علاقات » عربي

تدخل الإمارات جويا يسقط عدن في قبضة «الانتقالي الجنوبي»

في 2018/02/01

وكالات-

قبل مرور أقل من 72 ساعة من الاشتباكات الضارية، بالأسلحة الثقيلة، باتت العاصمة المؤقتة للحكومة الشرعية في اليمن، تحت سيطرة قوات ما يسمى بـ«المجلس الانتقالي الجنوبي»، المدعومة من الإمارات.

أجواء الحرب خيمت على المدينة التي أغلقت فيها أبواب المدارس والجامعات والمتاجر، بعد اندلاع اشتباكات، جراء منع القوات الحكومية أنصار «المجلس الانتقالي الجنوبي» من دخول المدينة والمشاركة في تجمع للانفصاليين، انتهت بضربة سياسية وعسكرية للرئيس اليمني «عبدربه منصور هادي»، بإقالة حكومته والاعتراف بالمجلس شريكا للتحالف.

ومنذ صباح الأحد الماضي، تشهد مدينة عدن، التي تتخذها الحكومة الشرعية عاصمة مؤقتة للبلاد، اشتباكات بمختلف أنواع الأسلحة، بين قوات الحماية الرئاسية الموالية للحكومة وقوات تابعة لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي»، الذي يطالب بالانفصال وإقالة حكومة «أحمد عبيد بن دغر»، مرجعا سبب ذلك لإخفاقها بتوفير الخدمات.

ووفق بيانات رسمية، أسفرت الاشتباكات عن سقوط 36 قتيلا و190 جريحا، إضافة لتسببها بتعطل الملاحة في مطار عدن الدولي، وشلل في الحياة العامة.

تحول لافت

مع سيطرة القوات المدعومة إماراتيا على نحو 90% من المدينة، جاء سقوط اللواء الرابع مدرع حرس جمهوري، آخر الألوية الرئاسية، كنقطة تحول في سقوط عدن بشكل نهائي في يد «المجلس الانتقالي الجنوبي»، ما يعني أن الرئيس «هادي» فقد عاصمته المؤقتة، لحين إشعار آخر.

وجراء تلك التطورات المتسارعة، قرر رئيس الحكومة اليمنية «بن دغر» استباقا لإقالته ووزرائه، مغادرة عدن بعدما تمكنت قوات المقاومة الجنوبية من بسط سيطرتها الكاملة على المدينة الساحلية ومحاصرة قصر الرئاسة.

ونقلت وكالة «أسوشيتد برس» عن مسؤولين أمنيين، أن «رئيس الوزراء بن دغر وعددا من وزرائه يستعدون لمغادرة عدن إلى الرياض»، دون أن يتضح على الفور كيف سيتم ذلك من القصر المحاصر لكنه يحظى بحماية قوة سعودية من قوات التحالف العربي كرابطة بداخله.

وتتلقى قوات الحكومة «الحماية الرئاسية» التابعة للرئيس اليمني دعما عسكريا من التحالف العسكري في اليمن بقيادة السعودية، بينما تدعم الإمارات، المشاركة في نفس التحالف، قوات الانفصاليين، وسط تقارير عن دعم جوي إماراتي حسم معارك عدن، وهو ما اعتبره مراقبون «انقلابا إماراتيا على السعودية في اليمن».

وتهدد تلك الاشتباكات بشل جهود الدولتين اللتين توحدتا فيما مضى لمحاربة «الحوثيين» المدعومين من إيران.

وأعلن سفير السعودية لدى اليمن، «محمد آل جابر»، في ساعة مبكرة من صباح اليوم، أن التحالف العربي سيتخذ كافة الإجراءات اللازمة لإعادة الأمن والاستقرار في عدن، مطالبا في تغريدة على حسابه بموقع «تويتر»، بسرعة إيقاف جميع الاشتباكات فورا وإنهاء جميع المظاهر المسلحة في عدن.

ودعت الداخلية اليمنية، التحالف العربي للتدخل سريعا ضد ممارسات «المجلس الانتقالي الجنوبي» في عدن، وقالت إنها لن تقف مكتوفة الأيدي، وستقوم بما يسمح لها به القانون في الدفاع عن النفس.

انقلاب إماراتي

ويقول مراقبون إن الخطوة الإماراتية جاءت لوقف تمدد نفوذ حزب «التجمع اليمني للإصلاح» المحسوب على جماعة «الإخوان»، وذلك ضمن التقدير الإماراتي العام لخطورة عودة جماعة «الإخوان المسلمون» إقليميا لممارسة دور سياسي بالمنطقة، بالإضافة إلى رغبة محمومة من أبوظبي في تقوية نفوذها بالمدينة الساحلية، والسيطرة على ميناءها الذي يعتبر النافذة لكافة المحافظات اليمنية، وسط صمت مريب من الرياض، أو ربما عجز ميداني عن فرض إرادتها على أرض الواقع.

وفي محاولة لانقاذ الموقف، استدعت قيادة التحالف العربي قيادات في الحكومة اليمنية و«المجلس الانتقالي الجنوبي» إلى مقرها في مديرية البريقة بمحافظة عدن جنوب اليمن، لمناقشة التطورات الخطيرة، التي تشهدها المدينة منذ الأحد الماضي.

ووفق مصادر، وصلت قيادات من الطرفين إلى مقر قيادة قوات التحالف، للتفاوض بشأن عدة نقاط، وهو ما انتهى إلى عدة نتائج، تقضي بـ«انتشار قوات الحزام الأمني في كافة أرجاء عدن وحمايتها، وإقالة حكومة بن دغر وتشكيل حكومة كفاءات».

ووفق مسودة الاتفاق التي نشرتها وكالة «سبوتنيك» الروسية، «يعتبر المجلس الانتقالي الجنوبي كيانا سياسيا ممثلا عن الشعب الجنوبي وقضيته وشريكا مع التحالف العربي، وللمجلس أن يقترح محافظين ووزراء لإدارة محافظات الجنوب تصدر بهم قرارات من الرئيس هادي». 

وتضمن الاتفاق: «تشرف قوات التحالف العربي (طرف الإمارات) على إعادة تقسيم وتحديد المعسكرات ودمجها مع بعضها وتشكيل نواة جيش وطني جنوبي ذات مهام أمنية وعسكرية محددة ولا دخل له بأي خلافات سياسية، كما يشرف التحالف العربي (طرف الإمارات) على إعادة الحياة لعدن وجبر الضرر لشهداء أحداث عدن الأخيرة من الطرفين والإشراف على ملف الخدمات بالتعاون مع المجلس الانتقالي وحكومة الكفاءات».

ويسعى الانفصاليون إلى إنشاء دولة اليمن الجنوبي التي كانت موجودة قبل الوحدة في عام 1990، وقد ساعدوا القوات الحكومية في حربها على المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، ولكن خلافات نشبت بين الطرفين في الفترة الأخيرة.

وكان «بن دغر» اتهم الانفصاليين بقيادة انقلاب في عدن، داعيا دول التحالف العسكري، وخصوصا السعودية، إلى التدخل «لانقاذ الوضع في المدينة».

ويقود محافظ عدن اللواء «عيدروس الزبيدي»، المقرب من الإمارات، الحركة الانفصالية في الجنوب.

وفي 12 مايو/أيار الماضي، شكل الانفصاليون سلطة موازية «لإدارة محافظات الجنوب وتمثيلها في الداخل والخارج» برئاسته.

وهناك خلاف غير معلن بين المملكة العربية السعودية والإمارات بسبب التطرف الإماراتي تجاه الشرعية اليمنية والدفع بالأمور في الجنوب نحو التعقيد بتشجيع الإنفصاليين المقربين منها للقيام بخطوات انفصالية.

وتحاول الإمارات ضمان بقاء ثابت ومستدام لنفوذها على باب المندب، الممر المائي الاستراتيجي، حيث تسعى لضمان أن تكون أي سلطة في جنوب اليمن موالية لها، كما أنها تسعى لتعزيز تواجدها في جزيرتي سقطرى وميون اليمنيتين، اللتين تتحكمان في مضيف باب المندب.