علاقات » عربي

كما في السعودية لا يجوز الصمت عن الانتهاكات في مصر

في 2019/03/12

راينر هيرمان- DW- عربية-

في حالة تسجيل انتهاك واسع لحقوق الإنسان في بلد معين، يجب أن يترتب على ذلك عواقب. لكن الأمر لا ينطبق على جميع الدول، كما يرى راينر هيرمان في تعليقه التالي بصحيفة "فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ" الألمانية.

في المملكة العربية السعودية، يُحتجز أكثر من ألفين وست مائة مواطن سعودي لأسباب سياسية. وفي مصر، يقبع  أكثر من 60 ألف شخص من النشطاء والمعارضين في السجون المكتظة.

مسؤولون سعوديون كبار متورطون في اغتيال الصحفي المعارض، جمال خاشقجي. هذا فيما ارتكبت أجهزة الأمن المصرية، في السنوات الأخيرة، جرائم قتل بحق الآلاف من منتقدي الحكومة المصرية في الأماكن العامة والسجون، بالإضافة إلى تنفيذ عمليات الإعدام.

لا نقد إلا للسعودية

سهام النقد الأوروبية تستهدف المملكة وولي العهد محمد بن سلمان، وتعفي الرئيس المصري عبد السيسي. وبذلك أصبحت مقولة شهيرة للديكتاتور السوفيتي ستالين حقيقة: موت إنسان واحد هو مأساة، لكن موت الملايين هو مجرد إحصائية

الحكومة الألمانية قامت بتجميد صادرات الأسلحة الألمانية إلى السعودية، بما في ذلك تلك التي تم التصديق من قبل على تصديرها. في المقابل لا يتم الحديث عن شحنات الأسلحة إلى مصر. وفي حين تجنب أعضاء الحكومة الألمانية مصافحة ولي العهد السعودي، تم مؤخراً في شرم الشيخ، عقد اجتماع قمة جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي، تمكن فيه الرئيس المصري من الاستعراض على مدار يومين.

التعامل القاسي مع السعودية له ما يبرره بشكل تام. فمن أجل الحفاظ على مصداقيتها، لا يمكن للحكومة الألمانية التصرف بشكل مختلف. ومع ذلك، يبقى السؤال المطروح هو: لماذا تتعامل ألمانيا مع مصر بطريقة مختلفة؟

يعود ذلك بشكل جزئي إلى السعودية نفسها. السخط والاستياء تسببت فيه على وجه الخصوص الحرب التي تقودها الرياض في اليمن. وقد تصرفت مصر في هذا الشأن بشكل جيد، عندما اكتفت بدور غير فاعل. إضافة إلى ذلك، ليست الأحكام المسبقة فقط، من يشكل صورة السعودية في العالم. ومع أن ولي العهد يعمل على تخليص البلاد تدريجياً من الثقل الإيديولوجي والقالب الاجتماعي الضيق، إلا أن الإسلام الوهابي، الذي سمم أجزاء كثيرة من العالم الإسلامي، مُنتج في المملكة العربية السعودية.

مصر: إسفنجة تمتص اللاجئين

في المقابل، فإن صورة مصر في الخارج  إيجابية؛ فعلى عكس السعودية، مصر مفتوحة أمام ملايين السياح من جميع أنحاء العالم، ومعايشات وانطباعات السياح الألمان عن مصر إيجابية أيضاً. وعلى المقلب السياسي تبرز الحاجة إلى مصر كإسفنجة لامتصاص اللاجئين القادمين من إفريقيا ومنعهم من الوصول إلى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط. وهنا تتلقى مصر ثمناً غالياً يتمثل في الاعتراف السياسي والمساعدات الاقتصادية. في المقابل لا تتدفق موجات لاجئين من السعودية إلى أوروبا. لذلك، لا تبرز حاجة إليها كشريك في سياسة الهجرة.

إلا أنه يتم التعامي عن حقيقة أنه في يوم من الأيام يمكن لمصر نفسها أن تتحول إلى بلد مصدر للاجئين، أي عندما يفر المصريون، لأنهم لا يرون مستقبلاً لهم في بلادهم بسبب القمع ونسبة البطالة العالية للشباب. من المؤكد أن برلين حذرت الحكومة المصرية من انتهاكات حقوق الإنسان، لكن التحذير لم يلقَ آذاناً صاغية في القاهرة. وحتى الآن لا عواقب مترتبة على ذلك.