صحيفة الغارديان البريطانية- ترجمة منال حميد -
سلطت صحيفة الغارديان البريطانية الضوء على أزمة العملة بالسودان في ظل الأوضاع غير المستقرة بالبلاد، والتي أعقبت الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير.
وقالت الصحيفة إن السودانيين يتساءلون عن سبب اختفاء العملة المحلية من أجهزة الصراف الآلي والمصارف التي لا تمنح سوى مبالغ قليلة، على الرغم من الوعود التي قطعتها السعودية والإمارات بدعم السودان بأكثر من 3 مليارات دولار عقب الثورة التي أطاحت بالبشير.
محمد مهدي أحمد، متقاعد، يجلس في طابور خارج بنك الخرطوم في انتظار سحب أموال من أجهزة الصراف الآلي، هذا المشهد بات يتكرر في العاصمة في خضم أزمة العملة، حيث شهدت الأيام الأخيرة منح أجهزة الصراف الآلي مبالغ نقدية صغيرة فقط لا تتجاوز الأربعين دولاراً، لحين نفاد ما فيها من أموال.
يقول محمد، البالغ من العمر 72 عاماً، إنه ومثله كثيرين باتوا يلجؤون للاقتراض من أجل البقاء على قيد الحياة خلال هذه الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد منذ أشهر.
وأوضح قائلاً: "أنا أقف في الطابور منذ الساعة السابعة صباحاً، والسبب ليس لعدم وجود أموال في البنك، وإنما هي سياسة اعتمدتها البنك المركزي السوداني الذي لا يسلم أموالاً كبيرة لبنوك التجزئة، وهو ما حرم كثيراً من العملاء من أموالهم".
الأزمة ليست جديدة، كما تشير إلى ذلك "الغارديان"، فقد بدأت منذ نوفمبر الماضي، عندما بدأت أجهزة الصراف الآلي في السودان تخلو من الأموال، حينها سارعت الحكومة إلى تخفيض قيمة العملة وإجراء تدابير تقشفية، من أجل منع الانهيار الاقتصادي الحاد، وكان ذلك قبل شهر من بداية الأزمة السياسية التي أطاحت بالبشير في 11 أبريل الماضي.
الأزمة تصاعدت بسبب المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، ليس أقلها خسارة العملة الأجنبية منذ أن فقد السودان ثلاثة أرباع إنتاجه النفطي بعد أن انفصل جنوب البلاد عام 2011.
والآن بعد خمسة أشهر فإن النقص في السيولة أصبح قاسياً، على الرغم من الوعد الذي قطعته السعودية والإمارات بتقديم 3 مليارات دولار كمساعدات مالية للمساعدة في استقرار الأزمة الاقتصادية في السودان.
يقول عبد الرحمن كمال، الذي ظل في الطابور أمام الصراف الآلي ساعات: "لقد مر شهران منذ أن تمكنت من الحصول على أموال، كنت بحاجة إلى أخذ أموال لدفع ثمن العلاج الطبي، يمكنني سحب 2000 جنيه سوداني اليوم، لكن هذا لن يكون كافياً؛ سأضطر إلى الاستمرار في العودة، أحتاج أن أسحب أموالي لأنني كنت أقترض المال من الأقارب ولا أعرف إن كان بإمكاني سدادها".
يقول بعض السودانيين إن النقص النقدي أدى إلى مشاكل غير متوقعة في الاقتصاد، فقد دفع الناس إلى بيع ما يملكونه من أجل الحصول على المال.
ويعتقد الكثير من السودانيين أن أموالهم سرقت ولم يعد هناك أي ثقة بالقطاع المصرفي المحلي، ويقول اقتصاديان، هما يونان روزنتال، وغاربيس إراديان، في معهد التمويل الدولي، ومقره واشنطن، إنه "مع فقدان عائدات النفط فقدت الحكومة عائداً مالياً، مما تسبب في زيادة التضخم وتراجع الاحتياطيات، مع احتفاظ البنك المركزي بسعر صرف مبالغ فيه".
وعندما تحرك البنك لخفض قيمة الجنيه بنحو 40٪، تسبب في ارتفاع التضخم، ما أصبح عاملاً رئيسياً في الاحتجاجات، التي أسقطت البشير بعد ثلاثة عقود في السلطة، وقالا في هذا السياق: "إنها أزمة اقتصادية لم يتم حلها بعد وقد تكون لها عواقب وخيمة".