وكالات-
كشفت مصادر مطلعة أن السعودية أصبحت منذ مايو/أيار وأغسطس/آب الماضيين تحديدا، تؤدي دور محاولة إقناع المعارضة السورية بالاستسلام التام للنظام من خلال الترويج الرسمي لرؤية روسيا لكيفية إنهاء الحرب السورية.
وبحسب صحيفة «العربي الجديد»، يحصل ذلك من خلال الترويج السعودي لحتمية بقاء «بشار الأسد» في الحكم، بموجب ما قاله وزير الخارجية السعودي، «عادل الجبير»، للمنسق المستقيل للهيئة العليا للتفاوض، «رياض حجاب»، في صيف العام الماضي، أو عبر دفع «الجبير» إياه، المعارضة السورية، باتجاه المشاركة في مؤتمر سوتشي المقرر في نهاية الشهر المقبل.
وبات من المعروف أن هذا المؤتمر، يترجم الرؤية الروسية ــ الإيرانية، بموافقة تركية، على إنهاء الحرب السورية بما يعيد سوريا ربما إلى ما قبل مارس/آذار 2011، أي ببقاء «الأسد» في الحكم واتخاذ خطوات طفيفة تجميلية لإتاحة ديمومة النظام، من خلال تعديل الدستور وإجراء انتخابات معروفة النتيجة سلفاً وربما إشراك شخصيات من خارج النظام في السلطة التنفيذية.
وفي هذا السياق يندرج الكلام الذي نقله «نمرود سليمان»، وهو أحد أعضاء منصة موسكو التي تصف نفسها بأنها معارضة، بينما مواقفها موالية للغاية لنظام «الأسد»، عن لقاء «الجبير»، يوم الأحد، في الرياض، مع وفد الهيئة العليا للمفاوضات، برئاسة «نصر الحريري».
وبحسب المعلن من «سليمان»، المعروف بتبنيه الرواية الروسية عموما للحدث السوري، لوكالة «سبوتنيك» الروسية التي تمثل آلة البروباغاندا الحكومية في موسكو، فإن «الجبير» أشاد بشكل لافت بالموقف الروسي من الأزمة السورية، وحث «الحريري» على «الانفتاح على روسيا» والمشاركة في مؤتمر سوتشي، مع كلام سعودي معروف عن كيف أن «الحل العسكري» مضر، وكأن الخيار الحربي الذي يتحدث عنه «الجبير» نفسه كان خيار المعارضة لا النظام الذي انقضّ على الثورة السلمية وحولها إلى حرب أهلية.
وكان الموقف السعودي المتحول إزاء القضية السورية، لناحية تسليم روسيا مفاتيح الملف، قد بدأ يترجم من خلال التسجيل الصوتي الذي يُسمع فيه الملك «سلمان بن عبد العزيز»، يقول للرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»، على هامش القمة الإسلامية ــ الأمريكية في الرياض، في مايو/أيار الماضي، ما مفاده أن «السوريين دمروا بلدهم» من دون أي إشارة منه إلى النظام السوري أو تحديد من المسؤول عن هذا التدمير الذي يتحدث عنه.
ثم حل شهر أغسطس/آب الماضي، حين زار «الجبير» مقر الهيئة العليا للمفاوضات السورية، في الرياض، ليجتمع إلى «رياض حجاب»، ويلمح له إلى أن «الأسد» باقٍ وأن الدول الكبرى تسير في هذا الخيار، وبالتالي قدم الجبير «نصيحة» فهمها كثيرون على أنها تهديد سياسي للمعارضة، بضرورة التخلي عن شرط الإطاحة بـ«الأسد» في المفاوضات السياسية.
ومنذ ذلك التاريخ، بدأت الضغوط السعودية تزداد على المعارضة السورية، تحت عنوان «توحيد المعارضة السورية».
وقبل أيام، أشاد المبعوث الروسي الخاص للرئيس الروسي في سوريا «ألكسندر لافرنتييف»، بتغير موقف السعودية «غير المنضبط»، تجاه حكومة «بشار الأسد» في سوريا.
وقال إن الرياض وغيرها من الدول، غيرت في الوقت الحالي موقفها «غير المنضبط» تجاه الحكومة المركزية في سوريا.
وكانت مصادر كشفت قبل شهرين لـ«الخليج الجديد»، أن السعودية أبلغت فصائل المعارضة الموالين لها أن عليهم الاستجابة للرؤية المصرية، وهو ما يعني عمليا الانسحاب من التعهدات السابقة بإسقاط «بشار الأسد» ودعم المعارضة إلى أبعد مدى.
وفي السياق ذاته، أكد اللواء متقاعد مدير مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية في جدة «أنور عشقي»، في تصريحات صحفية أن الدور السعودي تجاه المسألة السورية يسعى بالدرجة الأولى إلى «التركيز على وحدة الكيان السوري»، ويدعم «الالتزام بقرارات جنيف وتحقيق السلام على الأراضي السورية»، وكذلك يدعم أن يكون هناك «حوار سياسي بين مختلف فصائل وقوى المعارضة السورية في ظل الخلاف والقتال المستمر بينهم».
ويرى «عشقي» أن السعودية تراقب ما ستؤول إليه الأمور من اتفاقيات وتحركات في أستانة لتحقيق تسوية بين ممثلي النظام السوري وعدد من قادة فصائل المعارضة السورية برعاية روسية - تركية.
ويؤيد الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي»، بقاء «الأسد» في الحكم خوفا من انهيار سوريا، والعواقب التي يمكن أن تحدث أيضا في مصر، في وقت فشلت فيه السعودية، في الحسم العسكري أو السياسي بسوريا.
ومنذ العام الماضي، تزايدت وتيرة الدعم الذي تقدمه القاهرة لـ«الأسد»، وسط تقارير تتحدث عن الانخراط المصري في القتال إلى جانب قوات النظام السوري.