تعيش المملكة العربية السعودية هذه الأيام مراسم الاحتفالات الرسمية بمناسبة مرور عامين على حكم الملك سلمان بن عبد العزيز، وبدأ ملوك وزعماء العالم في إرسال التهاني والتبريكات للتهنئة بمرور24 شهرًا على حكم عاهل البلاد.
وبالرغم من الحملة الإعلامية التي أطلقتها القنوات والصحف السعودية، وحملت عناوين براقة متعلقة بالعامين الماضيين في عهد الملك الحالي، تبقى هناك عدة حقائق مزعجة حول ما تكبدته المملكة من خسائر سياسية واقتصادية لاحقت الملك سلمان منذ تنصيبه، فرضتها عليه الظروف الإقليمية والدولية، ترصدها «فيتو» في السطور التالية.
رحيل الملك عبد الله
مثّل رحيل الملك عبد الله بن عبد العزيز، خسارة كبيرة للأمة العربية قبل الرياض، خصوصا أن رحيله جاء في وقت وضعت المنطقة برمتها على سطح صفيح ساخن، على خلفية ثورات الربيع العربي التي أسقطت أنظمة عتيدة وكشفت عورة العالم العربي في ظل غياب البديل الجاهز للحكم نتيجة عناد أنظمة ديكتاتورية جرفت العقول لتظل محتفظة بمناصبها.
وفاة عبد الله مثل طوفان حزن على الأمة العربية، فمنذ رحيل الرجل ولم يهنأ الشرق الأوسط بالراحة من أصوات القنابل والرصاص، وكانت السعودية في قلب هذه الأزمات لدورها الإقليمي الهام ومثلت هذه الأزمات الحجر العثر للملك سلمان.
حرب اليمن
مع إرهاصات أيامه الأولى في الحكم، لم يهنأ عاهل السعودية الحالي برفاهية الملك، وتفاجأ بتورط بلاده في معركة عسكرية طاحنة في اليمن نتيجة انقلاب ميليشيات الحوثي على الحكومة الشرعية، الأمر الذي دفع الرياض للدخول في مواجهة عسكرية صريحة مع ميليشيا الحوثي وحلفاء الرئيس السابق على عبد الله صالح خوفا من هيمنة إيران على صنعاء، طبقا للمبررات التي ساقتها الرياض.
وبحسب تقرير سابق لصحيفة "فورين بوليسى" الأمريكية، كبدت هذه المعارك المفتوحة خزينة الرياض ما يقارب 725 مليار دولار فندتها الصحيفة بالتفاصيل والأرقام.
عجز الموازنة
وخلال العامين الماضيين مثل إعلان الموازنة المالية جبل هم على صدر السلطة، لما لحق خزانة الدولة من عجز مالي هائل نتيجة المعارك وصفقات التسليح، وحاولت الرياض جاهدة تجميل ميزانية المالية لعام 2017، وأشارت التقارير إلى عجز قارب الـ 52.8 مليار دولار، ما سيعد انخفاضا كبيرا مقارنة بالعجز المسجل في الميزانية السابقة.
كما كشف أكبر بلد مصدر للنفط في العالم أن العجز الفعلي المسجل في ميزانية 2016 بلغ 79 مليار دولار.
قانون جاستا
في سياق الأزمات دخلت الرياض لأول مرة منذ تأسيسها في مواجهة مع الحليف التقليدي -أمريكا- عقب إقرار واشنطن لقانون "جاستا" بهدف معاقبتها على زعم تورطها في حادث برجى التجارة -11 سبتمبر2001- مع تسرب بعض الجوانب الخفية بالتحقيقات التي أثبتت تورط أفراد من العائلة المالكة في دعم عناصر القاعدة المنفذة للهجوم الدموي.
لم يكن جاستا اللكمة الوحيدة من واشنطن للرياض، وتترقب السعودية اقتراب تولى الرئيس الجمهوري دونالد ترامب، مهام منصبه رسميا كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية خشية ما يحمله القدر على يديه لمملكة آل سعود من العداء منذ انطلاق حملته الانتخابية واتهامها بدعم الإرهاب ووصفها بالبقرة الحلوب مهددا بذبحها حال انقطع حليبها.
خصومة 5 دول عربية
في ظل حكم الملك سلمان أيضا، وقعت الرياض في خصومة 4 عواصم عربية هامة، إضافة إلى سوريا الشقيق العربى الذي تحول إلى عدو بفعل إيران والزمان، وتعد مصر آخر أحدث الدول العربية المنضمة لقائمة الخصوم التي شملت العراق ولبنان والجزائر.
خروج الخلافات للعلن
في ظل حكم الملك الحالى للبلاد، خرجت إلى العلن الخلافات المكتومة في العائلة الحاكمة والتي بدأت باعتراض بعض من هيئة البيعة التي تحفظت على مبايعة نجله الأمير محمد بن سلمان وليا لولي العهد، عقب الإطاحة بالأمير مقرن وتصعيد الأمير محمد بن نايف وليا للعهد.
ونشرت صحيفة "الجارديان" البريطانية، خطابا من أحد أفراد العائلة رجحت مصادر إقليمية نسبه للأمير أحمد بن عبد العزيز، حمل مستقبلا قاتما لنظام الحكم وكشف عورة الصراع الحادث على السلطة وأنذر بما لا يحمد عقباه.
تمرد مجتمعى
وتزامنا مع الحراك الإقليمي والكراهية المتولدة لدى الشعوب من سلوك التيار المتشدد، شجع ذلك شريحة عريضة من الشعب السعودي على المطالبة بحريات وفك قيود تمليه الشريعة الإسلامية مرجعية نظام الحكم بالبلاد، وشهدت مواقع التواصل الاجتماعى عدة حملات تحريض للتمرد على ولى الأمر.
مستقبل مبهم
حصاد ما جناه النظام في السعودية خلال العامين الماضيين، يوحي بمستقبل مقلق على البلاد ومدى تماسكها بعدما تجرأت عليها إيران، لحد وصل إلى المطالبة بتدويل مكة عقب حادث رافعة الحرم الشهيرة، وخلخلت المجتمع داخليا، وخروج بوادر تمرد بسبب برامج التقشف والإجراءات التي لجأت لها الرياض للحد من نزيف الاحتياطي المالى واقتراب عصر النفط على النفاد، ما أشعر المواطن بانتهاء عهد الرفاهية وتزايدت المخاوف من اختفاء الثروة التي تنجح في امتصاص الثورة.
مصطفى بركات- موقع فيتو المصري-