علاقات » عربي

حرب السماء تشتعل بين السعودية والحوثي.. من ينتصر؟

في 2018/03/27

الخليج أونلاين-

قصف جديد لمليشيا الحوثي على الرياض تزامن مع متغير جديد طرأ على أدوات المواجهة العسكرية في اليمن بين قوات الشرعية والتحالف العربي بقيادة السعودية من جهة، ومليشيا "الحوثي" من جهة أخرى.

فالتحالف الذي يسيطر على السماء اليمنية بشكل مطلق في طريقه لفقدان هذا المتغير، بعد توجيه جماعة الحوثي "صاروخ أرض جو"، أصاب مقاتلة سعودية من طراز F15 في سماء محافظة صعدة (شمال غرب)، الأربعاء الماضي (21 مارس).

التحالف تمكن من السيطرة على الأجواء اليمنية بشكل كامل، حين استهدف منظومة الدفاع الجوي اليمنية منذ الليلة الأولى لعملية عاصفة الحزم (26 مارس 2015)، التي تقودها السعودية؛ دعماً للسلطة الشرعية اليمنية.

وفقد الحوثيون محافظات الجنوب، إضافة إلى مأرب والجوف وأجزاء من الحديدة وتعز والبيضاء، إلا أنهم ما زالوا يسيطرون على مناطق مهمة؛ أبرزها العاصمة صنعاء وذمار وعمران وصعدة وإب، رغم عدم امتلاكهم لغطاء جوي.

-بطء شديد

واتسمت عمليات التحالف بالبطء، خصوصاً خلال العامين الأخيرين؛ بسبب حسابات إماراتية وسعودية خارج نطاق معركة استعادة الشرعية؛ برزت معالمها في دعم أبوظبي للانفصاليين الجنوبيين.

هذا إلى جانب سعي أبوظبي إلى تكوين مليشيات خارج سيطرة الحكومة الشرعية، وسيطرتها على جزر وموانئ يمنية؛ وفقاً لتأكيدات مسؤولين يمنيين.

ثلاث سنوات من الحرب والحوثيون يستثمرون حسابات التحالف التي تبتعد شيئاً فشيئاً عن الهدف الرئيس من التدخل العسكري؛ فبعد تمكنهم من امتلاك الصواريخ الباليستية، ها هم يمتلكون منظومة دفاع جوي.

وفي إطار هذه المتغيرات التي كان آخرها قصف الحوثيين للرياض بـ7 صواريخ باليستية، يبقى السؤال حول تأثير هذه المنظومة على مسار الحرب في اليمن، وهل يدفع التحالف ثمن تأخيره المتعمد في الحسم العسكري، بحسب ما يتهمه مسؤولون يمنيون.

- دون غطاء

الخبير العسكري اليمني العميد الركن مساعد الحريري، يرى أن منظومة صواريخ الدفاع الجوية الحوثية بدون غطاء ومعرضة للتدمير؛ لذلك لن تشكل خطورة كبيرة على طائرات التحالف.

وفي حديثه لـ"الخليج أونلاين"، يوضح الحريري أن وسائل الإنذار المتطورة التي يمتلكها التحالف ستجعلها عرضة للتدمير، "خصوصاً أنها صواريخ لا تستطيع المناورة القتالية أثناء المعركة".

ويضيف: "عندما تنطلق هذه الصواريخ ضد الأهداف الجوية لا بد أن تكون من مواقع مجهزة على الأرض، ولا تستطيع المناورة بين مواقعها المجهزة سابقاً"، مشيراً إلى أنها تحتاج مدة زمنية من 3 إلى 5 ساعات للانتقال من موقع لآخر، "وذلك يسهل اكتشافها من قبل وسائل الإنذار الإلكتروني والراداري المتطور والحديث، الذي تملكه دول التحالف العربي".

ويتابع الخبير العسكري اليمني بالقول: وذلك "بعكس الصواريخ الباليستية المحمولة على العربات؛ فهي قادرة على المناورة القتالية والانتقال من مكان إلى آخر والتخفي".

- صواريخ سام

الحريري يحذر من خطورة امتلاك الحوثيين صواريخ "سام"، قائلاً: "إنها روسية الصنع محمولة على الأكتاف وتستخدم للدفاع الجوي، وإذا حصلت عليها مليشيات الحوثي فسوف تزعج دول التحالف".

ويفسر خطورتها قائلاً: "تلك الصواريخ دقيقة الإصابة، ويحملها الشخص، وتستخدم لضرب الأهداف الجوية المنخفضة، مثل طائرات الهليكوبتر والأباتشي (المروحية)".

من جانبه يؤكد المحلل السياسي اليمني، مصعب أحمد، أنه "مهما كانت إمكانيات الحوثيين العسكرية على مستوى الدفاع الجوي ضعيفة، فسيكون لها تأثير قوي على معادلة الحرب في اليمن".

ويشير أحمد، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، إلى أنه "على مدى ثلاث سنوات كان طيران التحالف العربي يحلق ويضرب أهدافه بكل أريحية ودون أي تهديد".

- ثمن باهظ

كما يوضح أن "تباطؤ التحالف في حسم المعركة لحسابات سياسية (لم يذكرها) سيجعل الدول المشاركة فيه، خصوصاً السعودية والإمارات، تدفع أثماناً باهظة".

ولعل ما قصده المحلل السياسي اليمني تحقق ليلة الأحد؛ حين قصفت مليشيا الحوثي بسبعة صواريخ باليستية، العاصمة السعودية الرياض ومدناً حولها، ما أدى إلى مقتل شخص وإصابة 3 آخرين (مصريي الجنسية).

هذا الأمر يدعمه خطوات الحوثيين في "تطوير إمكاناتها العسكرية دون توقف"، وكما يقول أحمد، فإنها "باتت توظف الأسلحة والصواريخ الروسية القديمة التي اشتراها (الرئيس المخلوع علي عبد الله) صالح سابقاً".

وبينما يرى أن "الجماعة (الحوثيين) الآن في تطوّر مع استمرار الدعم الإيراني في المجال الفني والتصنيع العسكري"، فإن أحمد يشير إلى "مئات خبراء التصنيع التابعين لحزب الله (اللبناني/شيعي) الموجودين في عدد من المحافظات اليمنية".

ويقول أيضاً إنهم (أي خبراء حزب الله) يطورون بشكل مطَّرد أسلحة الحوثيين التي سطوا عليها من مخازن الجيش اليمني، عقب الانقلاب على السلطة في اليمن.

وبحسب مراقبين، فإن الخطورة لا تكمن فقط في تطور القدرات العسكرية والقتالية للحوثي، وفقدان التحالف مزايا كانت كفيلة بحسم المعركة مبكراً، بل في أن "طرف التحالف والحكومة الشرعية يتفتت؛ بسبب الخروج عن الأهداف المعلنة لعمليات عاصفة الحزم (مارس 2015) وإعادة الأمل (أبريل 2015)".

- الوصول إلى سماء الرياض

وفي الوقت الذي يمكن أن تقوض فيه الدفاعات الجوية الحوثية نشاط طيران التحالف، فإنهم استطاعوا الوصول إلى الرياض عبر صواريخ باليستية، في عمليات منفصلة حملت في مضمونها رسائل تحذيرية فقط، دون وقوع أضرار مادية أو بشرية.

لكن القصف الأخير (26 مارس) كان مختلفاً في شكله ونتائجه، فهي المرة الأولى التي يقصف بها الحوثيون الرياض ومدناً أخرى بهذا العدد من الصواريخ في وقت واحد، كما أن هذا الاستهداف أوقع قتيلاً و3 جرحى، لأول مرة.

ولعل اللافت في القصف أن الحوثيين استطاعوا الوصول إلى مدن أخرى مجاورة للرياض، وقصدوا باستهدافهم مناطق قريبة من المطارات، وهو ما يحمل رسائل حساسة تتلخص في استعراض قوة الجماعة الموالية لإيران.

وما زالت السعودية تقاتل في معركة النفوذ على السيطرة في اليمن، لحماية حدودها مما تقول إنه خطر تدعمه إيران، الغريم التقليدي للمملكة التي تحاول بطريقة أو بأخرى إقصاءه عن المشهد في اليمن.

ويرى مراقبون أن القصف الأخير على الرياض ربما يدفع السعودية إلى التعجيل في الوصول إلى حل لتضمن سلامة مواطنيها من تزايد حدة الخطر الحوثي، وذلك عبر إنهاء المعركة بالرجوع إلى أطراف دولية، كأمريكا مثلاً.