علاقات » عربي

"لا تطبيع مع الأسد".. هل هناك خط أحمر قطري تركي؟

في 2019/01/15

الخليج أونلاين-

في ظل هرولة عواصم عربية إلى حضن نظام بشار الأسد، وإعادة فتح السفارات في العاصمة السورية دمشق، أعلنت قطر، الاثنين، موقفها الرافض للتطبيع معه؛ مؤكّدة أن أسباب القطيعة لم تتغيّر.

ويأتي ذلك في ظل تقدّم عسكري لقوات الأسد مدعوماً لأبعد الحدود روسياً وإيرانياً، وإفراغ محيط العاصمة دمشق من أي مظاهر عسكرية كانت تسبّب خطراً على نظام الأسد؛ عبر عمليات تهجير ممنهجة للفصائل والمدنيين الرافضين لحكمه نحو الشمال السوري.

الدوحة لن تطبّع مع الأسد

وفي إشارة إلى الدول التي أعادت علاقاتها مع نظام بشار الأسد، قال وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الاثنين: إن "التطبيع مع النظام السوري في هذه المرحلة هو تطبيع مع شخص تورّط في جرائم حرب".

وأضاف خلال مؤتمر صحفي مشترك من الدوحة مع رئيس مفوضيّة الاتحاد الأفريقي، موسى فكي محمد: إن "قطر لا ترى ضرورة لإعادة فتح سفارتها في دمشق"، لافتاً إلى أن بلاده "لا ترى أي علامات مشجّعة على تطبيع العلاقات" مع نظام الأسد.

وتابع: "الشعب السوري ما زال تحت القصف والتشتيت من قبل النظام السوري". موضحاً أن موقف قطر إزاء الأزمة السورية يقوم على "دعم الحل في سوريا إذا كان مدعوماً من الشعب السوري".

وفي هذا السياق قال الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، رئيس وزراء قطر السابق، السبت الماضي، إن سوريا لم تُلملم جراحها؛ فنصف الشعب السوري مهجّر، ونحو مليون شخص قُتل.

وأردف بن جاسم: "نظام الأسد لن يكون النظام المثالي لإدارة دولة تكون فيها عدالة واستقرار".

وفي تعليقه على تصريحات وزير الخارجية القطري قال حمزة المصطفى، الباحث في "المركز العربي للأبحاث والسياسات": "في البداية يعكس تصريح وزير الخارجية القطري الاستمرارية في المقاربة القطرية للملف السوري لا التغيير".

وأضاف المصطفى لـ"الخليج أونلاين": "قطر قادت في عام 2011 جهود الجامعة العربية لحل الأزمة السياسية في سوريا ضمن الإطار العربي، لكن جهودها اصطدمت بتعنّت النظام وحنثه بوعوده، ثم بفيتو روسي، ما دفعها في عام 2012، إلى جانب دول أخرى، لطرد النظام من الجامعة".

وبيّن المصطفى: إن "الدوحة حاولت منح مقعد سوريا في الجامعة العربية للمعارضة السورية، وهو ما لم تنجح به رغم وجود قرار من الجامعة؛ بسبب خلافات المعارضة".

وأكّد أن "قطر خالفت الغالبية العربية التي لم ترغب آنذاك بقطع العلاقات مع النظام، واليوم تعارض الغالبية الراغبة بإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وقد كان لمعارضتها إلى جانب دول أخرى دور في منع النظام من المشاركة في قمّة تونس، وقد أفشل ذلك التوجّهَ الإماراتي لشرعنة نظام الأسد مجدّداً؛ لأن قرار الجامعة العربية يجب أن يُتّخذ بالإجماع وهو ما لن يحصل حالياً".

وتعجّب المصطفى قائلاً: "المفارقة أن هيئة التفاوض السورية العليا تضم شخصيات نظرت إلى الخطوة الإماراتية بفتح سفارتها في دمشق بإيجابية، ما يعني أن موقف هؤلاء يمثّل خروجاً عن مساعي الثورة لتقويض نظام الأسد الديكتاتوري داخلياً وخارجياً".

توافق قطري تركي

وتتوافق مواقف قطر مع تركيا في كثير من ملفات المنطقة، ومن ضمنها سوريا؛ إذ تُعتبر القضية السورية جوهرية، وفي مقدّمة كل الملفات على الطاولة التركية، لعدّة أسباب؛ منها الجماعات الكردية المصنَّفة على لوائح الإرهاب، وأمن الحدود، واللاجئون السوريون الموجودون على الأراضي التركية، ووجود نقاط عسكرية لها في عدة مناطق من شمال سوريا كضامن لوقف إطلاق النار في محادثات أستانا وسوتشي.

ولطالما أكّد المسؤولون الأتراك وبأعلى مستوى أن وجود رأس النظام السوري بشار الأسد في السلطة غير مقبول، إذ اعتبر الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، (17 ديسمبر الماضي)، الأسد مسؤولاً عن قتل "مليون مسلم" في بلاده، ويسعى للبقاء في الحكم.

وفي حديث مع "الخليج أونلاين" قال الكاتب والباحث والأكاديمي التركي، أنس يلمان: "إن تركيا منذ البداية لديها قضيّتان رئيسيتان؛ حقن دماء السوريين والدفاع عن الأمن القومي"، ولا تفضّل واحدة على الأخرى.

وتابع: إن "تركيا دخلت في عمليتين عسكريتين على الحدود السورية التركية (درع الفرات وغصن الزيتون) بالتعاون مع فصائل الجيش السوري الحر، ورغم الضغوط الروسية والإيرانية  للتعاون مع نظام الأسد في هذه المعارك كان ذلك مرفوضاً تماماً في دوائر صنع القرار التركية".

وأضاف يلمان أن تصريحات وزير الخارجية القطري حول عدم التطبيع مع الأسد تصبّ في ذات الأهداف التركية، وتؤكد أن حلف قطر وتركيا في خط واحد؛ " لا تطبيع مع الأسد مهما كانت الظروف والضغوط".

وأوضح أنه "في ظل الانسحاب الأمريكي المشكوك فيه من سوريا، وإن صاحبه ترحيب تركي بأنه قد يكون بداية لنهاية المنظمات الكردية الإرهابية، لا تفكّر تركيا بتفضيل الأسد على المنظمات الكردية، بل موقفها ثابت منهما".

وفي إطار ذلك قال حمزة المصطفى: إن "قطر منذ عام 2015 لا تمتلك أوراقاً كثيرة في سوريا، الأمر الذي دفعها إلى الاقتراب من الرؤية التركية في الحل، على الرغم من سقف أنقرة المنخفض قليلاً، لكن هذا التشابه يعوَّل عليه مرحلياً لمنع الدول الفاعلة من إلحاق هزيمة كبرى بالمعارضة السورية عسكرياً وسياسياً".

وفتحت أبوظبي سفارتها، الشهر الماضي، في العاصمة دمشق، معتبرة خطوتها "تفعيلاً للدور العربي بسوريا، ومواجهة للتغوّل الإيراني والتركي".

أيضاً أعادت البحرين تفعيل سفارتها في دمشق أسوة بالإمارات، بالإضافة إلى حديث عن خطوة سعودية في الاتجاه ذاته، فضلاً عن إجراء عمر البشير زيارة تُعدّ الأولى من نوعها لرئيس عربي لدمشق، منذ عام 2011.

ودعا وزير الخارجية المصري، سامح شكري، الثلاثاء الماضي، النظام السوري لاتخاذ إجراءات من أجل العودة لمقعد سوريا المُجمّد في الجامعة العربية منذ 7 سنوات.

وقال الوزير المصري: إن "عودة مقعد سوريا إلى الجامعة العربية مرهون بقرار مجلس الجامعة واعتماده في القمّة المقبلة"، المزمعة في مارس المقبل بتونس.