علاقات » عربي

تقرير خليجي يثير عاصفة بعد كشفه علاقة الرياض السريّة بـ"تل أبيب"

في 2018/03/14

يوسف حسني - الخليج أونلاين-

أثارت المعلومات التي كشفها موقع "الخليج أونلاين" مؤخراً؛ عن وجود لقاءات سرية بين مسؤولين سعوديين وآخرين إسرائيليين، ضجّة كبيرة خلال الأيام الماضية، بعدما نقلت وسائل إعلام عربية وعبرية وعالمية هذه المعلومات، ما حدا برئيس وزراء الاحتلال إلى تأكيدها، في حين لم يصدر تعليق سعودي رسمي حتى الآن.

ويوم الجمعة 9 مارس 2018، كشف "الخليج أونلاين" تطوّراً قد يكون الأول من نوعه في العلاقات بين الرياض و"تل أبيب"؛ وهي علاقات لم يكن مسموحاً حتى بمناقشة إمكانية تناميها إلى فترة ليست بعيدة، قبل أن تنقلب دفة السياسة السعودية رأساً على عقب مع استلام ولي العهد، محمد بن سلمان، زمام الأمور.

وأكّد مسؤول بارز في السلطة الفلسطينية لـ "الخليج أونلاين" أن أحد فنادق العاصمة المصرية القاهرة استضاف، أوائل مارس الجاري، لقاءً بين مسؤولين من الرياض وآخرين من سلطة الاحتلال على طاولة نقاش واحدة، وبحضور مسؤولين مصريين رفيعي المستوى.

وقال المسؤول الفلسطيني إن القاهرة ترعى لقاءات سرية بين الرياض و"تل أبيب"، وإنها احتضنت أكثر من لقاء ثلاثي (إسرائيلي- مصري- سعودي) خلال الفترة الأخيرة. وقد ناقشت هذه اللقاءات كل ما يتعلّق بـ "صفقة القرن" الأمريكية وإمكانيّة تمريرها، رغم رفض الفلسطينيين التعامل معها.

ويبدو أن ما كشفه "الخليج أونلاين" كان خافياً حتى على وسائل الإعلام القريبة من طرفي اللقاءات، وهو ما أكّده تناقل وسائل إعلام عبرية وعربية هامة لهذه المعلومات مع الحرص على نسبتها لمصدرها.

ورصد فريق "الخليج أونلاين" تفاعلاً كبيراً من وسائل التواصل الاجتماعي ومجموعات "واتساب" مع تقريره الحصري، فضلاً عن تنفيذ عدة حلقات تلفزيونية في عدة قنوات لمناقشة التقرير وتداعيات التقارب الإسرائيلي السعودي على الوضع العربي عموماً وعلى قضية فلسطين خصوصاً.

CaptureDE

dddddddddddddddd

- تفاعل واسع

الإعلام العبري نقل عن "الخليج أونلاين" هذه المعلومة وبنى عليها سلسلة أخبار وتقارير، كما تحدّث صحفيون معروفون عن فحوى المعلومات التي تم الكشف عنها.

صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية قالت إن ثمة مؤشرات ترجّح وجود علاقات ولقاءات سرية إسرائيلية سعودية دون وجود اتفاقية سلام بين الجانبين، وهو ما أطلقت عليه "قصة غرام"، والتي قالت إن عصبة سرية صغيرة ومغلقة في الجانبين هي الملمّة بتفاصيلها.

وأشار تقرير للصحفيّة الإسرائيلية المختصّة بالشؤون العربية، سمدار بيري، إلى تغريدة رئيس الوزراء القطري السابق، الشيخ حمد بن جاسم، التي نشرها تعليقاً على تقرير "الخليج أونلاين"، وألمح فيها إلى "لقاءات سرية بين مسؤولين إسرائيليين وسعوديين، وعلى رأسهم ولي العهد محمد بن سلمان".

وقالت الصحيفة إن الشبكات الاجتماعية تنفجر بتقارير عن اتصالات جارية بين الرياض "وتل أبيب"، وعما تحقّق بين الطرفين من اتفاقات خلف الأبواب الموصدة.

وتأكيداً لما انفرد به "الخليج أونلاين"، أشارت الصحيفة إلى أن وفداً إسرائيلياً هبط في القاهرة، الأسبوع الماضي، والتقى وفداً سعودياً رفيع المستوى بوساطة مصرية"، مضيفة: "ما الذي نعرفه حقاً عما يجري خلف الكواليس بين إسرائيل ورجال ثقة وليّ العهد السعودي؟ لا شيء على الإطلاق".

وأوضحت أن هناك "المزيد من الأدلة على أن هناك شيئاً يجري طبخه على نار هادئة؛ فقبل يوم من زيارة ولي العهد السعودي لمصر، حرص عبد الفتاح السيسي على قطع كل الأعشاب القانونية التي كان من شأنها أن تعرقل نقل جزيرتي تيران وصنافير إلى السيادة السعودية".

كما أشارت إلى أن بنيامين نتنياهو "لم يصبر"، وأطلق تلميحاً شديد الوضوح عن الوعود التي تلقّاها (من السعوديين) حول حرية الملاحة في البحر الأحمر"، مؤكّدة أن "إسرائيل توجد عميقاً في رؤية بن سلمان الاقتصادية، وأن الحديث لم يعد عن شرم الشيخ وخليج العقبة الأردني فقط، بل هناك وعود بضمّ إيلات إلى مخططات التنمية الطموحة".

وفي دليل آخر على أن شيئاً ما يحدث، استشهدت الصحيفة العبرية بما حدث للناشطة الاجتماعية السعودية نهى البلوي، التي أعلنت عبر مقطع فيديو معارضتها الشديدة للتطبيع مع "إسرائيل"، حيث "تم اعتقالها في اليوم التالي بتهمة التسبّب بضرر لمصالح المملكة".

الاهتمام بما كشف "الخليج أونلاين" النقاب عنه لم يقف عند "يديعوت أحرونوت"، فقد تخاطفت مواقع أخرى الخبر، ومن بينها موقع "تايمز أوف إسرائيل"، والقناة العاشرة العبرية، وقناة "الجزيرة الإخبارية"، بالإضافة إلى مواقع وقنوات في لبنان وفلسطين.

Capture

- ردود فعل متباينة

وبعد ثلاثة أيام من انفراد "الخليج أونلاين"، أكّد نتنياهو وجود علاقات بين إسرائيل ودول عربية خليجية، لم يسمّها، وأن تغيّراً جذرياً طرأ على هذه العلاقات.

وقال في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" الأمريكية، الأحد 11 مارس 2018، إن المخاوف من إيران التي تمتلك أسلحة نووية وتسعى لغزو الشرق الأوسط بأكمله، وتبدّد مخاوف بعض العواصم الخليجية من تل أبيب، وإدراكها بأن الأخيرة حليف حيوي وليس مصدر تهديد، ساعد على تقارب هذه العواصم مع "إسرائيل".

وعلى الجانب السعودي، لم يخرج من الدائرة الرسمية من ينفي أو يؤكد هذه المعلومات بشكل قاطع، غير أن مسؤولين وصحفاً معروفة بدعمها لولي العهد السعودي وللتطبيع مع دولة الاحتلال عمدت إلى الهجوم على من قام بكشف اللقاءات السرية كوسيلة للدفاع عمن يرتكبها.

مسعود القحطاني، وهو مستشار كبير في قصر الحكم السعودي، ردّ على تغريدة وزير خارجية قطر الأسبق بتغريدة حاول فيها اتهام الدوحة بتبنّي فكرة التقارب مع "إسرائيل"، مذكّراً بزيارة رئيس دولة الاحتلال السابق، شيمون بيريز، إلى قطر، في تسعينيات القرن الماضي.

لكن القحطاني، الذي أسرف في استخدام الكنايات حتى يلصق تهمة صناعة الدفء مع دولة الاحتلال بقطر، لم يتحدّث من قريب ولا من بعيد عما كشفه "الخليج أونلاين"، رغم أن منصبه يسمح له بتأكيد حدوث هذه اللقاءات السرية أو نفيها، لكنه لم يفعل، واكتفى بالهجوم على الإعلام القطري.

55998bb1c4618837168b458b

- نأي بإسرائيل عن الكذب

صحيفة "إيلاف" السعودية، التي تحوّلت مؤخراً إلى نافذة سعودية لتقديم رؤية ووجهة نظر مسؤولي الاحتلال، وخاصة فيما يتعلّق بحصافة وحنكة محمد بن سلمان، سارعت لاتهام "الخليج أونلاين" بـ "العمل على دقّ الأسافين بين الخليجيين وبعضهم عبر نشر أخبار كاذبة".

ولم تقف الصحيفة -التي لم تأتِ بنفي رسمي أو شخصي حتى لما تم الكشف عنه- عند حدّ اتهام "الخليج أونلاين" بـ "الكذب"، بل نشرت مقالة، يوم الاثنين 12 مارس 2018، تساءلت فيها: "كيف يتم إقحام الصحافة الإسرائيلية والمعروفة بمهنيّتها ومصداقية أخبارها إلى هذا المنزلق في الخلافات العربية العربية؟".

المثير في تناول "إيلاف" للأمر أنها -وقبل تأكيدها "مصداقية الصحافة العبرية" بأربع فقرات- اتّهمت الصحف والمواقع التي تناقلت أخبار التقارب السعودي الإسرائيلي عن موقع "تايم أوف إسرائيل" بأنها "تثق في صحافة الاحتلال ولا تكذّبها".

ورغم ادعاء الصحيفة بأن وزارة الخارجية السعودية نفت ما تناقلته الصحف عن "الخليج أونلاين"، فإن زيارة الصفحة الرسمية للوزارة على الإنترنت تؤكّد عدم صدور أي بيان بهذا الشأن، بل إن موقع "إيلاف" نفسه لا يوجد به ما يؤكد هذا الادعاء.

ويأتي كشف "الخليج أونلاين" في ظل تقارب شديد ولقاءات وانفتاح غير مسبوقين بين الرياض و"تل أبيب"، حيث شهدت الشهور الأخيرة لقاءات بين رموز سعودية وحاخامات يهود في أوروبا، فضلاً عن حملات الترويج للتطبيع التي لا تتوقّف على مواقع التواصل، إضافة إلى فتح صحافة المملكة ذراعيها واسعتين لطرح أحاديث مسؤولي الاحتلال.

291335

كما شهدت الفترة الأخيرة تلميحات صادرة من مسؤولين إسرائيليين كبار عن وجود علاقة ناشئة مع المملكة، ومع ذلك فإن مستوى هذه العلاقات ما يزال سرياً، وإن كانت "صفقة القرن" عنوانها الأبرز.

وفي 3 مارس الجاري، تحدّثت صحيفة "البايس" الإسبانية عن أن العديد من المصادر الإسرائيلية أشارت إلى التقارب السعودي الإسرائيلي في مجالات مختلفة؛ على غرار اللقاءات المنتظمة بين جيش الاحتلال الإسرائيلي والجيش السعودي.

وكان وزير الاستخبارات الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، دعا ولي العهد محمد بن سلمان، إلى زيارة "إسرائيل"؛ على اعتباره زعيماً للعالم العربي، بحسب صحيفة "إيلاف" السعودية.