علاقات » عربي

قلق إماراتي سعودي من الاحتجاجات في الجزائر

في 2019/04/04

جورجيو كافيرو - موقع "لوبي لوك" الأمريكي- ترجمة منال حميد -

قال جورجيو كافيرو في مقال له على موقع "لوبي لوك" الأمريكي، إن الاحتجاجات الشعبية في الجزائر ترفع منسوب الخوف في السعودية والإمارات، بسبب ما يمكن اعتباره موجة ربيع عربي ثانٍ.

وأوضح الكاتب أنه بعد عام 2011، كان هناك تفاؤل كبير في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بأن تنجح ثورات الربيع العربي وتجعل المنطقة أفضل وأكثر ديمقراطية، ولكن على مدى السنوات الثماني، أصبحت المنطقة أكثر استبداداً، ففي مصر يوطد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، أركان حكمه بتعديل الدستور، في وقت يبدو السودان قابلاً للانهيار في أي لحظة.

وفي منطقة الخليج العربي، يرى الكاتب أن الممالك "باتت أكثر استبداداً"، في حين تسعى بعض دوله إلى إعادة نظام بشار الأسد إلى الحاضنة العربية.

وأضاف: "كان الإحساس بموت ثورات الربيع العربي بعد 2011، يمنح قادة الخليج الذين شعروا بالخوف من تلك الحركات شعوراً بالراحة، فالمسؤولون في الرياض وعواصم خليجية أخرى عازمون على منع تكرار سيناريو الربيع العربي، فتزعَّم قادة السعودية والإمارات ما عُرف بالثورات المضادة، كما اتخذوا مزيداً من الإجراءات القمعية من أجل تشديد قبضتهم الداخلية".

والكتلة المناهضة للثورات العربية، كما قال الكاتب، سعت إلى منع ظهور ربيع عربي آخر، فعملت على تقديم دعم دبلوماسي واقتصادي وعسكري لحكام البحرين عام 2011، وموَّلت الانقلاب العسكري في مصر عام 2013، ودعمت الجنرال الليبي خليفة حفتر، وحاصرت الدولةَ الخليجية الوحيدة المؤيدة للربيع العربي، وهي دولة قطر.

ورغم ذلك، يبين الكاتب، فإن مظاهرات الشوارع بكل من الجزائر والسودان في أواخر 2018 ثم أوائل 2019 تشير إلى أن الربيع العربي لم يمت، حيث يخشى القادة في السعودية وغيرها من الدول المؤيدة للوضع الراهن في العالم العربي من تصاعُد حدة تلك التظاهرات وانتقالها عبر الحدود.

من جانبه، قال بروس ريدل، المحلل السابق بوكالة الاستخبارات الأمريكية: إن "المسؤولين السعوديين يراقبون الأحداث في الجزائر، ويشعرون بالقلق من الآثار المترتبة عليها، حيث تسعى الجماهير إلى إزاحة الرئيس العاجز وإقامة نظام سياسي أكثر انفتاحاً، وهو أمر لا ترغب السعودية في رؤيته. لقد كان واضحاً أن الاحتجاجات الأخيرة في الأردن ولبنان والمغرب وتونس والعراق قد أكّدت من جديدٍ أن الشارع العربي بدأ يستعيد صوته في عام 2019".

ويرى الكاتب أن الرياض تأمل أن تظل الدولة العميقة في الجزائر، الجيش والجهاز الأمني وأباطرة الأعمال، قادرة على إدارة دفة البلد حتى بعد رحيل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، فكما دعمت السعودية الجيش الجزائري عام 1992 وقدمت له مساعدة مالية، فإن القيادة في الرياض ستحاول على الأرجح مساعدة السلطات الجزائرية، من أجل الحفاظ على قبضتها على البلاد بعد استقالة بوتفليقة.

ولكن مع انخفاض أسعار النفط والحرب المكلفة في اليمن وبرنامج الإصلاحات الاقتصادية، فإنه قد لا يكون لدى الرياض الأموال الكافية لمساعدة القادة الجزائريين للحفاظ على السلطة، خاصة في ظل التزاماتها لمصر ودول عربية أخرى.

علاوة على ذلك، لفت الكاتب إلى أنّ ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، لديه مشكلة في الجزائر، فالشعب لا يرحب به، وسبق أن تظاهر احتجاجاً على زيارته العام الماضي، فأُلغيت الزيارة بعد أن طلب الرئيس ذلك، كما لا يبدو واضحاً مدى قدرة الرياض على إقناع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بضرورة دعم الجيش الجزائري.

سيكون أسوأ سيناريو بالنسبة للسعودية هو نهاية النظام القائم الآن في الجزائر، بحسب الكاتب؛ "فهي تخشى من أن يؤدي ذلك إلى هيمنة الإسلاميين على السلطة، على غرار ما حصل في مصر بعد ثورة 2011، لا سيما بعد الغضب الشعبي في عديد من العواصم العربية من التقارب مع إسرائيل".

وفي فبراير الماضي، هاجم عبد الرزاق مقري، زعيم حركة مجتمع السِّلم، ذراع الإخوان المسلمين في الجزائر، الرياض وأبوظبي بسبب دعمهما لـ"صفقة القرن" التي تقدَّم بها ترامب، وأعلن أن السعودية تستغل نفوذها وعلاقاتها من أجل تنفيذ "صفقة القرن" والتطبيع مع "إسرائيل"، في حين تعزز الإمارات هذه المساعي.

وفي السياق الجيوسياسي، يقول الكاتب، فإن المسؤولين في السعودية والإمارات يشعرون بالقلق من الإسلاميين الجزائريين الذين تربطهم علاقات طيبة مع كل من قطر وتركيا، وما قد يشكله ذلك من خطر على أبوظبي والرياض في حال وصولهم إلى السلطة.