علاقات » عربي

هل تتمكن السعودية من احتواء تعثرها في الحرب اليمنية؟

في 2018/03/27

الخليج الجديد-

يصادف هذا الشهر مرور 3 أعوام على بدء الحملة التي تقودها السعودية في اليمن، لكن هذا ليس من المرجح أن يكون مناسبة للاحتفال في الرياض، التي تحاول جاهدة احتواء تعثرها في اليمن.

وتشير التقديرات إلى أن الحرب كلفت السعوديين ما يزيد على 100 مليار دولار، فضلا عن تآكل السمعة الدولية للمملكة، مع فشلها في تحقيق أهدافها المتمثلة في «القضاء على النفوذ الإيراني» في اليمن.

متصف الشهر الجاري، كشف موقع يمني، نقلا عن مصادر مقربة من قيادات بجماعة «أنصار الله» الحوثية، عن توجه الناطق باسم الجماعة «محمد عبدالسلام» إلى العاصمة السعودية الرياض، من أجل إجراء مفاوضات سرية مع المملكة.

ونقل موقع «المشهد اليمني»، عن المصادر التي وصفها أنها على صلة بقيادات حوثية رفيعة، إن «الناطق باسم الحوثيين توجه إلى الرياض للتفاوض بشكل مباشر مع السعودية التي تقود تحالفا ضدهم منذ ثلاثة أعوام».

وأكدت المصادر أن «هناك توجه لدى مليشيات الحوثي لتقديم تنازلات للمملكة العربية السعودية مقابل إيقاف الضربات الجوية ضد الحوثيين».

ونقل الموقع ذاته عن مصادر خاصة، قولها إن «هناك مفاوضات سرية بين التحالف العربي وجماعة أنصار الله، في محاولة للتوصل إلى اتفاق ينهي الحرب الجارية في اليمن منذ ثلاثة سنوات».

وأوضح الموقع، وفقا لمصادر قال إنها على صلة بالحكومة الشرعية و«أنصار الله»، وأخرى مستقلة، أن «جوهر هذه التفاوضات يقوم على أساس عزل الحوثيين عن إيران مقابل القبول بمشاركتهم في إدارة البلاد، وعدم الاستحواذ عليها، وتشكيل حكومة تضم جميع أطراف الصراع».

مفاوضات النرويج

وأفادت مصادر سياسية بأن هناك مساعي دولية برعاية «الأمم المتحدة»، لعقد محادثات بين أطراف الأزمة اليمنية، وأطراف إقليمية من قيادة دول «التحالف العربي»، المساند للحكومة الشرعية، في شهر أبريل/نيسان المقبل، على أن تستضيف النرويج هذه المحادثات.

ونقلت صحيفة «العربي الجديد» عن المصادر أن جهودا مكثفة تبذلها «الأمم المتحدة» ودول كبيرة للدفع بعودة المحادثات السياسية بين أطراف الصراع، لحثهم على العودة إلى طاولة الحوار لمناقشة حلول تعالج، ولو جزئيا، الأزمة الإنسانية المتفاقمة جراء الحرب الدائرة في اليمن منذ 3 سنوات، وتمهد لإنهاء الحرب.

وقالت المصادر إن هناك توجها لعقد مباحثات بين الحكومة الشرعية وجماعة «أنصار الله» (الحوثيين) في النرويج، ومن المتوقع أن تعقد في أبريل/نيسان المقبل، برعاية أممية، لمناقشة العديد من ملفات الأزمة اليمنية، وبينها ملف توفير ممرات إنسانية آمنة لتسهيل تنقل المدنيين والوصول الآمن والسريع للمساعدات الإنسانية بدون معوقات بين المناطق المختلفة داخل محافظة تعز.

مفاوضات واشنطن

الكاتب الصحفي السعودي «جمال خاشقجي» أكد أن ثمة خبرا جيدا قادما من واشنطن بشأن اليمن، مضيفا في لقاء له مع «دويتشه فيلله»، أنه بغض النظر عن نتائج التصويت في الكونغرس عن حرب اليمن، فإن المزاج الحالي في السعودية وأمريكا هو الوصول إلى حل سلمي.

والثلاثاء الماضي، رفض مجلس الشيوخ الأمريكي قرارا يسعى لإنهاء دعم الولايات المتحدة لحملة السعودية في الحرب الأهلية باليمن وذلك تزامنا مع اجتماع الرئيس «دونالد ترامب» وولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سلمان».

وصوت المجلس بأغلبية 55 مقابل 44 برفض القرار الذي سعى للمرة الأولى لاستغلال بند في قانون سلطات الحرب لعام 1973 يسمح لأي سيناتور بطرح قرار حول سحب القوات المسلحة الأمريكية من أي صراع لم تحصل على تفويض من الكونجرس للمشاركة فيه.

ومن المفترض أن يعود القانون أو التوصية لمجلس الشؤون الخارجية والذي سيناقش الأزمة اليمنية بعد إجازة عيد الفصح.

وفي السياق، أكد الكاتب الصحفي اليمني «عباس الضالعي» أن وفدا من قيادات «الحوثيين» تواجد في الولايات المتحدة، لإجراء لقاءات برعاية أمريكية مع مستشارين لولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سلمان» لاحتواء الأزمة اليمنية.

جاء ذلك في تغريدة نشرها «الضالعي» عبر حاسبه على «تويتر»، أوضح فيها نقلا عن مصدر (لم يسمه) أن هناك توافقا كبيرا بين الجانبين.

وفي تغريدة أخرى، أشار «الضالعي» إلى أخبار متداولة عن قيام الرئيس اليمني «عبدربه منصور هادي» بزيارة قريبا لأبوظبي لمناقشة القضايا العالقة بين الشرعية وتحالف الإمارات السعودية، قائلا إن قرار الحرب في اليمن بيد أبوظبي التي تتحكم بالقرار السعودي وزيارتها هو اختصار للطريق.

وقبل نحو أسبوع، أكد عضو المجلس السياسي لجماعة الحوثي «عبدالملك العجري» إجراء مفاوضات خلال الفترة الماضية بين جماعته والسعودية التي تقود قوات «التحالف العربي» لشن عمليات عسكرية في اليمن.

وقال «العجري» على صفحته في موقع «فيسبوك»: «لا يوجد شيء نخفيه أو نتخوف منه بشأن لقاءات وفد الحوثيين بالخارج»، مشددا على أنه: «لولا احترام رغبة الأطراف التي نلتقيها، لأعلنا مخرجات لقاءاتنا للرأي العام والشعب اليمني ليكون شاهدا لنا وعلينا».

وأضاف أن اللقاءات يجب أن تكون مع الخصوم مباشرة لا مع الوكلاء، وأن قرار السلم والحرب بيد الرياض وأبوظبي، مؤكدا أن هدف وفد «الحوثيين» الموجود خارج البلاد هو عرض القضية اليمنية، وتحريك الجمود السياسي والتفاوضي.

مفاوضات عمان

وكالة «رويترز» للأنباء نقلت منتصف مارس/آذار الجاري، عن مصادر دبلوماسية وسياسية يمنية، أن السعودية وجماعة الحوثي تعقدان محادثات سرية في سلطنة عمان، في محاولة لإنهاء الحرب في اليمن التي تسببت في أسوأ أزمة إنسانية في هذا البلد.

وقال أحد الدبلوماسيين -رفض ذكر اسمه- إن هناك مشاورات بين «الحوثيين» والسعوديين منذ قرابة شهرين دون حضور ممثل عن الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، مشيرا إلى أن من الواضح أن هناك رغبة من «الحوثيين» ومن التحالف في السير نحو اتفاق شامل.

وأشارت المصادر إلى أن الاتفاق المأمول سيبدأ بهدنة لوقف القتال على جبهات المعارك في أنحاء البلاد، على أن يؤدي نهاية المطاف لتوقيع اتفاق سلام يتناول المصالح السياسية للأطراف المتحاربة.

وقبل شهرين، وصل وفد من ميليشيات «الحوثيين»، إلى العاصمة العمانية مسقط، في إطار مساعي إحياء عملية السلام المتعثرة منذ أكثر من عام، وذلك على وقع تصعيد عسكري كبير في عدد من المحافظات اليمنية.

وغرد الناطق باسم الميليشيات رئيس وفدها التفاوضي «محمد عبدالسلام»، على موقع «تويتر»: «وصلنا مسقط بعون الله لمواصلة الجهود مع المجتمع الدولي لشرح ما يتعرض له الشعب اليمني من عدوان ظالم وحصار غاشم على الشعب نتيجة الحصار المطبق وكشف التضليل الذي يُمارسه تحالف العدوان بادعائه القيام بمعالجات إنسانية مزعومة»، في إشارة للتحالف العربي الذي تقوده السعودية.

ضغوط دولية

السمعة السيئة التي طالت مؤخرا المملكة، مع فشلها في تحقيق أهدافها المتمثلة في «القضاء على النفوذ الإيراني» في اليمن، إضافة إلى الضغوطات الدولية والحقوقية، قد ترجح أيضا سعي المملكة نحو إنهاء الحرب.

وقال وزير الدفاع الأمريكي، إنه تم الاتفاق على إنهاء الحرب في اليمن بشروط إيجابية، للشعب اليمني، وأيضا لأمن المنطقة.

جاء ذلك خلال لقاء «ماتيس» ولي العهد السعودي الأمير « محمد بن سلمان»، الخميس، في مقر وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون»  في إطار زيارته الرسمية للولايات المتحدة.

من جانبها، نددت أحزاب ألمانية بإعلان الحكومة الجديدة للمستشارة «أنغيلا ميركل» عزمها إتمام صفقة لبيع زوارق حربية بملايين اليوروات للسعودية، التي تقود التحالف في اليمن منذ عام 2015.

واعتبر ممثل حزب الخضر (معارض) بلجنة الخارجية بالبرلمان (البوندستاغ)، «أوميد نوري بور»، أن تعهد الحكومة الجديدة بنهج سياسة مقيدة لتصدير الأسلحة، ألغى نفسه بهذا الإعلان عن بيع هذه الصفقة التسليحية للسعودية.

وأضاف «نوري بور» في تصريحات صحفية أن الصفقة تمثل إفلاسا أخلاقيا لحكومة «ميركل»، موضحا أن الزوارق التي سيتم بيعها للسعودية ستساهم بتعزيز الحصار البحري لليمن، وتزيد حدة المعاناة الإنسانية هناك.

واتهمت منظمة «العفو الدولية»، عددا من الدول الغربية، بينها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، بمشاركة دول التحالف العربي الذي تقوده السعودية، بارتكاب جرائم حرب محتملة في اليمن.

وشجبت المنظمة، في بيان لها، الجمعة، مبيعات سلاح من دول غربية للسعودية وحلفائها في حرب اليمن، قائلة إن «مثل هذه التجارة تجعل المعاهدة العالمية لتجارة الأسلحة مدعاة للسخرية».

واتهمت المنظمة الحقوقية، كلا من قوات التحالف الذي تقوده السعودية، والمقاتلين «الحوثيين» المدعومين من إيران، بارتكاب «جرائم حرب محتملة» خلال الصراع المستمر منذ أكثر من 3 سنوات.

وأكدت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، أن هناك ضغوطا داخل الكونغرس؛ لوقف الدعم العسكري الأمريكي لحملة القصف التي يقودها السعوديون في اليمن، تزامنا مع زيارة ولي العهد السعودي لواشنطن.

ضرب العمق السعودي

مساء الأحد الماضي، اعترضت الدفاعات الجوية السعودية 7 صواريخ باليستية أطلقتها ميليشيات الحوثي على 4 مدن سعودية، وأسفر سقوط شظية من أحدها على منطقة مأهولة في الرياض إلى مقتل مقيم مصري وإصابة اثنين آخرين، وسط إدانات عربية ودولية.

ووصفت تقارير صحفية عالمية محاولات منظومة الدفاع الجوي السعودية، التصدي للصواريخ الباليستية التي أطلقتها جماعة «الحوثيين» عليهم من اليمن، مساء الأحد، بالفشل الذريع، مشيرة إلى أن فشل الباترويت يمكن أن يكون بمثابة إغراء لجماعة «الحوثيين» لتوجيه مزيد من الضربات، التي يمكن أن تهدد أمن السعودية.

ورغم أن قيادة «التحالف العربي»، أعلنت أن منظومة باترويت للدفاع الجوي السعودية، تصدت للصواريخ الباليستية السبعة المطلقة من قبل «الحوثيين»، إلا أن مجلة «نيوزويك» الأمريكية قالت إن مقاطع الفيديو التي اعتبرتها فضيحة أظهرت أن اثنين من صواريخ الباتريوت، أمريكية الصنع، فشلت في الجو، ولم تنجح في التصدي للصواريخ الباليستية، كما أن واحدا آخرا ظهر وكأنه منزلق في الاتجاه المعاكس ليسقط على الأرض بصورة مفاجئة.