الشرق القطرية-
أشار محللون يمنيون بأصابع الاتهام الى أبوظبي في التورط مع الحوثيين في الهجوم الذي تعرّضت له قاعدة العند العسكرية الاستراتيجية في محافظة لحج اليمنية، أثناء عرض عسكري لقوات الجيش الوطني اليمني.
وتسبب الهجوم الذي تم بواسطة طائرة مسيرة مفخخة تابعة لجماعة الحوثي، في إصابة قيادات رفيعة في الجيش اليمني، ومقتل 6 من أفراد الجيش. ومن بين هؤلاء القادة الذين أصيبوا في الهجوم: نائب رئيس هيئة الأركان العامة اللواء صالح الزنداني، ورئيس جهاز الاستخبارات العسكرية اللواء محمد صالح طماح، واللواء ثابت جواس.
تواطؤ إماراتي
وأثار الهجوم تساؤلات حول منجزات الشرعية والتحالف عسكرياً، بعد نحو أربع سنوات من الحرب، ووضع علامات استفهام عن كيفية وصول الحوثيين إلى هذا المعسكر وتنفيذ المهمة. ووفقاً لشهود عيان، فإن الطائرة المسيرة حلقت بشكل طبيعي دون اعتراض من أي من أدوات الدفاع في القاعدة العسكرية، فضلاً عن وصولها إلى المنصة التي يوجد فيها القادة قبل أن تنفجر؛ حيث كان الجميع يظن أنها تؤدي مهمة تتعلق بالتصوير.
لكن هذه الرواية لا تؤكد حسن النوايا، بل تفتح أبواب الشك حول تواطؤ محتمل؛ لأن القاعدة لديها تجهيزات عالية، ويسيطر عليها جوياً التحالف؛ ولكون العرض في العلوم العسكرية هو اختبار لمدى جاهزية القوات، فكيف يمكن أن تخترق طائرة مسيرة قاعدة جوية؟ وقال المحلل السياسي اليمني ياسين التميمي: إن "الهجوم يفتح الكثير من الأسئلة عما إذا كان هجوم كهذا قد تم بالتواطؤ مع الإماراتيين، الذين يسيطرون جوياً على القاعدة". وفي حديثه لـ"الخليج أونلاين" لم يستبعد التميمي وجود نية للتخلص من القيادات العسكرية الموالية للرئيس هادي، التي كانت موجودة في أثناء العرض العسكري. وأشار إلى أن "القاعدة لا تبعد كثيراً عن مناطق سيطرة الحوثيين باتجاه تعز"، موضحاً أن "الإمارات هي من وضعت خطوطاً أمام القوات الشرعية للتقدم نحو تعز؛ ومن ثم لم يحدث تأمين أوسع للمناطق الجنوبية". وقال إن مشاهد الفوضى التي أعقبت تفجير الطائرة المسيرة، والدماء ونقل الجرحى بالصورة البدائية التي رأيناها، كل ذلك، يريح المعسكر المعادي للسلطة الشرعية. فلطالما أظهر الإماراتيون ضيقاً بنفوذ الجيش الوطني، ولطالما أطلقوا العنان لذبابهم الالكتروني لمهاجمة هذا الجيش، وقد تبين ذلك من تغريدات التشفي بالقيادات العسكرية التي تعرضت للهجوم، وغالبيتها المطلقة من الجنوب. وأضاف "ليس الحوثيون وحدهم من يواجه الجيش الوطني، فجزء من معركة التحالف في اليمن يستهدف فيما يستهدف هذا الجيش وقياداته وأجندته الوطنية، تأسيساً على أيديولوجية متطرفة واستئصالية يتبناها تحالف الرياض-ابوظبي، وترى في كل من يساند الشرعية عدوا أو إسلامياً متطرفاً".
مسؤولية الهجوم
من جهته حمّل المحلل السياسي اليمني محمد الأحمدي الإمارات، بطريقة ضمنية، مسؤولية هجوم العند، وذلك في منشور على فيسبوك. وقال: إن "من يتحمل مسؤولية هجوم العند هم من أوقفوا تحرير تعز، تاركين للحوثيين مواقعهم المطلة على قواعد الجيش الوطني في الجنوب، واستغلوا ثقة الشعب اليمني ورغبته في الانعتاق من الانقلاب، وبسطوا أيديهم على منافذ البلاد وموانئها ومطاراتها وحقولها". وتابع: "انشغلوا ببناء كيانات وتشكيلات عسكرية خارجة عن سلطة الدولة، وتعمدوا تهميش وتفكيك وتقويض السلطة الشرعية ومؤسسات الدولة، وتغييب حضورها على الأرض، واتخذوا من اليمن مسرحاً لتصفية حساباتهم مع جيرانهم". وأضاف الأحمدي أن هؤلاء "شنوا عمليات فرز واستقطاب للمجتمع والقوى السياسية في وقت نحن كيمنيين بأمسّ الحاجة إلى إعادة اللحمة الوطنية، وتعزيز الترابط المجتمعي وتنسيق الجهود لاستعادة الدولة". ولفت الأحمدي النظر إلى أن الحوثيين "استغلو كل الارتباك والفوضى لتطوير قدراتها العسكرية وتوطين مشروعها الطائفي في مناطق سيطرتها، واستكمال تجريف مؤسسات الدولة والوظيفة العامة".
دعم إقليمي ودولي
بدوره رأى الصحفي اليمني خليل العمري أنه "من الخطأ أن يظن البعض أن الحوثي حالة عادية محددة بمنطقة جغرافية، بل مشروع خطير مدعوم إقليمياً ودولياً؛ وهدفه تدمير كل اليمن، وجحيمه يستهدف الجميع ولا أحد سينجو منه". وأشار في حسابه على "فيسبوك" إلى أنه "في مطلع يناير 2018 استطاع الحوثي الوصول لرئيس الأركان اللواء طاهر العقيلي وتفجير عربته بالجوف، وما يزال أثر الإصابة إلى اليوم، وفي مطلع يناير 2019 استهدف الحوثي بطائرة مفخخة قادة الجيش في عرض عسكري بأقوى قاعدة جوية للجيش اليمني". واعتبر العمري أن "كل المكونات اليمنية فشلت في إيجاد جبهة وطنية عريضة لمواجهته، فالتصدعات الموجودة في جبهة التحالف تطيل من عمره للأسف"، في إشارة إلى خلافات الإمارات والشرعية.
استغلال وعدم جاهزية
الصحفي والمحلل السياسي اليمني أمجد خشافة أشار إلى أن "قاعدة العند تعتبر أهم قاعدة جوية في جنوب اليمن، واستهدافها بطائرة مسيرة تابعة للحوثيين أمر يؤكد عدم جاهزية هذه القاعدة للعمل العسكري؛ وهذا يثير الاستغراب في ظرف يعيش فيه الجيش والتحالف حالة حرب مع الحوثيين". وأضاف، في حديثه لـ"الخليج أونلاين" أن "الحوثيين استغلوا حالة الهدنة الهشة بالحديدة في ترتيب صفوفهم العسكرية واستهداف الجبهات الأخرى تماماً كما حدث اليوم".
غياب مشبوه
الى ذلك، أشار نشطاء الى غياب قيادات في قوات "الحزام الأمني" التابعة لما يسمى "المجلس الانتقالي الجنوبي" في لحج والمدعوم اماراتيا عن حضور فعالية الجيش اليمني في قاعدة العند. واتهم النشطاء المجلس المدعوم من الإمارات بالتورط في الهجوم الذي استهدف العرض العسكري في قاعدة العند. وأوضحوا أن في مقدمة القيادات الموالية للإمارات والتي غابت عن الحضور، مدير أمن محافظة لحج صالح السيد، وقائد الحزام الأمني في المحافظة جلال الربيعي، مشيرين إلى أن الشخصيتين المذكورتين لا "يتغيبان عن حضور أي فعالية من هذا النوع". إلى ذلك نشر وزير في حكومة الحوثيين بصنعاء -غير المعترف بها دوليا-، تغريدة مثيرة، عن التعاون الانتقالي مع الجماعة في استهداف قاعدة العند العسكرية. وقال حسن زيد، وزير الشباب والرياضة في الحكومة الحوثية عبر حسابه بموقع تويتر إن "من قوانين الحروب يجوز التحالف مع خصم لك إذا كان لكم عدو مشترك (يقصد به الحكومة اليمنية الشرعية). وأضاف زيد، وهو أمين عام حزب الحق الموالي للحوثيين، في التغريدة ذاتها: "وهذا ما حصل بين الأنصار والانتقالي اليوم". في إشارة إلى جماعته وما يسمى "المجلس الانتقالي الجنوبي" الذي يقوده عيدروس الزبيدي، المدعوم من دولة الإمارات.
دولة الشر
وأثار الصحافي عبدالرقيب الهدياني تساؤلات عن غياب الوجود الإماراتي هذه المرة على الرغم من أن ضباطها يحضرون كل مرة في هذه العروض العسكرية. وتساءل “أين التحالف؟، أين الإمارات وقواتها وطيرانها الذي يقصف ألوية الحماية الرئاسية ويتنمر على المواطنين العزل في مرخة شبوة”. كما تساؤل: “أين الرادارات أين المراقبة؟! ها هي الحقيقة المرة تتذوقها تلك العقول الغبية التي عطلت تحرير تعز وماطلت وتآمرت على الحالمة لحسابات سياسية انتقامية غبية لمجرد أن فصيلا سياسيا من داخل الشرعية سيستفيد فتم إدخال تعز في الفوضى والاغتيالات والكتائب المدعومة من ابوظبي لتشييد المقابر لأفراد الجيش الوطني في تعز”. وتابع الهدياني: “الحقيقة التي لم يستوعبها بعد بعض الحمقى انه لا أمان ولا استقرار لعدن ولحج وابين والجنوب عامة وباب المندب إلا بتأمين تعز وان علينا جميعا أن نكون سندا لها لا أن نكيد لها وننكل بأبنائها في مداخل عدن ونقاط التفتيش”. واختتم بالقول: “ابحثوا عن الإمارات جيدا فبصماتها وشرها وخبثها وراء كل حدث”.
ورأى الناشط إبراهيم عبدالقادر، لا يوجد أحد مستفيد من استهداف قاعدة العند سوى طرفين وحيدين، الطرف الأول، جماعة الحوثي، وستستخدم هذا الانتصار الكاذب لمزيد من تجنيد الأطفال والأغبياء. ولفت عبدالقادر إلى أن الطرف الثاني، الانتقالي وشبيحته وإعلامه وداعميه، كون الاستهداف طال الحكومة، المتمردين عليها والمحرضين ضدها! وتساءل قائلا: هل يمكن ربط الحدثين ببعضهما؟ لقاء هاني بن بريك بقيادات الحوثي في مسقط، حسب ما قالت بعض الأنباء، وحادثة استهداف قاعدة العند؟
من جانبه ذهب المحامي اليمني محمد المسوري إلى أن الحكومة الشرعية قد منحت فرصا كافية للسلام، وآخرها موافقة الرئيس الخميس على تمديد فترة تنفيذ إتفاق السويد. وأكد المسوري أن جريمة الحوثي في قاعدة العند، كافية لأن تحزم الشرعية أمرها وتقول مع التحالف بأن الحسم العسكري هو الذي سيحقق السلام.