وكالات-
تهدِّد الأوضاع المعيشيَّة الصعبة للمغتربين الأردنيين في دول الخليج رزق آلاف العائلات التي سافرت إلى "بلاد الأحلام" لكسب عيشها.
يأتي ذلك إثر سلسلة من الإجراءات الماليّة فرضها كلّ من السعودية والإمارات، واستهدفت العمالة الوافدة، وعلى أثرها عاد ما يقرب من 55 ألف عائلة إلى الأردن، والعدد مرشَّح للارتفاع بمرور الوقت، وفق ما علم "الخليج أونلاين".
وفي ظلّ عودة العائلات الأردنية من دول الخليج إلى بلادهم بـ"الجملة"، قد يجد الأردن نفسه أمام معضلة الأوضاع الاقتصادية السيّئة التي تعيشها البلاد أصلاً، ما يجعل اقتصاده على المحكّ.
الإجراءات المالية التي فرضتها السعودية والإمارات تحاولان من خلالها مواجهة التحدّيات الاقتصادية إثر تراجع أسعار النفط، ومنها تطبيق ضريبة القيمة المضافة على مجموعة من السلع والخدمات.
معظم الأردنيّين العائدين ليسوا مستثمرين أو أصحاب رؤوس أموال، ولن يستطيعوا إنشاء مصانع أو شركات، وإنما هم أطباء ومهندسون ومقاولون ومدرّسون وموظّفون يمتلكون خبرة، وسيبدؤون فوراً عمليّة البحث عن عمل في الأردن، في حين تشهد المملكة ركوداً اقتصادياً غير مسبوق، وفق ما قال خبراء اقتصاديون لـ"الخليج أونلاين".
وبدأت السعودية -التي تحتضن وحدها نحو 430 ألف أردني من أصل 945 ألف مغترب- بعمليّة استبدال العمالة الوافدة بعمالة سعودية تحت عنوان "سَعْوَدة" الوظائف، وذلك بعد إعلان وزارة العمل بالمملكة أنها "ستُلحق مليوناً و300 ألف سعودي بسوق العمل".
كما فرضت الرياض رسوماً على العمالة الأجنبية ومرافقيها، وأعلنت البدء بتطبيقها، اعتباراً من يوليو الجاري، بواقع 100 ريال سعودي (26.6 دولاراً) عن كل مرافق، ليرتفع الرسم الشهري إلى 200 ريال (53.3 دولاراً) العام المقبل، و300 ريال (80 دولاراً) في العام اللاحق له، و400 ريال (106.6 دولارات) بحلول 2020.
جميع هذه الإجراءات باتت تؤثّر بشكل كبير على الأردنيين، وعلى الرغم من ذلك يفضّل بعض المغتربين في الخليج العمل هناك على العودة إلى الأردن؛ نتيجة الفارق بالأجور؛ فمثلاً يتقاضى المغترب الأردني في الإمارات ما يقرب من 4 آلاف دولار، في حين أن متوسّط دخل الفرد في الأردن 600 دولار فقط.
وبحسب دراسة لمنتدى الاستراتيجيات الأردني حول المغتربين الأردنيين في دول الخليج، فإن 61.4% من مغتربي الأردن يعملون بالسعودية، في حين يعمل 14.1% منهم بالإمارات، و12.5% في قطر.
هجرة عكسيَّة
وقدَّر الخبير الاقتصادي عادل الزبيدي، القوة البشرية العاملة من الأردنيين في الخارج بمليون أردني، أغلبهم بالخليج العربي، ومنهم 400 ألف مواطن في السعودية.
وقال الزبيدي لـ"الخليج أونلاين": "ساهم المغتربون بالاقتصاد الوطني بشكل كبير بتحويلاتهم التي تجاوزت الـ3.3 مليارات دولار في السنة الأخيرة، أي ما يقارب 12% من الناتج المحلي الإجمالي".
وطالب "حكومة عمر الرزاز بالبحث عن الحلول الناجعة لمواجهة الهجرة العكسيَّة للآلاف من المغتربين الأردنيين"، وقال: "الأصل أن يتم تعديل القوانين والتعليمات بحيث تحفّز المغتربين على فتح مشاريع استثمارية في الأردن بتسهيلات واضحة ومحدَّدة".
وشهد الأردن، في غضون الأشهر الأخيرة، عودة مئات الأسر الأردنية العاملة بدول الخليج، إذ لا يكاد يمضي يوم إلا ويعود مغترب أردني بصورةٍ نهائية إلى المملكة.
ويؤكّد عادل حمودة، وهو مهندس اتصالات في شركة "بن لادن" السعودية، أن العديد من الشركات الكبرى بالمملكة؛ مثل "سعودي أوجيه" وغيرها، "تواجه صعوبات اقتصادية أدَّت للاستغناء عن خدمات كثير من موظَّفيها، من بينهم أردنيون".
وقال حمودة لـ "الخليج أونلاين": "منذ أشهر طويلة توقَّفت بعض الشركات الكبرى في السعودية عن دفع الرواتب لمستحقيها نتيجة الأزمة الاقتصادية، ما دفع المغترب الأردني إلى العودة للأردن بصورةٍ نهائية، فالخليج لم يعد كما كان بالسابق".
وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في الأردن، مثنى غرايبة، غرَّد سابقاً عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، معلناً توفر فرص عمل للشباب الأردني بالمملكة العربية السعودية بمجال تكنولوجيا المعلومات، وقال: "هناك فرص عمل في مجال البرمجيات للشابات والشباب الأردنيين أصحاب الخبرة، الذين طالموا أظهروا كفاءة وقدرة عظيمة على الإنجاز".
وعقب ذلك أثارت تغریدة غرایبة جدلاً، عبّر عنه مغرّدون سعودیون؛ إثر "ارتفاع نسب البطالة في المملكة"، ودشَّن ناشطون وسماً بعنوان "وزیر أجنبي یوظّف أجانب السعودیة"، وعبَّروا عن استیائهم من توفیر وظائف للأردنیین دون السعودیین؛ في حين اعتبر آخرون الإعلان عن توظیف أردنیین في بلادهم تدخّلاً في "شؤونهم الداخلیّة، ویزاحمهم على فرص العمل".