متابعات-
تشهد كواليس الأزمة الليبية حراكاً متصاعداً في كل الاتجاهات المختلفة بين استمرار حرب اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، على طرابلس، وبين وقفها والذهاب إلى طاولة التفاوض، في وقت يشترط حلفاؤه تمكينه من مواقعه السابقة جنوب طرابلس قبل العودة للمسار السياسي، بحسب مصادر حكومية مطلعة من طرابلس.
وطالبت حكومات مصر وفرنسا وإيطاليا والإمارات وبريطانيا وأميركا، في بيان مشترك أمس الثلاثاء، بتنشيط الوساطة الأممية التي تهدف إلى دعم حكومة انتقالية تمثل جميع الليبيين، والاستعداد لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية تتسم بالمصداقية، مشددة على وقف الحرب جنوب طرابلس، دون الإشارة إلى انسحاب قوات حفتر.
وأعقب ذلك إعلان من البعثة الأممية عن لقاء رئيسها، غسان سلامة، بوزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان لـ"بحث سبل وقف الاقتتال الدائر في ليبيا والعودة للعملية السياسية".
وتحدثت مصادر لـ"العربي الجديد" عن اتفاق بين حلفاء حفتر على قيادة أبوظبي للملف الليبي، كممثل لهذا الجناح؛ في كواليس المحادثات التي تجري في عدة عواصم، حيث تفضل بعضها كباريس وموسكو والقاهرة الظهور بمظهر الداعم للسلام في ليبيا. وقالت المصادر إن أزمة نشبت بين طرابلس وباريس بشكل غير ظاهر بعد اعتراف فرنسا بملكيتها للصواريخ الأميركية التي عثر عليها في غريان نهاية الشهر الماضي، بعد طرد قوات الوفاق لقواته منها.
من جهته، اتهم وزير خارجية حكومة الوفاق في طرابلس، محمد سيالة، روسيا وباريس بتعطيل جهود وقف الحرب جنوب طرابلس.
وقال سيالة، في كلمة أمام مجلس النواب في طرابلس مساء أمس الثلاثاء، إن "فرنسا وروسيا ماطلتا وتحفظتا وعطلتا صدور بيانات من مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي"، ما يعكس حقيقة استنكار حكومة الوفاق لموقف فرنسا من حرب حفتر على طرابلس.
ولفت سيالة خلال كلمته إلى أن التأثير الدولي طاول الموقف العربي، حيث رفضت الجامعة العربية عقد جلسة خاصة بليبيا على مستوى وزراء خارجية الدول العربية.
وتؤكد المصادر لـ"العربي الجديد"، أن الانقسام الدولي بدا أكثر حدة مما أثر سلباً من جانب آخر على إطلاق حفتر حملته الجديدة التي يعد لها على طرابلس؛ فهناك عدة عواصم طالبت بوقف القتال بينما تطالب أبوظبي والقاهرة وباريس بتمكين حفتر من مواقعه السابقة جنوب طرابلس التي فقدها إثر سقوط غريان نهاية الشهر الماضي، قبل الموافقة على رجوع الأزمة للمسار السياسي.
وتشير المصادر نفسها، والتي فضلت عدم نشر اسمها، إلى أن تلك المطالب يقابلها رفض من حكومة الوفاق التي تعد هي الأخرى لحملة مضادة تسعى لإبعاد حفتر عن مواقع جديدة سيما من قاعدتي الجفرة والوطية غرب البلاد. كما أنها ترفض شكل المسار السياسي الذي تشترط القاهرة وأبوظبي أن يقودها مجلس النواب بعد اجتماعه في القاهرة برعاية مصرية.
وتجري التحضيرات حاليا لعقد جلسة أخرى لمجلس النواب ولكن هذه المرة داخل ليبيا، ومن المرجح أن تكون ببلدة أوجلة أو غدامس، حيث سيجمع نواب طبرق بنواب طرابلس، للموافقة على تشكيل حكومة ائتلاف وطني بديلة لحكومة الوفاق.
وشهدت القاهرة مطلع الأسبوع الجاري لقاء عدد من نواب البرلمان المنعقد في طبرق، ضمن مسعى من القاهرة إلى إحياء دور البرلمان لإيهام الرأي العام الدولي بوجود واجهة سياسية لحراك حفتر العسكري باتجاه العاصمة من جهة، وفي محاولة لاستيعاب وإقناع النواب المنشقين عنه والذين قرروا عقد جلسات موازية في طرابلس من جهة أخرى.
ومنذ أكثر من أسبوعين تتناقل وسائل أعلام محلية ودولية تسريبات عن دفع الإمارات بكرتها الأول في ليبيا، العارف النايض السفير الليبي السابق في أبوظبي، إلى الواجهة السياسية لإقناع الأطراف الليبية بقدرته على تولي رئاسة حكومة الائتلاف الوطني.
ويمتلك النايض صلات واسعة في أغلب أقاليم ليبيا الثلاث بفعل انتماءه للتيار الصوفي واسع الانتشار في البلاد، ويرتبط بصلات وثيقة بشيوخ الزوايا الصوفية المنتشرة في أغلب ليبيا وتؤلف شريحة مجتمعية واسعة في البلاد.
ومؤخرا، أعلنت وسائل إعلام مقربة من حفتر عن صدور قرار المعاون الأول له، اللواء عون الفرجاني، بحلّ "سرية الحماية والقبض" السلفية بسجن قرنادة بإمرة المدعو منير الحاسي. ونقلت مصادر أخرى أن الفرجاني شبه قيادة المداخلة السلفيين، داخل قرنادة الذي يعد المعقل الأول للمداخلة المسلحين في ليبيا، بــ"الدواعش التكفيريين" ما حدا بالحاسي إلى الرد على الفرجاني بردود أغضبته ودفعته إلى إيداع الحاسي السجن وإجبار مسلحيه على تسليم سلاحهم.
وإن بدت الخطوة مؤشراً في اتجاه تقليص حفتر لنفوذ المداخلة المسلحين في صفوفه وميل الأطراف الداعمة له لإحلال التيار الصوفي محل المداخلة. إلا إن المصادر تؤكد خلافات بين النايض وحفتر على خلفية رفض الأخير لقرارات حلفاءه في أبوظبي بضرورة خضوعه لسلطة مدنية بعد فشل حملته العسكرية للسيطرة على طرابلس، كما أن خضوعه لسلطة مدنية يعني القضاء على مشروعه لانفراد بحكم البلاد عسكريا.