علاقات » عربي

اليمن والإمارات.. توتر في سقطرى وحرب على "تويتر"

في 2018/05/08

مريم مرغيش- DW- عربية-

التوتر بين الإمارات واليمن لم يقف في سقطرى، وإنما تجاوزه إلى تويتر. حيث دافع الجانبان عن وجهة نظرهما من خلال تغريدات، وفند كل طرف موقفه من صراع مايزال مفتوحا على مصراعيه لحدود الساعة.

يبدو أن موقع التواصل الاجتماعي؛ تويتر تحول إلى أرض خصبة لحروب باردة بين الساسة في كل مكان. فقد صارت التغريدات تحل مكان الصواريخ، والساسة يرتمون مباشرة في حضن صفحاتهم ليُخرِجوا إلى العالم بياناتهم دون حاجة إلى منبر إعلامي رسمي، أما الجيوش فتتخذ صفتها الإلكترونية وتحمل سلاح الهاشتاغات لتهاجم بها العدو أو تدافع عن نفسها ضده من خلال تغريداتها.

ولعل الحرب التي تجمع الجانب اليمني بالإماراتي هذه الأيام على تويتر، جراء التوتر بين الطرفين بخصوص أرخبيل سقطرى الاستراتيجية، دليل واضح على تطور منحى الصراعات نحو الموقع الذي يشكل، اليوم، منصة للحروب الإلكترونية بين الجهات الرسمية والمواقف المساندة أو المعادية لها.

وقد حطت طائرات عسكرية إماراتية نهاية الأسبوع الماضي في مطار سقطرى، دون سابق إنذار، وتزامن ذلك مع زيارة رئيس الوزراء اليمني أحمد عبيد بن دغر مع وفد يتكون من عشرة وزراء، إلى الأرخبيل، بتاريخ 28 أبريل/ نيسان 2018، في زيارة رسمية تدوم لأيام.

"التغريدة النارية".. بداية الحرب

فتيل التغريد اشتعل على تويتر، وكانت "التغريدة النارية" لوزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش، بداية لحملة الأخذ والرد بين الطرفين، لما كتب على حسابه، يوم 4مايو/ آيار :"اكتشف البعض جزيرة سقطرى مؤخرا ومن باب الطعن في التحالف العربي والإمارات". وتابع مغردا في أول تعليق إماراتي على الأزمة: "لنا علاقات تاريخية وأسرية مع سقطرى وأهلها، وفي محنة اليمن التي تسبب فيها الحوثي سندعمهم في استقرارهم وطبابتهم وتعليمهم ومعيشتهم".

تدوينة الوزير اعتبرها البعض تأكيدا على وجود مطامع لأبو ظبي في أرخبيل سقرطى، وهَم كثر يتناقلون المنشور ويردون عليه، كما الشأن بالنسبة للناشطة توكل كرمان، التي غردت بعد ساعات قليلة من تغريدة قرقاش، قائلة: "وزير خارجية الساحل العماني يمعن في الإساءة لليمن وانتهاك سيادتها، إذاً فلا تلوموا إلا أنفسكم تذكروا... شجرة نادرة من أشجار سقطرى بكل أبراجكم الزجاجية".

وشارك القائد السابق لشرطة دبي؛ ضاحي خلفان في الرد على الأصوات التي تحتج على تواجد أبو ظبي سقطرى، مغردا: "الذين يحتجون على تواجد الإمارات في سقطرى هم الذين يحتجون على وجودها في قوات التحالف التي قدمت أبناءها لطرد عملاء الفرس من اليمن..."

أما الجانب اليمني الرسمي، فبدا أكثر هدوءً، إذ لجأ رئيس مجلس الوزراء اليمني، أحمد عبيد بن دغر، إلى المنصة متحدثا بلغة دبلوماسية تنحو باتجاه وجود حل للأزمة والحفاظ على العلاقات الأخوية بين البلدين، فقد غرد في حسابه على تويتر أيضا، في ذات اليوم، كاتبا: "بحثنا مع اللجنة السعودية المكلفة بالاطلاع على الأسباب التي نشبت في الارخبيل وسبل إزالة هذه الأسباب استناداً للأهداف والمبادئ التي قام عليها التحالف العربي بقيادة المملكة ومساهمة فاعلة من دولة الإمارات في مواجهة الحوثيين، وكيفية الحفاظ على هذا الإطار الحاكم للعلاقة الأخوية والاستراتيجية".

وفي السياق ذاته، كتب بن دغر، بعد يومين من تغريدته الأولى (06 مايو/ آيار2018): "أبلغنا الوفد السعودي وممثل الإمارات أن الحكومة اليمنية، حريصة كل الحرص على الحفاظ على علاقات أخوية متينة وقوية تعزز التحالف العربي، وتضفي قدراً من الثبات والاستمرارية والتعاون بين الحكومة، ممثلة بفخامة الأخ الرئيس والقيادة والشعب في دولة الإمارات الشقيقة."

مجموعة من الوزراء اليمنيين والناشطين السياسيين، علقوا بدورهم على هذا التوتر، من خلال تغريدات نشروها على حساباتهم الخاصة. وكان وزير النقل اليمني؛ صالح الجبواني إلى جانب وزير الشباب اليمني؛ نايف البكري، أهمهم.

هاشتاغات ضاربة للجانبين

تسارعت هاشتاغات اليمنيين والإماراتيين للتعليق عن التوتر بين البلدين، حتى أن ذات الصلة مع الموضوع تصدرت قائمة الأكثر تداولا.

وكتب الداعمون لليمن تغريداتهم تحت هاشتاغي: الامارات تحتل سقطرى ويسقط الاحتلال الإماراتي. وقد نشر مجموعة من السياسيين والإعلاميين والناشطين اليمنيين مواقفهم تجاه إرسال القوات الإماراتية إلى أرخبيل سقطرى مصحوبة بهذين الوسمين. ففي الوقت الذي واجه فيه البعض أبو ظبي بانعدام سبب يدفعها إلى دخول الأرخبيل، خاصة وأن المنطقة بعيدة عن الصراع في اليمن وخالية من الحوثيين، دعا آخرون الإمارات إلى الخروج من سقطرى قبل أن يتم إجبارها على ذلك.

وفي نفس الاتجاه، نعت بعض رواد تويتر مساعدات الإمارات بالمزيفة. ورد أحدهم على تغريدة قرقاش قائلا: "الدعم لايحتاج لطائرات ودبابات ولايحتاج لاحتجاز رئيس الحكومة..."، في حين نشر آخرون صورا لمظاهرات حاشدة يقوم بها سكان الأرخبيل المطالبة بخروج القوات الإماراتية والمؤيدة للرئيس هادي.

في المقابل، خرجت أطراف إماراتية للدفاع عن أبو ظبي وعن رغبتها في مد يد العون لسقطرى واعتبرت الأعمال التي تقوم بها هناك، ضمن التحالف العربي بقيادة السعودية، يصب في مصلحة سكان الأرخبيل. وقد خُصِص لذلك هاشتاغي: الإمارات سند سقطرى وماذا قدمت الإمارات لليمن.

وكتب أحد رواد الموقع قائلا: "الإمارات وعلى مدى تاريخها لم تكن يومًا يد هدم، بل يد بناء وإعمار وتعمير، يدٌ تمد العون وتسعى للتطوير، أمّا محاولات التشويه اليائسة التي تصدر من أبواق الفتنة لا يصدقها سوى المغفلون". في حين ذهب مغردون كثر لعرض أهم المساعدات الغذائية والطبية التي قدمتها الدولة الخليجية لليمن، ودورها في إعادة الاعمار.

سقرطى: توتر حمله تويتر منذ زمن

انتقال التوتر بين أبو ظبي وصنعاء على جزر سقرطى من أرض الصراع إلى منصة تويتر، ليس وليد اليوم، وإنما هو مرتبط بأحداث ماضية، من أبرزها اتهام الإمارات بسرقة شجرة "دم الأخوين" التي لا يوجد لها مثيل في منطقة أخرى بالعالم، إلا هذه "الجزيرة الغريبة".

وقد عبر كثير من الناشطين اليمنيين حينها عن غضبهم من ظهور الشجرة في شوارع مدينة دبي. كما أشارت صحيفة الإندبندنت البريطانية، في تقرير لها منذ فترة، إلى أن الإمارات تسعى لاحتلال الجزيرة. كما تضمن التقرير مقاطع تقول إن أبو ظبي تسعى لتحويل الجزيرة إلى قاعدة عسكرية دائمة ومنتجع سياحي وربما الاستيلاء على تراثها، باعتبار الأشجار السقطرية جزءا من التراث العالمي، حسب اليونسكو.