علاقات » عربي

الخطاب الإماراتي حول الاستقرار يُنذر بتغيير المنطقة

في 2019/04/29

موقع "ميدل إيست آي" البريطاني-

ذكر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني أن الخطاب الإماراتي الذي يركز على الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط هو الذي سيقود إلى عدم تحقيقه وينذر بتغييرات في المنطقة، مبيناً أن الإمارات تحاول من خلال شبكات المعلومات المضللة كسب قلوب وعقول الصحفيين ومؤسسات الفكر وصانعي السياسات.

وقال أندرياس كريج، الأستاذ المساعد في قسم الدراسات الدفاعية بكلية كينجز في لندن وهو مستشار متخصص بالمخاطر الاستراتيجية، في مقال له على الموقع، إن الأسابيع القليلة الماضية كانت حافلة بكثير من التطورات في العالم العربي، فلقد أعلن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة استقالته، وفي اليوم نفسه تقريباً شن الجنرال الليبي المتقاعد خليفة حفتر الهجوم على طرابلس العاصمة، كما عُزل الرئيس السوداني عمر البشير بعد 30 عاماً من الحكم.

ويشير كريج إلى أن "المثالية الساذجة في ثورات الربيع العربي 2011 هي التي أدت إلى انهيار تلك البلدان وسقوطها في أتون الحرب الأهلية، في حين تحولت دول أخرى إلى ديكتاتوريات عسكرية بعد عام قصير من النظام المدني الذي كان تحت قيادة الإخوان المسلمين".

ويقول الكاتب: إنه "باستثناء تونس، فإن جميع الثورات العربية توقفت أو قادت إلى حروب أهلية بشعة، ويبدو أن مهد الثورة المضادة التي أعقبت ثورات ربيع 2011 كان محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي، الذي دعم أيضاً الانقلاب الذي نفذه عبد الفتاح السيسي عام 2013، لتتحول مصر إلى دولة ديكتاتورية ونموذج يحاول بن زايد تسويقه، وهو ما يمكن تسميته الاستقرار الاستبدادي".

لقد اعتبر بن زايد، بحسب الكاتب، أن "كلَّ تحرر عربي نحو مجتمع مدني تهديدٌ لأمنه وأمن نظامه، وأي انتصار مدني تعددي في المنطقة هزيمةٌ لنموذج دولة الإمارات للحكم العسكري".

واعتمد بن زايد تسويق نموذج عبد الفتاح السيسي، الذي يقوم على مبدأ الاستقرار السلطوي أو الاستبدادي، كما وصفه الكاتب، والذي يعتبر التعددية الاجتماعية والسياسية ضمن نظام تعددي تقود إلى الفوضى، بحسب هذا المفهوم.

وكان هذا الخطاب جزءاً من مخاوف الغربيين من ظهور وضع اجتماعي سياسي جديد، من المرجح أن يعزز وضع الإسلام السياسي، العدو اللدود للإمارات، كما يقول الكاتب.

وقدمت الإماراتُ مصرَ باعتبارها حالة لما تراه لطبيعة نظام الحكم في المنطقة، حيث يُسوَّغ القمع طالما يقود إلى حالة من النظام والاستقرار ومكافحة الإرهاب، فالإمارات لا تنكر دورها الاستراتيجي في الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي من خلال استغلال الجيش، وهي اليوم تحاول أن تطبق النموذج ذاته في ليبيا بدعم اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

وقدمت أبوظبي ومصر الدعم المالي واللوجيستي لـ"عملية الكرامة" التي يقودها حفتر، بل وصل الأمر إلى اعتماد الأخير على الطيران الإماراتي والمصري في معركته للاستيلاء على طرابلس العاصمة.

وفي الجزائر أدت التظاهرات والاحتجاجات المتواصلة فيها إلى استقالة الرئيس بوتفليقة، وكانت الفرصة مواتية من أجل انتقال سلمي إلى نظام مدني، غير أن رئيس أركان الجيش الجزائري، قايد صالح، مثَّل حجر عثرة في هذا الطريق، وهو الشخص الذي كثيراً ما كان يتردد على الإمارات، ويعتقد أيضاً ضرورة أن يكون هناك جيش قوي ليشكل ضماناً للاستقرار وعدم السماح للإسلام السياسي بأن يهدد سلطة الجيش.

وفي السودان يتكرر المشهد، كما يقول الكاتب، فبينما رحَّب المحتجون بأنباء استقالة البشير، جعلتهم سطوة الجيش التي عادت بعده، يواصلون الاحتجاج، فالإمارات تدعم وبقوة، الجنرال عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس الانتقالي العسكري، الذي يعتبر شريكاً موثوقاً لها، خاصة أنه كان المسؤول عن تجنيد قوات سودانية للقتال إلى جانب تحالف الإمارات والسعودية في اليمن.

وتسعى الإمارات، بحسب الكاتب، إلى تكريس النموذج المصري وتصديره إلى كل من الجزائر والسودان، ولكن الحالة المصرية تؤكد أن جيش الدولة المسلحة يخدم فئة صغيرة على حساب غالبية السكان؛ ومن ثم فإنه يشجع دون قصد، الجماهير المضطهدة على القيام بثورة أخرى.

ورغم كل الجهود التي بذلتها الإمارات، يقول الكاتب، فإن الأحداث تؤكد أن الشعوب قادرة على الانتفاض مرة أخرى في حال استمرت عملية الحرمان وتكريس الديكتاتورية، حتى ولو جاءت بزي مختلف.