علاقات » عربي

"هادي".. أضحية الإمارات في العيد

في 2019/08/14

فؤاد السحيباني- راصد الخليج-

حرب وجود، هذا الوصف الوحيد المنطبق على حرب السعودية والإمارات في اليمن الصامد، لا مفاوضات أو تراجع، لا نية للتسليم بالعجز عن كسر إرادة الشعب اليمني العظيم، كل ما تكبدته الخزائن الخليجية، وما اقترفته الأيادي المجرمة مرشح للتصاعد، وليس إلى هدوء أبدًا.

العائلات الحاكمة في السعودية والإمارات تعرف أن اليمن هو المعادل الحضاري لكل ثرواتهم، الظهر الصلد للجزيرة العربية الرخوة، أكبر شعب عربي في الجزيرة، وأكثرهم امتلاكًا لمقومات القيادة والقدرة، وبالتالي فهو التهديد الحقيقي لعروشهم الكرتونية، التي صنعها الغرب على عينه، وثبتها برعايته وحمايته.

الإمارات التي سبق وأعلنت انسحابًا من العمليات العسكرية، قفزت في ليلة عيد الأضحى إلى المشهد من جديد، بخطة شيطانية، جعلت فيها من عبدربه منصور هادي "أضحيتها" على مذبح سياسة تريد فيها التكريس لتقسيم اليمن، ودفعت بعناصرها من الانفصاليين الجنوبيين إلى السيطرة على القصر الرئاسي في "عدن"، كاسحة ما تبقى من ظلال وجود ما كانت تدعي إنه "الشرعية"، لا شرعية الآن من وجهة نظر قوى العدوان والشر إلا للتفتيت والشرذمة.

المجلس الانتقالي كان اليد الإماراتية للتدخل، ومحاولة اقتناص أجزاء من الجسد اليمني لصالح دول الخليج، وعلى رأسها بالطبع الموانئ والجزر، والأهم نقل معركة اليمن من حرب شعبية في وجه قوى عداونية إلى حرب أهلية، وتصدير الصورة الجديدة للعالم كله، لتفويت فرص الإدانة التي بدأت برفع الصوت في مواجهة جرائم الحرب المرتكبة في اليمن.

أراد محمد بن زايد أن يستغل فرصة حديث السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، بإيقاف استهداف الأراض الإماراتية، طالما توقفت مشاركة الإمارات في العدوان العسكري، ليدفع بـ "اللعبة" إلى مستوى جديد، فهو يتدخل بأصابع الخيانة وبنادق العملاء، وبالتالي يتوهم أن الطرف الآخر سيصمت، أو يبتلع المخطط المكشوف، بعد أن تضعه السياسة الإماراتية الجديدة في ركن الحلبة، كمستقبل للضربات، وفقط.

الخطة الإماراتية تسعى لتقسيم اليمن بين جنوب "يتقاتل دائمًا"، لإثبات الولاء، وشمال هي عاجزة عن احتلاله، بعد أن فشلت كل محاولات الدخول إلى صنعاء والمدن الشمالية، أو حتى السيطرة على المنفذ اليمني الوحيد المفتوح على العالم "ميناء الحديدة"، وتركه محاصرًا، يعاني الاستنزاف من الغارات السعودية الجوية، وحرب التجويع والحصار، ريثما تسنح فرصة أخرى لاصطياده، أو على الأقل إضعافه في المدى المنظور.

قصر المعاشيق الذي دخله أعضاء "الانتقالي" الإماراتي، بعد انسحاب المدرعات السعودية، وتسليمه للانفصاليين، هو الحبة الأحدث في عقد المؤامرات على اليمن، انتهى الحديث عن الشرعية المزعومة، وبات "هادي"، الحاكم من فنادق السعودية، بلا جذور على الأرض، بعد أن أدى دوره في خدمة أعداء بلاده، بمنتهى التفاني والجد.

ومن وراء "هادي" وشرعيته المزعومة، سيسقط كل خائن، رأى في التدخل العدواني مصلحة متحققة، وخاصم كل دعوات لم الشمل والتفرغ لمواجهة العدوان الواسع على الوطن، فالمترددين مثل العملاء نهايتهم واحدة، وربما أسوأ، عليهم لعنات من عملوا لصالحهم، ولعنات الشعب اليمني قبلها.

الدفع الإماراتي المفضوح لخلق حالة انفصال بين شمال وجنوب اليمن، كما يذبح "هادي" سياسيًا، فإنه وضع الحليف الأول –السعودية- أمام وضع لا يطاق، فلا "بن سلمان" يستطيع وقف الحرب الآن، وإلا فإنه يعترف بفشل كامل، بداية من التخطيط للحرب إلى الاستمرار فيها، ولا هو يقدر على مجاراة الإمارات، وخسارة كل الكروت التي يمتلكها على الأرض، سقوط الشرعية هو سقوط ورقة التوت التي تغطي التدخل العسكري السافر، والمجنون.

لكن من قال إن القيادة اليمنية، ممثلة في الجيش واللجان الشعبية، وأنصار الله، التي أذهلت الدنيا، خلال الشهور الأخيرة، بإنتاج وامتلاك منظومات صاروخية، فشلت حتى الدفاعات الأميركية في تحجيمها، أو منع وصولها لأهدافها في عمق الأراض السعودية، ستصمت أو ستبتلع الضربة؟! الحقيقة أن الرهان على الشعب اليمني هو الرهان الوحيد الرابح الآن، فقدرته التي أثبتها ويثبتها لن تنكسر أو تضعف أمام المخطط الشيطاني الجديد.
الصمود اليمني الأسطوري في وجه قوى العدوان، هو الرد الأوفى والأعظم من الشعوب على نظم حاكمة، باعت قرارها وأوطانها إلى الحلف الصهيوأميركي، وقررت أن تعاقب كل من يفكر في الخروج من الطاعة الأميركية.

تحمل الشعب نحو ربع مليون غارة جوية و5914 قنبلة ونصف مليون قذيفة و6000 صاروخ، طوال أعوام العدوان، ويستمر أهلنا في اليمن في تقديم أروع آيات البطولة والفداء، كنموذج لما يمكن لأي شعب عربي أن يفعله، لإثبات أن المقاومة أول طريق النصر، وأن الدم اليمني سينتصر على السلاح الأميركي.
صمود اليمن، لخمس سنوات متتالية، يثبت أن إرادة المقاومة هي الضمان الأولي للنصر، والخطوة الأولى لتغيير الواقع العربي المتراجع، وأن أكداس السلاح العربي القادمة من الغرب، ليست إلا خصمًا من حقوق الغالبية الكاسحة للشعوب المقهورة.