراع العربي/ العربي» مسرحاً لعمليّاتها.!
وبأداءٍ دراميٍّ – وفق القاعدة البغدادية – ظهر «المحيسني» في – التسجيل المصور- وهو يوجّه التحيّة لـ «أم القرعاوي» ليس لها وحدها – جبر الله مصيبتها – وإنما مضى – المحيسني – لما هو أبعد من ذلك إذ أدرج في ثنايا تحياته «الأمهات» كلّ الأمهات في «بريدة/ وما جاورها» وليس بخافٍ أنّ لظاهر هذه التحيات باطناً أسفر عنه أثناء قوله «..هنيئاً لكِ أن يكون هذا البطل عروساً في جنات النعيم هذه الليلة مع حور حسان مقصورات في الخيام..».
بمعنى آخر: يا أيتها الأمهات – من بريدة وما جاورها – من ابتغت منكن أن تحجز لها مقعداً في الجنة فما عليها سِوى أن تدفع بفلذة كبدها إلى «عبدالله المحيسني» بحسبانه الواقف على بابها إذ يقوم بدور من يأخذ «أبناءكم» إلى باب الآخرة «حيث الجنة» في حين لا يلبث «المحيسني» أن يعود إلى الحياة الدنيا وزهرتها من بوابة «الإعلام/ والشهرة»!! فأيّ خذلانٍ يُمكن أن يُتصوّر لمن رضي أن يكون جسراً يعبره «الآخرون» إلى «الجنة» فيما هو فيها من الزاهدين!!
وفي ذات التسجيل المصوّر – عبر تويتر- ومن بعد ما أخبرنا «المحيسني» عن اضطلاعه بدور «الواعظ الجهادي» في المقرّات الممتلئة بـ «الانغماسيين/ المنتحرين» يذكر لنا أنه ما إن توقّف عند واحدة من هذه المقار ليلقي درساً عن «الجنة ونعيمها» فإذا به يسمع فتى يصرخ «يا رب سترى اليوم ما أصنع» ويمضي المحيسني في حديثه قائلاً «.. مررت بمقر آخر فإذا تحت أسواره عربات لا أحصي عددها مفخخة، علمت أن في المقر استشهاديين، أنهيت الموعظة، وأمسك بيدي يونس وقال أريدك لوحدك.. أخذني يونس على طرف وقال أنا من أقاربك ومن ديرتك فأزال قناعه فإذا به يونس القرعاوي، فعانقته، فقال أبشرك أنا أول استشهادي، كان يقولها ويكاد يطير فرحاً».. وراح يونس يقول: والله يا شيخ الدنيا لا تسعني من الفرح، فكم انتظرتها، لكنني أريد منك طلب فيديو تخص به أمي حفظها الله..»!
منذ أن أضعنا مفاتيح «الجنة» وجعلنا أبواب «النار» مفتّحةً على مصراعيها لم نعُد نتبيّن الحقَّ من الباطل إذ أسْقَطَنا في (الفتنة) «غلمانٌ» يتكلّمون بكلام خير البرية غير أنّهم يفتقرون لـ «العقل الفقهي» فيما النيَّات مرّدها إلى علاّم الغيوب..!
ومن بعد ما أغلقوا الأبواب التي تُفضي إلى «الجنة» أبقوا على بابٍ واحدٍ لا يُمكن أن يتّسع إلا إلى مَن يصطفونه ليدفعوا به منغمساً في «الأعداء» في تأوّلٍ لا يمكنُ أن يستقيم مع الفهم الصحيح لنصوصٍ ليست «صريحة»!!
إنه «الانتحار» بالمعنى الأكثر «جاذبيّةً» حين تخلع عليه «جلابيب شرعية» فيُسمّى بغير اسمه إذ تناط به أحكام شرعية أنيطت بـ«لشهيد» وهي بالضرورة ليست تنصرف إلا إلى لمن شَهد له «الوحي» بأنه كذلك أي (شهيد)!! وليس بخافٍ أن «الوحي» قد انقطع بموت صاحب الرسالة – صلى الله عليه وآله وسلم-.
يقول بن عبدالبر -رحمه الله- في التمهيد: وفي قوله -عليه السلام- «والله أعلم بمن يكلم في سبيله» دليل على أن ليس كل من خرج في الغزو تكون هذه حاله حتى تصح نيته ويعلم الله من قلبه أنه خرج يريد وجهه ومرضاته لا رياء ولا سمعة ولا مباهاة ولا فخراً. اهـ .
ولئن سألت عن أسباب هذا الانحراف «المنهجي» في تسمية العملية الانتحارية بـ «الاستشهادية» فإنّ الذي يسأل عنها هو ما قد ران على الفطر السليمة من رانٍ – سميك – انضاف إليه عدم الفهم وغياب العقل الراشد وقصور معرفي لفقه منهج الاستدلال والنظر عند أهل السنة والجماعة.
وبعد.. فإننا لمنتظرون من عقلاء «بريدة» وهم كثر من رجالاتها ومن علمائها ومن أساتذتها الجامعيين ومن دعاتها التبرؤ من «المحيسني» على النحو الذي يحفظ لـ«بريدة» – تاريخها العلمي «الشرعي المنضبط بفهومٍ تأصيلية» و«عمق وعيها الوطني».

خالد السيف- الشرق السعودية-