علاقات » عربي

العالم العربي.. سوقا كبيرا لصناعة السلاح العالمية

في 2017/12/22

علاء بيومي | العربي الجديد-

يفيد تقرير لمركز أبحاث الكونغرس الأميركي عن صادرات الأسلحة الأميركية للشرق الأوسط خلال السنوات الأخيرة بأن صفقات سلاح كبرى، وقعتها دول عربية، ساهمت في الحفاظ على خطوط إنتاج بعض أكبر شركات السلاح الأميركية سنوات، بعد أن كانت معرّضة للإغلاق المبكر بفعل تغير احتياجات الجيش الأميركي وتطور تكنولوجيا السلاح.

وذلك مثل خطوط إنتاج طائرات "إف-18" و"إف-15" في ولاية ميسوري، وخطوط إنتاج طائرات "إف-16" في ولاية جنوب كارولينا، وخطوط إنتاج صواريخ باتريوت في ولاية ماساشوستس.

ونتيجة لذلك، يعارض بعض أعضاء الكونغرس أي سياساتٍ من شأنها تعطيل صادرات السلاح الأميركية، كما ظهر أخيرا في اعتراض بعض الأعضاء على تجميد إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بعض المساعدات العسكرية لمصر.

لأن تلك القرارات سوف تؤدي، من وجهة نظرهم، إلى إلحاق الضرر بشركات السلاح الأميركية نفسها، والتي توظف حوالي مليون شخص، بالإضافة إلى ثلاثة ملايين آخرين، يعملون في أنشطة مساعدة، أو مرتبطة بتجارة السلاح.

وتمثل مبيعات السلاح الأميركية للخارج 20% من دخل شركات الأسلحة الأميركية، و6% من مجموع صادرات الولايات المتحدة، حيث تعد أميركا المصدر الأكبر للأسلحة في العالم.

ويذهب أكثر من نصف تلك المبيعات إلى الشرق الأوسط ودوله، وليست أميركا وحدها في ذلك، فأكثر من نصف صادرات الأسلحة البريطانية تذهب كذلك إلى دول المنطقة.

لذا تعد بعض الدول العربية من أهم زبائن شركات السلاح الدولية، فالسعودية مثلا هي ثاني أكبر مستورد للسلاح في العالم، حيث تنفق أخيرا حوالي 10% من دخلها القومي السنوي على شراء الأسلحة، فهي تستورد خلال السنوات الأخيرة ما يعادل 8.2% من مبيعات السلاح الدولية.

ويأتي بعدها في المركز الثالث دولة الإمارات، والتي استوردت 4.6% من صادرات السلاح الدولية من 2012 إلى 2016، متقدّمة على دولة كبرى كالصين، والتي حلت في المركز الرابع بواردات قدرها 4.5% من مجموع صادرات السلاح الدولية خلال الفترة نفسها، وفقا لإحصاءات معهد إستكهولم الدولي لأبحاث السلام، وهو من أهم المراكز الدولية المتخصصة في المتابعة الدورية لتجارة السلاح في العالم.

وبناء عليه، تحتل دول عربية مختلفة المكانة الأولى بين مستوردي الأسلحة لدى بعض أكبر الدول المصدرة للسلاح في العالم، فالسعودية أكبر مستورد للسلاح الأميركي (13% من مجموع الصادرات الأميركية)، تليها الإمارات (8.7%) بين 2012 و2016.

وخلال الفترة نفسها، احتلت مصر المرتبة الأولى وسط مستوردي الأسلحة الفرنسية (19% من إجمالي صادرات السلاح الفرنسي)، وحلت الإمارات في المرتبة الثالثة (9.1%).

وتعد السعودية أيضا أكبر مستورد للأسلحة البريطانية (48% من إجمالي صادرات الأسلحة البريطانية)، وهي أيضا أكبر مستورد للأسلحة السويسرية (20%)، أما الإمارات فهي ثاني أكبر مستوردي الأسلحة الإيطالية (11% من إجمالي صادرات الأسلحة الإيطالية)، وثاني أكبر مستوردي الأسلحة السويدية (13%).

وتفيد الإحصاءات بأن صادرات الأسلحة إلى المنطقة زادت بنسبة 86% من 2012-2016 مقارنة بالسنوات الخمس السابقة لها، وذهبت 28% من تلك الصادرات إلى السعودية، و16% منها إلى الإمارات، وحلت تركيا في المركز الثالث بنسبة 11%.

وخلال عام 2016، أنفقت عُمان 16.7% من دخلها القومي على شراء الأسلحة، تلتها السعودية والتي أنفقت 10.4% من دخلها على الغرض نفسه، ثم الكويت (6.5%)، فالعراق (4.8%)، والأردن (4.5%).

وخلال زيارة الرئيس ترامب العربية السعودية في مايو/ أيار الماضي، تم الإعلان عن خطط لصادرات أسلحة أميركية إلى السعودية تقدر بحوالي 110 مليارات دولار، من بينها صفقات جديدة تقدر بحوالي 85 مليار دولار، لم يسبق أن ناقشتها المملكة مع إدارة الرئيس السابق، باراك أوباما، وقد أنفقت المملكة 120 مليار دولار على شراء أسلحة من الولايات المتحدة منذ عام 2009.

وخلال عام 2016، نظرت الإدارة الأميركية في اتفاقات أسلحة دولية، تقدر بحوالي 49 مليار دولار، يرتبط 78% منها بدول الشرق الأوسط، وزادت قيمة تلك الاتفاقات إلى 75 مليار في العام الحالي، تربط 52 مليار منها بصفقات في المنطقة. وتفيد إحصاءات أميركية بأن دول المنطقة أنفقوا سنويا أكثر من 25 مليار دولار على شراء الأسلحة الأميركية منذ عام 2011.

ورغم كل هذا الإنفاق، لا تمتلك أي دولة عربية تفوقا نوعيا في أسلحتها على إسرائيل، فالقوانين الأميركية نفسها تضمن لإسرائيل "القدرة على مواجهة وهزيمة أي سلاح تقليدي (تمتلكه أي دولة في المنطقة) بأقل قدر من الخسائر والضحايا باستخدام أسلحة أفضل".

وعادة ما تعترض إسرائيل على تصدير أسلحة أميركية متطورة إلى أي دولة عربية، كما هو الحادث أخيرا في اعتراضها على تصدير طائرات إف-35 إلى الإمارات، ومن المتوقع ألا تتم الصفقة لسنوات بسبب الفيتو الإسرائيلي، ولضمان استمرار تفوق إسرائيل النوعي.

ولا تتفوق إسرائيل على العرب في نوعية الأسلحة فقط، بل تتفوق عليهم في أمور إضافية، مثل أن إسرائيل المستقبل الأكبر للمساعدات الأميركية في العالم، فمن المنتظر، ووفقا لأحدث الاتفاقات بين أميركا وإسرائيل، أن تحصل الأخيرة على مساعدات أميركية تقدّر بحوالي 38 مليار دولار من 2019 وحتى 2028.

وتعد إسرائيل الدولة الوحيدة التي تسمح لها الولايات المتحدة بأن تستخدم مساعداتها المالية في تطوير صناعاتها العسكرية المحلية، ما يوفر لها عنصر تفوق إضافيا على العرب في مجال الأسلحة والتسلح، حيث تعد إسرائيل حاليا عاشر أكبر مصدر للأسلحة في العالم، بما يعادل 2.3 % من مجموع صادرات الأسلحة الدولية.

وقد صدرت إسرائيل من 2008 إلى 2015 أسلحة بحوالي 12 مليار دولار، وتذهب حوالي 41% من صادرات الأسلحة الإسرائيلية إلى الهند، كما نمت صادرات الأسلحة الإسرائيلية بنسبة 16% خلال عام 2016 عن العام السابق له.

ومن المتوقع أن تستمر واردات الأسلحة العربية في الزيادة بمعدلات عالية خلال السنوات المقبلة، فدول كالعراق اشترت أسلحة أميركية بحوالي 28 مليار دولار منذ عام 2011، بسبب مشكلاتها الداخلية.

وحتى الآن لم تتمكن دولة كإيران من الدخول بقوة في سوق الأسلحة الدولية، بسبب العقوبات المفروضة عليها، وهو أمر سوف تسعى إليه إيران بقوة في الفترة المقبلة مع تراجع العقوبات، ما سيرفع من وتيرة سباق التسلح الإقليمي بفعل الصراعات الإقليمية.

كما رفعت دولة قطر من استيرادها الأسلحة بمعدلات ضخمة خلال السنوات الخمس الأخيرة، حيث اشترت في عام 2014 أسلحة أميركية بحوالي 10 مليارات دولار، وفي 2015 وقعت صفقات أسلحة بحوالي 17 مليار دولار مع أميركا وفرنسا، وفي مايو/ أيار 2017 وافقت على عرض لشراء 36 طائرة أميركية من طراز إف-15 بقيمة 12 مليار دولار.

وتبدو قطر في سعي حثيث إلى رفع قدراتها العسكرية في ظل ما تتعرّض له من ضغوط إقليمية.

وهكذا تبدو المنطقة، وقد تحولت خلال السنوات الأخيرة إلى سوق كبير للأسلحة الدولية، تستوعب ثلث مبيعات الأسلحة في العالم.

مع ذلك، لا تضمن تلك الأسلحة تفوّق الدول العربية على دولة صغيرة كإسرائيل، ولا تمكّنها من تطوير صناعتها العسكرية، أو التحول نحو التصدير، حيث تذهب المليارات المنفقة على التسلح نحو تغذية صراعات إقليمية، مثل حرب اليمن، أو في دعم الصورة الداخلية لأنظمة استبدادية.

ويوضح تقرير لمركز أبحاث الكونغرس أن صادرات الأسلحة الأميركية إلى المنطقة باتت تعد أداة رئيسية للسياسة الأميركية تضمن بها النفوذ والتأثير في ظل تراجع أهمية المنطقة في هذه السياسة، وتراجع الولايات المتحدة عن لعب دور سياسي وعسكري أكبر بها.