القدس العربي-
تسعى الإمارات إلى إنشاء دويلة انفصالية جديدة جنوب ليبيا، مستغلة الإغراءات المالية لقبائل الجنوب، والنفوذ السياسي والعسكري.
هكذا، رأت صحيفة «القدس العربي»، في افتتاحيتها، الجمعة، عقب إعلان ترشح سفير ليبيا السابق في الإمارات «عارف النايض» لرئاسة البلاد، لافتة إلى أنها محاولة سياسية من أبوظبي للسيطرة على الدولة الأفريقية، بعدما وصل التحرك العسكري الذي دعمته بقيادة الجنرال «خليفة حفتر» إلى حدوده الجغرافية والسياسية الممكنة القصوى.
إحياء دعوات الانفصال
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الترشح «محاول لتمكين الإمارات بالانتخابات، ما لم تتمكن من الحصول عليه بسلاح حفتر».
وقالت: «إضافة إلى هذه النقلة المحسوبة، فإن أبو ظبي تعمل على سكّة ثالثة تتشارك على تنفيذها عمليّة عسكرية للجنرال حفتر باتجاه الجنوب الليبي، وعملية سياسية يقودها رئيس الوزراء الأسبق علي زيدان لإقناع قبائل الجنوب بتشكيل حكومة انفصالية يرأسها، مع إغراءات بدعم ماليّ إماراتي كبير ومشاريع عملاقة في جنوب ليبيا».
ولفتت إلى أن «عملية فرض القانون في جنوب ليبيا التي يقودها حفتر، ستحاول تطبيق سيناريو السيطرة على الهلال النفطي التي جرت العام الماضي، وهو ما يستلزم غارات جويّة، يُتوقع أن يشارك فيها الطيران الإماراتي والمصري».
وفي وقت سابق، كشف موقع «ميدل إيست آي» البريطاني عن مجموعة من التسجيلات المسربة، تؤكد تورط سلاح الجو الإماراتي في تنفيذ ضربات جوية في ليبيا؛ دعما لـ«حفتر» ضد الجماعات المسلحة المنافسة له شرقي البلاد.
وأضافت الصحيفة: «أما خطة ترئيس زيدان على حكومة فزان، فقوامها الوعود الخلّبية وبعث الاتجاه الانفصالي القديم في فزان عن الدولة الليبية».
وبحسب الصحيفة، فإن هذه الخطط تكشف عن تحوّل الشخصيات السياسية والعسكرية الليبية، من الجنرال «حفتر»، إلى «النايض» و«زيدان»، إلى كومبارس في مسرحية عسكرية سياسية تقودها الإمارات، مع مساندة إقليميّة مصرية، ومساندة دولية فرنسية.
مواجهة الثورات
كما أنها تكشف أن خطط الإمارات للسيطرة السياسية والعسكرية على ليبيا تخدم عدّة أهداف، أولها هو تكريس منظومة الاستبداد الأمني العربي، والإغلاق النهائي لفصل الثورات العربية، ووأد أي أحلام شعبية عربية في مجتمعات مدنية ديمقراطية، لا يحكمها تحالف العسكر والأمن، وحيتان الرساميل والأعمال الفاسدة، حسب الصحيفة.
وأضاف: «تتعامل الإمارات مع هذا الهدف السياسيّ الذي يعني، عمليّاً، تدمير المستقبل العربيّ على أنه، في الوقت نفسه، مجال استثماري خاصّ بها، ويفترض أن يعود عليها بأرباح مجزية، فمعلوم أن النفوذ السياسي يمكن صرفه على شكل أنواع من الاحتكار الاقتصادي والاستحواذ على الثروات الطبيعية، ووضع اليد على موانئ ومناطق جغرافية استراتيجية».
وتساءل: «كيف تستقيم الوعود البراقة بالمشاريع السياحية والتجارية الضخمة مع الخطط العسكرية لغارات جوية مكثّفة على حواضر الجنوب الرافضة للتقسيم، فهو سرّ محفوظ لا أحد يستطيع حلّه سوى أحبار السياسة الإماراتيين».
وبرزت الإمارات كداعم لـ«حفتر» في ليبيا منذ أوائل 2015 سياسياً وعسكرياً، على الرغم من ترحيبها بوصول الأطراف الليبية إلى اتفاق سلام أفضى إلى تشكيل حكومة وفاق وطني.
و«حفتر» مثله مثل «محمد بن زايد» معروف بمعاداته للإسلام السياسي، كما أن الرجل معروف بتاريخه الواسع في الانقلابات، ومن بينها الانقلاب الذي أتى بـ«معمر القذافي» إلى سدة الحكم في ليبيا عام 1969، قبل أن يحاول الانقلاب عليه لاحقا في أكثر من مرة.
ومنذ أن أطاحت ثورة شعبية بالعقيد «معمر القذافي»، عام 2011، تتقاتل في ليبيا كيانات مسلحة متعددة، وتتصارع حاليا ثلاث حكومات على الحكم والشرعية.
اثنتان من تلك الحكومات في العاصمة طرابلس (غرب)، وهما الوفاق (المعترف بها دوليا)، والإنقاذ، إضافة إلى الحكومة المؤقتة في مدينة البيضاء (شرق)، المنبثقة عن مجلس النواب في طبرق، التابعة له قوات «خليفة حفتر».