علاقات » عربي

الأطماع مستمرّة.. هكذا استولت السعودية على أراضٍ يمنية

في 2018/11/16

وكالات-

لا تُعتبر الأطماع السعودية في الأراضي اليمنية وليدة اللحظة، فقد ظهرت بشكل بارز مع توقيع اتفاقية الطائف عام 1934، وتطوّرت مع اتفاقية جدة عام 2000، حيث بسطت سيطرتها بالكامل على مدن نجران وعسير وجازان.

ومكّنت الاتفاقية الأولى التي مثّل اليمن بها الإمام يحيى حميد الدين، في الطائف، من السيطرة على المدن اليمنية الثلاث مدة 20 عاماً، مقابل سلام وأمن واستقرار البلدين ومعاملة اليمنيين في المملكة كالسعوديين.

وجاءت اتفاقية جدة، والتي مثّل اليمن بها الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، لتؤكّد الاتفاقيّة الأولى، وتعطي السعودية الأحقيّة في هذه المدن، ومنح المملكة بعض المواقع الحدودية مع اليمن.

ولم تتوقّف الأطماع السعودية في الأراضي اليمينة عند هذا الحد، بل ظهرت مجدّداً خلال حربها المستمرة؛ من خلال استغلالها في السيطرة على مواقع في محافظة المهرة لمدّ أنبوب نفط استراتيجي، وإنشاء ميناء نفطي سيكفلان لها الاستغناء عن مضيق هرمز الذي تسيطر عليه إيران.

ظروف وانتهازية

ويحمّل اليمنيون مسؤولية هاتين الاتفاقيتين للإمام يحيى حميد الدين، والرئيس علي صالح، بالإضافة إلى "الانتهازية" السعودية التي استغلّت ظروفاً استثنائية كانت تعيشها جارتها الفقيرة وقت توقيع الاتفاقيتين، حيث كانت الأولى على وقع حرب اشتعلت بين البلدين، والثانية بعد توتّر مستمر على الحدود بين البلدين.

رئيس منظمة "سام" للحقوق والحريات في جنيف، توفيق الحميدي، يرى أن اتفاقية الطائف جاءت استجابة لظروف سياسية وعسكرية معيّنة في ذلك الوقت، وهدفت بالدرجة الأولى لإعادة الأمن والسلام إلى المنطقة.

ويقول الحميدي في حديثه لـ"الخليج أونلاين: "وقعت الاتفاقية بعد حرب طاحنة خاضتها المملكة المتوكّلية ضد السعودية التي سيطرت على أراضٍ كانت تحت سيطرة الأدارسة؛ مثل عسير ونجران، وكانت اتفاقية غير نهائية حُدّدت بـ20 عاماً، ولم تجدّد سوى أثناء حكم الرئيس صالح، كما أنها كانت مصدر توترات مستمرة على الجانبين قبل توقيع اتفاقية عام 2000".

ويوضح أن هذه الاتفاقية "يجب أن تُؤخذ بمجملها بكل تفاصيلها؛ بمعنى يجب ألا تُؤخذ كنصٍّ مجتزأ متعلّق بالجغرافيا دون أن يتعلّق ببقية البنود؛ مثل مساواة اليمنيين بالسعوديين، واستتباب الأمن والسلام بين البلدين".

ويلفت إلى أن السعودية "غير ملتزمة بالاتفاقية إلاّ فيما يخدمها، في المقابل فإن اليمن كدولة ملتزمة بالاتفاقية، فالمغتربون اليمنيون في المملكة يتعرّضون لمعاملة تخالف الاتفاقية، كما أن السعودية مستمرّة في محاولة اختراق الحدود اليمنية من جهة محافظتي المهرة وحضرموت".

ويشير إلى أن الاتفاقيات من حيث المبدأ ملزمة ويجب عدم التنصّل منها؛ "لكن في ظل استمرار المحاولات السعودية في التحرّك خارج نطاق الاتفاقية -كما يحدث في المهرة- فإن الاتفاقية مهدّدة، خصوصاً أن اليمنيين يتذكّرون الماضي جيداً ويحنّون إليه".

ويذكر رئيس منظمة سام أن "تأزّم الوضع واللعب على وتر الجغرافيا والمصالح لن يكون لصالح أحد بالدرجة الأساسية؛ لذلك فالمستقبل سيكشف مدى التزام السعودية بالاتفاقية واحترام الأراضي اليمنية، ومدى حسن معاملتهم لليمنيين في المملكة، وإعطائهم الحقوق الكاملة، بحيث تعود العلاقات إلى طبيعتها".

أطماع جديدة في المهرة

الباحث والمحلل السياسي اليمني، معاذ المقطري، يؤكّد أن المقاربة السياسية اليمنية حول ملف الأراضي كانت في عهد الرئيس صالح تتمثّل بـ"الأرض مقابل الاستقرار"، وهي سياسة نجحت مع عُمان، لكنها لم تكن كذلك مع السعودية، فضلاً عن نجاح التحكيم الدولي مع إريتريا بشأن أرخبيل حنيش.

ويقول في حديثه لـ"الخليج أونلاين": إنّ "حضور القوات السعودية على سواحل المهرة شكّل ما يمكن أن نسميه بالانقلاب على ما هو ثابت وراسخ هناك لصالح عُمان ومحيطها الحيوي اليمني، حيث إن الرئيس صالح في حل مشكلات الحدود مع عُمان استوعب حاجتها لميحطها الحيوي المتمثّل في الترابط الاجتماعي والتاريخي بين عُمان والمهرة اليمنية".

ويضيف: "لعل نجاح الاتفاق في عُمان يتجلّى برسوخه في أذهان المتظاهرين في المهرة ضدّ ما أسموه بالاحتلال السعودي؛ حيث إن المهرة اليمنية تقبّلت منذ أمدٍ نفوذ عُمان وتأثيرها الجيوسياسي إنما على أرضٍ يمنية".

مستقبل الاتفاقيات

وعن إمكانية المطالبة بفسخ هذه الاتفاقية، يبيّن المقطري أن الأوضاع الراهنة التي تعيشها اليمن لا يمكن الحديث فيها عن سيادة على الأراضي؛ "لكن بعد أن تحُسم الأزمة اليمنية بالحرب أو بالمفاوضات سيعتمد النقاش حول هذا الموضوع بمدى تعالي أصوات يمنية تلفت الأنظار إلى هذه النقطة التائهة حالياً بين دخان الحرب وإمدادات الإغاثة الإنسانية".

من جهته يؤكّد دبلوماسي يمني سابق أن معاهدة جدة عام 2000 "هي الأكثر خطراً؛ لكونها أغلقت ملف الأراضي مع السعودية".

ويوضح الدبلوماسي الذي طلب عدم الكشف عن اسمه في حديثه لـ"الخليج أونلاين" أنه من الصعب التراجع عن هذه الاتفاقيات؛ لكون صالح مرّرها عبر مجلس النواب، وسُجّلت في المنظمات الدولية، وهو أمر أغلق أي تداعيات مستقبلية حولها من الجانب القانوني.