القدس العربي-
كشفت صحيفة «القدس العربي» عن تفاصيل ليلة القبض على الملياردير ورجل الأعمال الأردني السعودي الشهير «صبيح المصري».
وقالت الصحيفة إنه «قبل مغادرته الرياض بليلة واحدة فقط، في زيارة عمل خاصة، انشغل المصري بإبلاغ نخبة من أقرب المقربين له برسالتين».
وتابعت: «في الرسالة الأولى فهم المقربون ما يلي: صحيح، هذه الزيارة الأولى لي بعد ما سمي بحملة مكافحة الفساد وشبهة احتجاز (رئيس الوزراء اللبناني سعد) الحريري، لكن السعودية بلدي وزيارتي قصيرة، ولا يوجد إطلاقا أي استدعاء لي، ولدي عمل ولا أشعر بأي مشكلة أو تردد أو أي شيء يجعلني أتردد أصلا».
وأردفت: «في الرسالة الثانية، حاول المصري طمأنة العاملين معه وكبار قادة البنك العربي الذي يترأس مجلس إدارته، وأصدقائه الشخصيين على أساس أنه سيلتقيهم جميعا، مساء الأربعاء الماضي، في العاصمة الأردنية عمّان؛ حيث كان الرجل وجه أصلا الدعوة لنخبة عريضة من الشخصيات المهمة لعشاء خاص».
وأوضحت الصحيفة أن «المصري غادر إلى الرياض مبتسما وواعدا المقربين بتناول العشاء معهم بعد أيام، متجاهلا نصائح خبيرة بالتريث وعدم السفر».
وقالت: «في الأثناء انغمس الرجل في الشرح: لديّ مصنع وشركة ومصالح محدودة في القطاع الخاص بالسعودية، ولا تربطني أي علاقة مباشرة ماليا بالقطاع العام، ولم يسبق لشركاتي أن حصلت على عطاءات»، في إشارة إلى عدم وجود ما يبرر توقيفه.
وأشارت الصحيفة إلى أنه «بعد عصر الأربعاء الماضي تلقت الإدارة العليا في البنك العربي اتصالا هاتفيا من رئيسها المصري يقول فيه: لن أستطيع الحضور..عليكم إلغاء العشاء».
وكشفت الصحيفة التفاصيل الإجرائية، حيث قالت: «غادر المصري إلى الرياض بمحض إرادته، وعلى أساس عدم وجود أي صلة بين مؤسساته واستثماراته في السعودية والقطاع العام».
وتابعت: «ترأس الرجل اجتماعا لمجلس إدارة شركة يملكها في السعودية، وأجرى بعض مقابلات العمل، وتوجه إلى المطار في طريقه إلى بيروت من أجل زيارة عمل قصيرة جدا في طريق عودته إلى عمان».
لحظة الاعتقال
ولفتت إلى أنه «قبل وصول سيارة المصري إلى المطار بدقائق فقط، تلقى اتصالا هاتفيا من شخص مجهول أبلغه أنه يمثل جهة أمنية، وطلب من المصري ركن سيارته على الشارع العام ومرافقة سيارة دورية أمنية ستصله فورا».
ووفقا للصحيفة، فهم «المصري» أنه أصبح معتقلا، وأجرى اتصالين هاتفيين فقط؛ أبلغ في الأول الإدارة العليا للبنك العربي، ثم شخصا قريبا جدا منه.
بعد ذلك فُقد الاتصال تماما مع «المصري» ولا تعرف عائلته أو مكتبه أين يوجد الآن وسط معلومات غير مؤكدة بأنه انضم للمعتقلين في فندق «الريتز» الشهير بالرياض، حسب الصحيفة.
وأضافت «القدس العربي» أن نبأ اعتقال «المصري» انتشر وسط معالم الصدمة في أوساط كبار المسؤولين الأردنيين، الذي صرح أحدهم بالقول «الجنسية السعودية أصبحت لعنة على من يحملها من رجال الأعمال».
وحسب الصحيفة، فقد «صنفت مؤسسات سيادية وعميقة اعتقال السعودية لرجل الأعمال الأبرز في الأردن حاليا باعتباره ضربة تحت الحزام ليس للمصري فقط، ولكن للأردن نفسه، خصوصا بعد سياقات أزمة القدس والخلاف الأردني السعودي ومؤتمر إسطنبول».
ونقلت «القدس العربي» عن سياسي أردني قوله: «لم يرد اسم المصري في أي وثيقة لها علاقة بالتحقيقات في السعودية، والرجل لا يعمل مع عطاءات حكومية سعودية وغادر مختارا، والأهم أنه يدير اليوم أهم مؤسسة مصرفية عالمية مقرها في الأردن وتدعم بقوة الاقتصاد الأردني».
وأضاف: «عمليا لا يمكن اعتبار خطوة من هذا النوع خارج سياق السعي لمعاقبة الأردن وفلسطين سياسيا واقتصاديا؛ فالمصري ليس مجرد رجل أعمال يحمل الجنسية السعودية، وينشغل بالعمل السياسي، بل هو أكبر رجل أعمال سعودي الجنسية، ويحمل الجنسية الأردنية، ومن أصل فلسطيني، ويدير البنك العربي صاحب التاريخ الكبير في فلسطين والأردن معا».
ولفتت الصحيفة إلى أن «المصري» كشف أمام أصدقاء أردنيين مؤخرا خطته بنقل استثماراته كلها أو معظمها للأردن، وأنه تحدث عن رغبته في أن يتقاعد وينهي حياته ويدفن في الأردن إلى جوار فلسطين.
وذكرت أن «المصري» صديق مقرب من العاهل الأردني الملك «عبد الله الثاني»، ومن رموز الدولة الأردنية، وبدأ يخطط فعلا لنقل فعاليات البنك العربي من الولايات المتحدة، وهو المصرفي ورجل الأعمال الذي تمكن بذكاء حاد قبل ثلاث سنوات من تطبيق برنامج «أردنة» البنك العربي.
وختمت الصحيفة بالتأكيد على المخاوف من سعي سعودي محتمل لإيذاء الاقتصاد الأردني، بعد استهداف ممثل الذراع المالية الأهم للقطاع المصرفي الأردني.