علاقات » عربي

هل غسل ملك الأردن يده من السعودية والإمارات بشأن القدس؟

في 2019/03/23

الخليج أونلاين-

بدا ملك الأردن عبد الله الثاني، "حاسماً وحازماً" أكثر من أي وقتٍ مضى، وهو يتحدث عن موقفه وبلاده مما يجري بمدينة القدس المحتلة، حيث كان موجهاً للخارج أكثر منه للداخل، مع إظهاره تعرضه لـ"ضغوط خارجية متعلقة بقضية القدس".

وأظهر العاهل الأردني، خلال مقطع فيديو نشره الديوان الملكي على منصاته في مواقع التواصل الاجتماعي، الأربعاء، صرامة غير مسبوقة له عند حديثه عن القدس، مشدداً على أنها خط أحمر له ولكافة الأردنيين.

واختيار الملك الأردني محافظة الزرقاء للحديث منها خلال لقاء وجهائها لم يكن عفوياً، فالمدينة تمثل المكون الفلسطيني الأبرز، وفي ذلك دلالة واضحة على أن القضية الفلسطينية تمثل أولوية دائمةً للقيادة الأردنية.

وقال العاهل الأردني خلال حديثه :"علينا واجب تاريخي تجاه القدس ولن نغير موقفنا، وعمري ما راح أغير موقفي بالنسبة للقدس، فموقف الهاشميين من القدس واضح، ونحن في المملكة علينا واجب تاريخي تجاه القدس والمقدسات".

مصارحة الملك أمام مئات الشخصيات من أبناء ووجهاء محافظة الزرقاء تأتي عقب زيارته الأخيرة لواشنطن، حيث يُعتقد أن بعض ملامح ما يسمى بـ"صفقة القرن" اطلع عليها الملك، ليكون التعبير الأردني برفض الصفقة على لسان الملك من محافظة الزرقاء على وجه التحديد.

الكاتب والمحلل السياسي  عمر عياصرة يقول: إن "اختيار الملك لمدينة الزرقاء للحديث عن قضية حساسة في لحظة حرجة كقضية القدس كان مدروساً".

ويضيف عياصرة في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "مدينة الزرقاء تمثل خليطاً منوعاً بين الأردني والفلسطيني، وفي المحافظة المكون العشائري الأبرز والأكبر والأهم؛ كقبيلة بني حسن".

ويتابع عياصرة: "أعتقد أن الملك ذهب للخيار الصحيح بالذهاب نحو الشعب، وقال لهم بصريح العبارة أنا أتعرض لضغوط خارجية، ويجب عليكم أن تقفوا معي".

وحول طبيعة الضغوط الخارجية التي يتعرض لها الملك يبين المحلل السياسي الأردني أن الضغوط دائماً ما تأتي من واشنطن، وكذلك من الرياض وأبوظبي، بقبول صفقة القرن بصيغتها المعروضة، بالإضافة للموافقة على الوطن البديل.

ويستطرد بالقول: "الملك استخدم كلمة الضغط الاقتصادي 7 مرات، في إشارة إلى تلك الضغوط الخليجية بوقف المساعدات المقدمة للأردن، في حين بدت جرعة الحزم الملكية الأردنية صارمة في هذا الجزء، إذ نُقل عن الملك قوله: "شعبي كله معي، والجواب كلا".

وعلم "الخليج أونلاين" أن مطبخ القرار السياسي في المملكة ناقش مؤخراً التعهدات الأمريكية الأخيرة بوجود "ضمانات" للقيادة الأردنية بأن المصالح الحيوية والأساسية للأردن "لن تتأثر" حال الإعلان عن "صفقة القرن"، شريطة الموافقة الأردنية على البقاء قريبةً سياسياً ومؤسسياً من الإدارة الأمريكية ومباركة بنود الصفقة.

وأعدت إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ما يعرف "صفقة القرن"؛ بهدف تسوية الصراع في الأراضي الفلسطينية مع الاحتلال الإسرائيلي، ويتردد أنها تتضمن إجبار الفلسطينيين على تقديم تنازلات مجحفة لمصلحة "إسرائيل"، كما أنها تلقى دعماً من السعودية والإمارات ومصر ودول عربية أخرى.

ولم تكن هذه المرة الأولى التي يتحدث فيها الملك عبد الله الثاني عن الضغوط الاقتصادية التي تمارس على الأردن نتيجة مواقفه من قضية القدس المحتلة، ورفض بلاده إعلانها عاصمة لدولة الاحتلال.

وأكد مؤخراً، أمام تجمّع لطلاب الجامعة الأردنية، أن "عمّان تتعرض لضغوط شديدة من أجل القبول بصفقة تقضم القدس لصالح إسرائيل". ومن هذه الضغوط التراجع الحاد الذي ظهر في حجم المساعدات السعودية والإماراتية المقدمة إلى الأردن، وذلك بعد إعلانه استدارة علاقاته الخارجية وتحالفاته الدولية والعربية، إثر المستجدات الإقليمية التي يرى أنها تمسّ أمنه واستمرار مصالحه، وأبرزها ما يسمى بـ"صفقة القرن".

تغريدة ذات توقيت

وفي تغريدة ذات دلالة واضحة، كتب الملك عبد الله الثاني، اليوم الخميس، عبر "تويتر": "نستذكر شهداء جيشنا العربي في معركة الكرامة الخالدة".

وقال العاهل الأردني:" نستذكر بفخر شهداء جيشنا العربي المصطفوي، الذين قدموا حياتهم فداء للوطن وقضایا الأمة، وفي مقدمتها تضحياتهم على ثرى فلسطين الطهور وأسوار القدس الشریف، وإن معركة الكرامة الخالدة هي شاهد حي على هذه التضحيات في سبيل العزة والمجد".

وأرفق الملك في التغریدة فيديو أرشيفياً وكلمات للملك الراحل حسين بن طلال، مع مشاهد من معركة الكرامة التي وقعت في 1968 مع جيش الاحتلال الإسرائيلي.

النائب محمود النعيمات يقول: إن "الملك عبد الله الثاني يعتبر حالياً المدافع الأول والشرس والمقاتل من أجل القضية الفلسطينية وفي المحافل كافة".

ويضيف النعيمات في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "الأردنيون كافة، قلباً وقالباً، يقفون خلف الملك، ولا سيما بعد تصريحاته الأخيرة في محافظة الزرقاء، وفي تعرّض الأردن لضغوطات دولية جراء مواقفه من القضية الفلسطينية".

ويوضح النعيمات أن الضغوطات المفروضة على الأردن من دول عربية ودولية، والمتمثّلة بالوضع الاقتصادي نتيجة للموقف الأردني من القضية الفلسطينية، باتت مكشوفة ومعلومة لدى الجميع.

ويكشف عن "وجود ضغوطات على الأردن لحل القضية الفلسطينية على حساب الشعب الفلسطيني، وهذا مرفوض".

يشار إلى أن دائرة أوقاف القدس التابعة لوزارة الأوقاف والمقدسات والشؤون الإسلامية في الأردن هي المشرف الرسمي على المسجد الأقصى وأوقاف القدس، بموجب القانون الدولي الذي يعد الأردن آخر سلطة محلية مشرفة على تلك المقدسات قبل احتلالها من جانب إسرائيل.

وتشير تقارير إعلامية إلى أن "صفقة القرن" الأمريكية لتصفية القضية الفلسطينية تتضمن وضع الأماكن الإسلامية في القدس تحت إشراف دولي بدلاً من عمّان، وتسمية بلدة "أبو ديس" القريبة من المدينة المُحتلة عاصمة للفلسطينيين، بدلاً من القدس الشرقية بموجب القرارات الأممية.