علاقات » عربي

على ماذا تكافئ سلطنة عُمان إسرائيل؟

في 2018/10/29

القدس العربي-

 على ماذا تكافئ سلطنة عُمان (إسرائيل)؟

ما العامل السياسي شديد الأهمّية الذي جعل عُمان تدعو "نتنياهو" لزيارتها؟ وما سرّ هذا التوقيت الغريب؟

لقاء "نتنياهو"، في وقت عصيب على الفلسطينيين لا يقرؤه الإسرائيليون إلا كمكافأة على استقوائهم الإجراميّ على الفلسطينيين!

لا تعتبر زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" لسلطنة عُمان أمس الأولى التي يقوم بها رئيس حكومة إسرائيلي فقد سبقتها زيارة سلفه "إسحق رابين" عام 1994، كما أن وزير الخارجية العماني "يوسف بن علوي" زار القدس أكثر من مرة، أوّلها كانت عام 1995 والتقى فيها رئيس الوزراء المؤقت "شمعون بيريز" في القدس.

تعد السلطنة من أولى الدول الخليجية التي بدأت علاقات مع (إسرائيل) بعد انطلاق ما يسمى عملية السلام العربي الإسرائيلي (التي كان من محطاتها البارزة اتفاقات كامب ديفيد عام 1978 ومؤتمر مدريد 1991 واتفاقيات أوسلو عام 1993 ومعاهدة السلام الأردنية عام 1994).

وفي مطلع عام 2000 زار مسؤولون إسرائيليون مسقط بعد مباحثات لمسؤولين عُمانيين في القدس مع نظراء إسرائيليين، وقد وقع البلدان اتفاقا عام 1996 لافتتاح متبادل لمكاتب التمثيل التجاري، لكن العلاقات جمدت رسميا مع اندلاع الانتفاضة الثانية في أكتوبر/تشرين الأول عام 2000.

زيارة "نتنياهو" سبقها تمهيد غريب في بداية السنة (شباط/فبراير) فقد زار وزير الخارجية العُماني "يوسف بن علوي" القدس والمسجد الأقصى والتقى مسؤولين وشخصيات فلسطينية.

وكان مهندس السياسة الخارجية العُمانية هذا قد صرح في 10 ديسمبر/كانون الأول 2017 في اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب أن جامعة الدول العربية "ليست مسجدا بل هي دار للسياسة" منبها إلى أن بلاده ستتخذ قرارات "تعبر عن حقائق الأمر في ذات الوقت الذي تسعد أشقاءنا في ساحات المظاهرات".

لا يوجد تفسير سياسيّ عقلانيّ لقرار عُمان، لا في التعبير عن "حقائق الأمر"، ولا بإسعاد "الأشقاء الفلسطينيين في ساحات المظاهرات" فزيارة "نتنياهو" تأتي في وقت يتعرّض فيه الفلسطينيون إلى محنة كبرى.

تتمثّل في هجوم منسق غير مسبوق بين إدارة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" وأركان الدولة العبرية ممثلة في الحكومة والبرلمان والقضاء بتغطية عربية كبيرة تشارك فيها دول عربية وازنة (السعودية، مصر، الإمارات والبحرين).

كان من نتائجه الخطيرة إعلان واشنطن القدس عاصمة لـ(إسرائيل) ونقل السفارة إليها، وإعلان قانون القومية العنصريّ، وتشديد الحصار السياسي والمالي على السلطة الفلسطينية، والحصار والترويع بأشكاله المختلفة على غزة، وسحب الدعم الأمريكي عن الأونروا تمهيدا لتصفيتها، وآثار كل ذلك على اشتداد الخلاف الداخلي الفلسطيني.

ما هو إذن العامل السياسي شديد الأهمّية الذي جعل عُمان تقترح على رئيس الوزراء الإسرائيلي أن يزورها؟ وما هو سرّ هذا التوقيت الغريب؟

معروف طبعاً أن السلطنة تحاول إبعاد نفسها عن المحاور الإقليمية الطاحنة في العالم العربي والشرق الأوسط، وأنها ترغب الإيحاء بأن لها طريقاً خاصاً غير تقليدي، ولعل هذا يمكن أن يفسّر دورها الوسيط بين الإيرانيين والعرب، وأطراف النزاع اليمني، لكنّ الرغبة في إبعاد السلطنة عن التخندقات الحادّة لا يكفي لتفسير هذه المكافأة الكبيرة لـ"نتنياهو" (وهو الغائص مجازا وفعلا في دماء الفلسطينيين) ولدولته العنصرية.

فمفهوم أن تقوم الدول التي ألزمت نفسها باتفاقيات سلام مع (إسرائيل) بلقاءات "تعبر عن حقائق الأمر"، وأن تحاول كسر شرّ (إسرائيل) عنها والدفاع أحيانا عن "الأشقاء في ساحات المظاهرات".

لكن لقاء "نتنياهو"، في هذا الوقت العصيب على الفلسطينيين، لا يمكن أن يقرأه الإسرائيليون إلا على كونه مكافأة على استقوائهم الإجراميّ على الفلسطينيين، وأن يقرأه الفلسطينيون على أنه بيع لهم في المزاد العلنيّ المفتوح.