رفض نواب بالبرلمان المصري، تصريحات الرئيس السوداني «عمر البشير»، بشأن بقاء مثلث حلايب سودانياً، وإمكانية لجوء بلاده إلى مجلس الأمن إذا رفض المصريون التفاوض على عودة منطقة حلايب وشلاتين إلى السيادة السودانية، فضلاً عن اتهامه الاستخبارات المصرية بدعم المعارضة في بلاده.
في الوقت الذي اعتبر سياسيون، تصريحات «البشير» مضرة بالعلاقات المصرية السودانية.
وقالت أمين سر لجنة الشؤون الأفريقية بالبرلمان المصري «مي محمود»، إنهم «اعتادوا على تصريحات البشير غير المسؤولة عن تبعية حلايب وشلاتين للسودان، من فترة إلى أخرى، في محاولة لكسب تأييد شعبي زائف، نتيجة تراجع شعبيته، واتساع رقعة معارضته داخل السوادن»، مُستدركة بأن «مصر تعد الداعم الأكبر لإحلال السلام في السودان، ولا تسعى لزعزعة الأوضاع فيه».
وأضافت «محمود» في تصريحات صحفية، أن تلويح الرئيس السوداني بالاحتكام إلى مجلس الأمن «لا يصب في مصلحة الشعب السوداني، خاصة أن كل الأوراق والوثائق التاريخية تؤكد تبعيتها إلى مصر، وأن الإدارة السودانية على مثلث حلايب استندت إلى قرار من وزير الداخلية المصري، أثناء الحكم البريطاني، إلا أنها لم تُمارس السيادة عليها، إلى حين استردادها بعهد الرئيس الأسبق حسني مبارك».
بينما قال الرئيس السابق للجنة «حاتم باشات»، إن تصريحات «البشير» تهدف «لاستغلال التوتر القائم بين القاهرة والرياض، على خلفية اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، والتغطية على التوتر الداخلي في السودان ضد حكومة الأخير»، معتبراً أن حلايب وشلاتين أراضٍ مصرية خالصة، وأن السودان موقفه ضعيف في حالة اللجوء للاحتكام إلى مجلس الأمن.
واتهم أمين سر لجنة العلاقات الخارجية «طارق الخولي»، «البشير»، باستدعاء تلك القضية كل فترة للتغطية على مشكلات بلاده الداخلية، ومحاولة خلق قضية وطنية لكسب مزيد من الشعبية، مشدداً على أن «القضية محسومة، وحقوق مصر التاريخية ثابتة، ولا يمكن أن تكون وسيلة مساومة في ظل مفاوضات سد النهضة، ووجود تفاهمات أخيرة بين السودان وإثيوبيا»، على حد قوله.
بدوره، دعا ممثل دائرة حلايب بالبرلمان «ممدوح عمارة»، المسؤولين المصريين، إلى ضبط النفس، وعدم الرد على تلك التصريحات، والتي لا تعد بجديدة على المسؤولين السودانيين، حفاظاً على علاقات حسن الجوار بين البلدين، وتجنب التوتر بين الشعبين اللذين تربطهما وحدة المصير، وصلات الجيرة والنسب والقرابة.
فيما أكد النائب «محمد أبو حامد»، وكيل لجنة التضامن بالمجلس، أن «تصريحات البشير لا قيمة لها»، مشددا أنها «ليس بالتصريحات بل بالوثائق والخرائط، والتي تؤكد أنها مصرية ولا جدل في ذلك».
وعن لجوء «البشير» إلى مجلس الأمن، قال «أبو حامد»: «روح مكان ما تروح، لدينا ما يعزز موقفنا، وهناك تيقن للدولة من وجود معاهدات دولية تعزز موقف مصر بجانب تصريحات قاطعة بأنها مصرية»، متابعا: «مافيش حد يقدر ياخد حبة رمل منها».
إفساد علاقة
من جانبه، قال «محمد عبدالغفار» الخبير المتخصص في الشئون الأفريقية، إن التصريحات بأن حلايب سودانية، هى محاولة لإفساد العلاقات الاستراتيحية بين مصر ودول أخرى.
وأضاف «عبدالغفار»، أنه «رغم ما يحدث فإن مصر دوما تحرص على متانة العلاقات مع شمال السودان وجنوبه، ودوما تتعامل بمعايير أخلاقية مع كل الدول التي تربطها بها علاقات طيبة»، مؤكدًا أن «الحديث عن حلايب وشلاتين لإثارة حفيظة المصريين والتاريخ يؤكد مصريتها أما محاولات اختلاق أزمات مع دولة قدمنا لها كل الدعم والتعاون من أجل الحفاظ على وحدتها دوما، والهراء بموضوعات ليست لها أرضية نقاشية غير مقبول».
واستنكر الخبير بالشأن الأفريقي، محاولات تشويه مصر والبحث عن دور للبطولة لن ينخدع بها الشعب السوداني الذي يقدر مصر جيدًا.
في الوقت الذي أكد المحلل الاستراتيجي «عمرو ناصف»، أن تصريحات «البشير»، حول حلايب وشلاتين، توضح أنه «لا يملك مخططات استراتيجية لإدارة الدولة».
واتهم «ناصف»، الرئيس «البشير» بـ«اصطناع زخم إعلامي عن طريق علاقته بمصر عندما يكون لديه مشكلة، أو انتخابات في الداخل»، وقال: «من الواضح أن إثارة موضوع حلايب وشلاتين يتزامن مع المشاكل والاضطرابات الداخلية التي تشهدها بلاده».
وأشار «ناصف»، إلى أن «البشير يريد استخدام هذا الملف ليكون ورقة ضغط على مصر، ونحن نعلم موقفه السلبي من موضوع سد النهضة، مع أنه أول المتضررين، وهو يتعرض باستمرار لضغوط من الدول العظمى لإحداث قلاقل في دول الجوار مقابل تغاضي تلك الدول عن ملفاته الدولية».
ولفت «ناصف»، إلى أن حديث «البشير» عن مجلس الأمن ليس في صالحه، وقال: «لدينا ورقة منذ عام 1899 إبان الاحتلال الإنجليزي لمصر، بإمضاء اللورد كرومر مذكور فيها أن مصر شمال خط عرض 22، وبمجرد تقديم تلك الورقة لأي جهه دولية سينتهي الأمر».
وأوضح «ناصف»، أن «البشير» كان يأمل أن تشارك مصر بقوات من الجيش في جنوب السودان، ولكن مصر لن تفعل ذلك وهي أكبر من ذلك، ولكن يكون هناك أي تأثير لهذا الأمر، ويكفي رد من المتحدث باسم الخارجية وليس الوزير، ومن يعيشون في حلايب وشلاتين هم مصريون ويقرون بمصرية المثلث.
اتهامات سودانية
وكان «البشير»، قال اليوم، إن «مثلث حلايب سيظل مثلثا سودانيا، لأنه في أول انتخابات أجريت تحت الحكم الثنائي البريطاني المصري، أجريت أول انتخابات في السودان ومن ضمنها حلايب، التي كانت دائرة من الدوائر السودانية».
وأضاف «البشير» في حوار بثته قناة «العربية»: «الانتخابات هي عمل سيادي من الدرجة الأولى»، في إشارة إلى سودانية مثلث «حلايب» الذي يشكل نقطة خلاف رئيسية بين البلدين.
وفي أول تهديد رسمي بالتصعيد ضد القاهرة، أكد «البشير» أن بلاده ستلجأ إلى مجلس الأمن إذا رفض المصريون موضوع التفاوض.
وأشار إلى أن «المشكلة ليست مع الرئيس السيسي، وإنما مع النظام حيث يوجد معارضون سودانيون تدعمهم المخابرات المصرية»، على حد قوله.
وكشف الرئيس السوداني عن أن حكومته في كل لقاء بين البلدين تطلب الخرطوم من القاهرة وقف دعم المعارضة السودانية.
وفي أبريل/نيسان من العام الماضي، رفضت القاهرة، طلب الخرطوم التفاوض المباشر حول منطقة حلايب وشلاتين، المتنازع عليها بين البلدين منذ عقود، وهو الطلب، الذي لوّحت خلاله السودان باللجوء إلى التحكيم الدولي.
ويتطلب التحكيم الدولي أن تقبل الدولتان المتنازعتان اللجوء إليه، وهو الأمر الذي لم تعلن مصر في أي وقت الموافقة عليه بشأن حلايب وشلاتين.
ورغم نزاع البلدين على المنطقة منذ استقلال السودان عن الحكم الثنائي (الإنجليزي المصري) في 1956، إلا أنها كانت مفتوحة أمام حركة التجارة والأفراد من البلدين دون قيود من أي طرف حتى 1995، حيث دخلها الجيش المصري وأحكم سيطرته عليها.
وكانت خطوة الجيش المصري رد فعل على محاولة اغتيال الرئيس الأسبق «حسني مبارك» بأديس ابابا، والتي اتهمت القاهرة الخرطوم بالضلوع فيها.
وتفرض السلطات المصرية قيوداً على دخول السودانيين من غير أهل المنطقة إليها، سواء من داخل مصر أو الحدود السودانية .
ومنعت السلطات المصرية في ديسمبر/ كانون أول 2009 مساعد رئيس الجمهورية السوداني «موسى محمد أحمد» من دخول المنطقة، وفعلت نفس الأمر مع وفد يضم وزراء وبرلمانيين في مايو/ أيار 2012.
وأثار قرار القاهرة ضم المنطقة لدوائرها في الانتخابات الرئاسية، التي أجريت في مايو/ أيار 2014، ردود أفعال غاضبة في الأوساط السودانية.
ودرجت مصر على رفض مقترح سوداني باللجوء للتحكيم الدولي لحسم القضية.
وكالات-