متابعات-
قطعت دولة الإمارات شوطاً كبيراً في علاقاتها الرسمية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وتقدمت بخطوات بعيدة عن أكثر الدول التي تلاحقها في ملعب "التطبيع"، وعلى رأسهم السعودية والبحرين وحتى جمهورية مصر العربية التي تقيم علاقات رسمية مع "إسرائيل".
العلاقات بين أبوظبي و"تل أبيب" شهدت تطوراً غير مسبوق في الشهور الأخيرة، تجاوزت اللقاءات الدبلوماسية السرية والعلنية التي تجري بين الجانبين بصورة دورية، حتى تخطت العلاقات التجارية والاقتصادية المنفتحة، ووصلت إلى مرحلة "التطبيع في الجو" وإجراء المناورات العسكرية المشتركة.
سماء قاعدة "إندرافيدا" اليونانية شهدت أكبر مناورات عسكرية جوية مشتركة بين سلاح الجو الإسرائيلي والإماراتي، وجنباً إلى جنب شارك طيارون من الإمارات و"إسرائيل" في مناورة "Iniohos 2019" التي انتهت يوم 12 أبريل الجاري، بحضور الولايات المتحدة وإيطاليا واليونان.
"القناة 12" العبرية نشرت تقريراً بعنوان "تطبيع في الجو" سلط الأضواء على المناورة الجوية، التي تضمنت القيام بعمليات تدريب وطيران مشتركة. وتحدث التقرير، الذي أجرى مقابلات من داخل القاعدة مع ضباط كبار في سلاحي الطيران اليوناني والإسرائيلي، عن أن التدريبات والمناورات المشتركة التي يجريها سلاحا الطيران الإسرائيلي والإماراتي هي أنشطة تجر ي بعيداً عن الأضواء.
تطبيع عسكري علني
وتابع: "من كان يصدق أن طيارين من الإمارات وإسرائيل يشاركون في مناورة مشتركة، ويتدربون جنباً إلى جنب؟"، فيما كشف العقيد أمير، قائد القاعدة الجوية الإسرائيلية "رمات دفيد"، عن أن قائد أحد الأسراب في سلاح الجو الإسرائيلي توجه بعد أداء مهمة قتالية إلى الطيارين الإماراتيين، وصافحهم جميعاً.
من ناحيتها، ذكرت صحيفة "جيروسلم بوست" الإسرائيلية، أن الهدف من المناورة المشتركة، التي أطلق عليها "Iniohos 2019"، هو تحسين القدرة على التنسيق بين أسلحة جو الدول المشاركة في المناورة، والتدرب على كيفية مواجهة تهديدات مركبة، وتعزيز القدرات القتالية.
المناورة العسكرية الإسرائيلية-الإماراتية، أشعلت موجه غضب فلسطينية عالية، وسط اتهامات وجهت للإمارات بدور مشبوه تلعبه لطعن القضية الفلسطينية من الخلف، وتشجيع الاحتلال على جرائمه وقتله للفلسطينيين، بمد يدها له.
ويقول الشيخ كمال الخطيب، نائب رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948: إن "دولة الإمارات ومسؤوليها قد باعوا القضية الفلسطينية بأكملها، وتوجهوا رسمياً نحو دولة الاحتلال لإقامة العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية".
وفي تصريحات خاصة لـ"الخليج أونلاين"، أكد أن التطبيع الكامل مع "إسرائيل" بات الهدف الأكبر للدول العربية والخليجية وعلى رأسها الإمارات، وما نشهده هذه الأيام من لقاءات وزيارات متبادلة ومدح عبر وسائل الإعلام، وكذلك المناورات العسكرية، ما هو إلا جزء من المخطط الأكبر لاعتبار "إسرائيل" صديقاً وحليفاً لا عدواً.
"الإمارات والسعودية وغيرها من الدول المطبعة لا يريدون بقاء القضية الفلسطينية عائقاً أمام تحقيق حلمهم بمعانقة "إسرائيل"، لذلك بدؤوا يلجؤون إلى طرق أخرى تتجاوز فيها القضية الفلسطينية وتمسح للوصول إلى أطماعهم في التطبيع الكامل"، يضيف الخطيب.
ويتابع حديثه: "كل من يمد يده لدولة الاحتلال هو يساهم في دعمها على البقاء في أرضنا المحتلة، ويقوي جيشها ومستوطنيها في استباحة المقدسات، والاعتداء على الفلسطينيين بالحرق والقتل والضرب، وسرقة أملاكهم وحقوقهم".
واعتبر نائب رئيس الحركة الإسلامية في الداخل المحتل، أن الإمارات تلعب دوراً "مشبوهاً، يشكل خطراً حقيقياً على فلسطين وقضيتها"، في ظل تقاربها غير المسبوق والمفاجئ في كل الميادين مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، واصفاً المناورات العسكرية بأنها "عار وخيانة على جبين الإمارات ومسؤوليها".
بدوره وصف القيادي في حركة "حماس"، سامي أبو زهري، المناورة العسكرية التي شاركت بها الإمارات و"إسرائيل" بالمؤلمة والصادمة.
وقال في تغريدة عبر (تويتر): "المناورة المشتركة في اليونان بين قوات إماراتية وإسرائيلية مؤلمة وصادمة، وهذا عار كبير، وتشجيع للصهاينة القتلة، وطعنة كبيرة للأمة والشعب الفلسطيني".
يذكر أن هذه المرة الثالثة التي يشارك فيها طيارون من الإمارات و"إسرائيل" في مناورات جوية مشتركة.
وقد سبق لسلاحي الجو الإماراتي والإسرائيلي أن شاركا في مناورة جوية دولية نظمت في الولايات المتحدة سميت بـ"العلم الأحمر"، استضافتها القوات الجويّة الأمريكيّة في أغسطس 2016، إلى جانب المشاركة في مناورة جوية أخرى نظمت في اليونان قبل عامين.
مكافأة "إسرائيل" على جرائمها
"كل أشكال التطبيع مع إسرائيل، سواء كان سياسياً أو عسكرياً أو فنياً، دون حلول عملية وعادلة للقضية الفلسطينية، هو بمثابة ضربة للمشروع الوطني، وتقوية للاحتلال الإسرائيلي"، يقول عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، رباح مهنا.
ويضيف لـ"الخليج أونلاين" أن الفلسطينيين يرفضون وبشكل قاطع كل أشكال التطبيع مع دولة الاحتلال، لأن هذا الباب- بحسب مهنا- مدخل لتقزيم القضية الفلسطينية وتجميل لصورة الاحتلال القبيحة في المنطقة العربية.
وشدد مهنا على أن اللهث خلف الاحتلال للتطبيع معه وعقد الاتفاقيات السرية والمناورات العسكرية، ما هو إلا مكافأة تقدمها الدول العربية لهذا المحتل، وتشجيع له على الاستمرار في عدوانه وتصعيده بحق الفلسطينيين وحقوقهم ومقدساتهم، مطالباً الدول العربية بدعم فلسطين لا طعنها في ظهرها.
وتأتي المناورة العسكرية المشتركة في ظل تناغم المواقف بين الإمارات ودولة الاحتلال الإسرائيلي، إذ شهدت الفترة الأخيرة تبادلاً للزيارات بين مسؤولين في "تل أبيب" وأبوظبي.
وكان وزير خارجية الإمارات، عبد الله بن زايد، زعم "حق" دولة الاحتلال الإسرائيلي في الدفاع عن نفسها إزاء تهديدات من إيران وحزب الله، اللذين تعدهما دول عربية داعمين رئيسيين للإرهاب بالمنطقة.
كما كشفت قبل أيام "القناة 13" العبرية، في سلسلة تحقيقات بثتها مؤخراً، النقاب عن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أجرى اتصالات هاتفية مع ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، بهدف التنسيق في سبيل مواجهة البرنامج النووي الإيراني.