دخلت العلاقات المصرية - الإماراتية نفقاً مظلما خلال المرحلة الماضية إثر تحفظ الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي» على مطلب إماراتي بأن يلعب الفريق «أحمد شفيق»، آخر رئيس وزراء في عهد «حسني مبارك» دورًا سياسيًا خلال المرحلة المقبلة عبر تكليفه برئاسة مجلس الوزراء خلفًا لحكومة «شريف إسماعيل» المتعثرة، حسب ما نقلت صحيفة «المصريون» المصرية الخاصة عن مصادر وصفتها بـ«المطلعة».
ووفق المصادر ذاتها، التي لم تكشف الصحيفة عن هويتها، فإن «السيسى» أبلغ ولي عهد أبوظبي، «محمد بن زايد» -أكبر داعمي نظامه- أن هناك رفضًا في مؤسسات الدولة والمجلس الأعلى للقوات المسلحة (المكلف بقيادة غرفة العمليات الرئيسية للقوات المسلحة في حالة الحرب) لتكليف «شفيق» بأي دور سياسي؛ نظرًا لتقدمه في السن، وعدم تمتعه بالقبول من قطاع كبير من المصريين باعتباره محسوبًا علي نظام «مبارك»، الذي أسقطته جماهير ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011.
ونبهت المصادر إلى أن «السيسي» أبلغ الإماراتيين بأن رفع اسم الفريق «شفيق» من قوائم الترقب والسماح له بالعودة إلى مصر جاء تكريمًا له بوصفه قائدا سابقا للقوات المسلحة ورغبة في عودته لبلده مصر وليس ضوءًا أخضر للعب أي دور سياسي كما تسعي لذلك عدد من دول الخليج العربي.
وأشارت إلى أن ردود فعل حكام الإمارات جاءت غاضبة جدًا على رفض «السيسي» مشاركة «شفيق» بشكل قوي في المشهد السياسي بل إن بعض التيارات داخل دوائر صنع القرار الإماراتي غدت تطالب وبصراحة بربط الدعم المالي لحكومة «السيسي» بحزمة من المواقف السياسية والالتزامات التي تشير لاستفادة الشعب المصري من هذه المعونات وليس توظيفها لصالح النخبة.
ورجحت المصادر تقلص المعونات الإماراتية إلى الحد الأدنى خلال المرحلة المقبلة في ظل تعرض «أبوظبي» لضغوط شديدة من قبل حكومة الملك «سلمان عبدالعزيز» التي رفضت وساطة إماراتية لعقد قمة ثلاثية بين «السيسي» و«بن زايد» والعاهل السعودي في إطار محاولاته التطبيع بين البلدين التي تمر علاقاتهما بمرحلة شديدة التوتر بعد تصويت مصر لصالح مشروع روسي بشأن سوريا بشكل أغضب الرياض بشدة.
من جانبه كشف السفير «عبد الله الأشعل»، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، عن وصول علاقة نظام «السيسي» لمرحلة توتر غير مسبوقة مع دول الخليج وعلى رأسها السعودية والإمارات؛ فالنظام في مصر يعتقد أنه بإمكانه الحصول على الدعم الخليجي بدون تقديم مواقف أو إثمان سياسية بل وتبني مواقف معادية لها في بعض الأحيان.
ولم يستبعد «الأشعل» أن يكون لعب الفريق «شفيق» دورا سياسيا خلال المرحلة المقبلة أحد أوراق الضغط من قبل الإمارات ودول الخليج للضغط علي «السيسي»؛ مرجحا نهاية قريبة للوئام بين «السيسي» ودولة الإمارات لاسيما أن هناك اعتقادًا أن مواقف النظام المصري صارت عبئا على دول الخليج.
وكانت وسائل إعلام عربية تناقلت، قبل عدة أسابيع، ما قالت إنها تسريبات حول «شفيق»، مشيرة إلى أن نجمه عاد للسطوع مرة أخرى في المشهد السياسي مع تفاقم حالة الفشل التي تضرب نظام «السيسي» على كافة المستويات.
وأوضحت مصادر سياسية مقربة من «شفيق»، حسب ما ذكرت صحيفة «العربي الجديد» اللندنية، أن مقر إقامة «شفيق»، الذي يعيش بالإمارات منذ الانتخابات التي فاز فيها «محمد مرسي», أول رئيس مدني منتخب في مصر، شهد مؤخراً لقاءات متعددة مع مسؤولين إماراتيين، وشخصيات سياسية مصرية، للتباحث بشأن المشهد المتردي في مصر.
وذكرت المصادر أن التفكير في ظهور «شفيق» بشكل رسمي في المشهد السياسي عاد بقوة كأحد الحلول التي تطرحها دولة الإمارات في محاولة منها لمعالجة تدهور النظام الحالي وفشله الذريع، الذي بات سببا لحالة غضب شعبي تظهر بشكل واضح في الشارع المصري، وهو ما تخشى الإمارات تداعياته على المدى القريب.
وفي أغسطس/آب الماضي، كشفت مجلة «إيكونوميست» البريطانية أن دولة الإمارات سحبت مستشاريها الذين كانوا يعاونون النظام المصري، بعدما فقدوا صبرهم بسبب قصور الحكومة المصرية.
جاء ذلك في تقرير لها، بعنوان «تخريب مصر»، أشارت فيه إلى أن الداعمين العرب الذين كانوا يقدمون المال للرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي» فقدوا الصبر، على ما يبدو.
وأوضحت «إيكونومست» أن السبب الذي دعا الإمارات لسحب مستشاريها هو أن هؤلاء «المستشارين شعروا بالإحباط من البيروقراطية المتحجرة في مصر»، مشيرة إلى أن «القيادة المصرية، على ما يبدو، لا تريد النصيحة من الخليجيين المغرورين من أصحاب شبه الدول، الذين يتلاعبون بالمال مثل الأرز، كما قال السيسي ومساعدوه في أشرطة مسربة».
كما واصل الأكاديمي الإماراتي «عبدالخالق عبدالله» مستشار ولي عهد أبوظبي «محمد بن زايد» انتقاده لـ«السيسي»، مشيرا إلى أن حكومته تمتلك موارد لكنها تعاني من سوء الإدارة.
وقال في تغريدة على حسابه بـ«تويتر»: «في مصر 141 منجم ذهب و191 حقل نفط وعاشر أكبر احتياط غاز وثلثي آثار العالم وأكبر بحيرة صناعية الخ، لا يوجد نقص موارد بل سوء إدارة في مصر».
وفي وقت سابق، كشف الأكاديمي الإماراتي أن عواصم خليجية، نصحت «السيسي»، بعدم الترشح لفترة رئاسية ثانية.
وقدمت السعودية والكويت والإمارات عشرات المليارات من الدولارات دعما للنظام المصري في أعقاب الانقلاب العسكري في 2013، قبل أن تتدهور العلاقات مع السعودية مؤخرا، وتصل إلى حد القطيعة.
وكالات-