هاني زقوت - الخليج أونلاين-
تُعد كرة القدم "اللعبة الشعبية الأولى في العالم"، وتحظى بمتابعة جماهيرية جارفة نظراً لما تتضمنه من أحداث كروية، وإثارة وتشويق بلا حدود فوق "المستطيل الأخضر".
ولا تقتصر الإثارة على ما يدور فوق أرضية الميدان بل تمتد إلى مدرجات الجماهير، التي باتت في الفترة الأخيرة منصة حقيقية لإيصال أصوات المشجعين والأنصار حول ما يُثار من قضايا ساخنة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وتشتعل المنطقة العربية، منذ سنوات، بأحداث دراماتيكية متسارعة في سوريا والعراق واليمن وليبيا، أضيف إليها منذ شهور قليلة حصار قطر، الذي فرضته السعودية والإمارات والبحرين ومصر، فضلاً عن القضية الفلسطينية.
-القدس "حاضرة"
وتضامناً مع القدس رفع مشجعون في أحد ملاعب كرة القدم الجزائرية لافتة كبيرة تتضمّن صورة تجمع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، والعاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، وإلى جوارهما صورة للمسجد الأقصى، ما أثار غضب السلطات السعودية.
وتداول رواد مواقع التواصل والشبكات الاجتماعية، على نطاق واسع، صورة لجماهير كروية في الجزائر ترفع لافتة عريضة تُظهر الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وإلى جوارهما صورة لمسجد قبة الصخرة (إشارة إلى القدس)، مع وجود للعلم الفلسطيني، وذلك على هامش مباراة أقيمت في 16 ديسمبر 2017، وجمعت فريقي عين مليلة (شرق) ونادي غالي معسكر (غرب).
وكُتب تحت الصورة باللغة الإنجليزية "TWO FACES FOR THE SAME COIN"؛ أي "وجهان لعملة واحدة"، فضلاً عن عبارة أخرى باللغة العربية هي "البيت لنا والقدس لنا"، وذلك بعدما كشفت صحف عربية وغربية أن السعودية مهدت الطريق لترامب ووافقت سراً على خطوته تجاه القدس.
وفي 6 ديسمبر 2017، أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، اعتراف بلاده بـ"القدس عاصمة لإسرائيل"، كما وجه بالبدء فوراً بنقل السفارة الأمريكية من "تل أبيب" إلى المدينة المقدسة.
وأشعل قرار ترامب ثورة غضب حقيقية بالعالم الإسلامي، فضلاً عن الأحرار في كل بقاع الأرض، وضمنهم الرياضيون؛ إذ شهدت الدول العربية والإسلامية مسيرات ومُظاهرات ووقفات بأعداد جماهيرية غفيرة، مندّدة بقرار الرئيس الأمريكي، الذي وصفه البعض بأنه بمنزلة "وعد بلفور" ثانٍ؛ تزامناً مع الذكرى الـ100 للوعد المشؤوم للفلسطينيين.
وحفلت ملاعب "الساحرة المستديرة" في الدول العربية والإسلامية وحتى الأوروبية بسلسلة من الفعاليات واللفتات واللقطات، التي أظهرت وقوفاً قوياً خلف المدينة المقدسة، متحديةً في الوقت نفسه قرار ترامب الصارخ والمُنحاز تماماً إلى دولة الاحتلال.
-حصار قطر
وفي 17 يونيو 2017، تضامن أنصار النادي الأفريقي التونسي مع دولة قطر واستهجنوا حصارها من قبل بعض الدول الخليجية، وذلك بعدما رفعوا لافتات على هامش نهائي كأس تونس أمام اتحاد بن قردان، في المواجهة التي حضرها الرئيس التونسي، الباجي قايد السبسي.
ورفع أنصار الأفريقي لافتة عريضة كُتب عليها: "كرهناكم يا حكام! تحاصرون قطر وإسرائيل في سلام!!"، في إشارة -كما يقول ناشطون- إلى غضب الجماهير التونسية من الحصار الذي فرضته السعودية والإمارات والبحرين ومصر على الدوحة بزعم "دعم الإرهاب".
ونددت تلك الجماهير بوقوف بعض الحكام العرب في وجه دولة عربية "شقيقة" واتخاذهم موقفاً صارماً انتهى بفرض الحصار، علاوة على قطع العلاقات الدبلوماسية، بدلاً من أن تتخذ خطوات كهذه مع "إسرائيل"، التي تفرض حصاراً خانقاً على قطاع غزة منذ ما يزيد على 10 سنوات.
بدورها نفت قطر الاتهامات بـ"دعم الإرهاب" التي وجّهتها لها تلك الدول، وقالت: إنها "تواجه حملة افتراءات وأكاذيب وصلت حد الفبركة الكاملة؛ بهدف فرض الوصاية عليها، والضغط عليها لتتنازل عن قرارها الوطني والمساس بسيادتها".
-"أدغال أفريقيا" تتضامن مع قطر
كما تضامن أنصار المنتخب الجزائري لكرة القدم مع قطر وشعبها ضد الحصار المفروض عليهما؛ إذ رفعوا لافتة كبيرة تضامناً مع الدوحة، على هامش مباراة منتخب بلادهم الشهير بـ"محاربي الصحراء" أمام زامبيا على "استاد هيروز الوطني"، مطلع سبتمبر 2017، ضمن تصفيات القارة الأفريقية المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم، المقرّرة إقامتها في روسيا صيف العام المقبل.
وكتب على اللافتة الكبيرة: "نحن الجزائر الأبرار.. مع قطر الأحرار.. ضد تسلّط دول الحصار"، وأرفقت بالعلمين الجزائري والقطري، وتتوسط اللافتة صورة للمسجد الأقصى وعلم فلسطين.
رجالها ثوائر
— ndo7a (@ndo7a) September 2, 2017
و نسائها حرائر
وهذا إبنهم من الجزائر#نحن_الجزائر_الأبرار_مع_قطر_الأحرار
مشجع جزائري يرفع لافتة
ضد حصار قطر في مباراة
زامبيا pic.twitter.com/AWRCbV2e8x
ودأبت الجماهير الرياضية في دول المغرب العربي على إظهار تضامنها مع الدوحة واستنكارها لدول الحصار، سواء في الملاعب والصالات أو في مواقع التواصل والشبكات الاجتماعية.
-هرولة نحو "إسرائيل"
ومنذ وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى "البيت الأبيض"، بدأ الحديث يتصاعد حول علاقات غير علنية بدأت تطفو على السطح بين عدة دول عربية و"تل أبيب"، فضلاً عن زيارات لمسؤولين عرب إلى الدولة العبرية، وفقاً لتقارير غربية.
وبات مصطلح "صفقة القرن" يُطلق بكثافة في وسائل الإعلام العربية والعالمية، في ظل ما تكشفه بعض التقارير الغربية أن تسوية يتم إعدادها والترويج لها على قدم وساق؛ وذلك لوضع حل نهائي للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي في صفقة تشترك فيها الرياض مع واشنطن.
ووفقاً لتلك التقارير فإن ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، وكبير مستشاري البيت الأبيض، جاريد كوشنير، يتوليان مهمة إبرام "صفقة القرن" بالتعاون مع أطراف أخرى، وهو ما نفته السلطات السعودية في أكثر من مناسبة.
يقول ناشطون إن قمة القدس الطارئة، التي عُقدت في إسطنبول 13 ديسمبر 2017 بدعوة عاجلة من الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وحضرتها السعودية والإمارات بتمثيل متواضع، تطرح تساؤلات حول سبب غياب زعماء الرياض وأبوظبي لمناقشة قضية تحظى بإجماع تام من قِبل العرب والمسلمين في جميع أصقاع المعمورة "ما لم يكن هناك سيناريو يتم طبخه على نار هادئة"، وفقاً لهؤلاء.
وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، قد كشفت أن السعودية عرضت على الفلسطينيين "خطة سلام جديدة تتضمن اختيار ضاحية أبو ديس المجاورة لمدينة القدس المحتلة (شرقيها) لتكون عاصمة للدولة الفلسطينية بدلاً من القدس".