علاقات » عربي

حياة المسافرين مهددة.. لماذا لا توقف السعودية مطار أبها؟

في 2019/08/31

متابعات-

لعل تجاوز تهديدات جماعة الحوثي التصريحات الرنانة منذ زمن تجاه أمن المملكة العربية السعودية بات واضحاً، جراء الاستهداف المتواصل بشكل متقارب لمناطق حيوية وعسكرية واقتصادية استراتيجية فيها.

فقد استهدفت مليشيا الحوثي، على مدار السنوات الماضية، الكثير من المرافق الحيوية في المحافظات الجنوبية القريبة من اليمن؛ مثل مطار أبها، وقاعدة الملك خالد بن عبد العزيز، وقاعدة الملك سلمان بن عبد العزيز، وغيرها، أو وصولاً إلى العاصمة الرياض، بالإضافة إلى المحطات النفطية شديدة الأهمية.

ولكن منذ يونيو الماضي، تسبب استهداف "الحوثي" المتكرر لمطار أبها الدولي بتهديدات أشد وضوحاً لحياة المدنيين العاملين فيه والمسافرين عبره، حيث تزعم الجماعة أن المطار ليس مدنياً، إنما يستخدمه التحالف الذي تقوده الرياض في اليمن كقاعدة عسكرية بالحرب ضدها، ولذلك يتم استهدافه بشكل دوري.

استهداف المطار

وفي 11 أبريل عام 2018، استهدف الحوثيون لأول مرة مطار أبها الدولي، في منطقة عسير جنوبي المملكة، بطائرة بدون طيار تحمل اسم "قاصف كيه 1"، مصيبة أهدافها "بدقة"، وكانت تلك أولى عمليات الجماعة خارج الحدود اليمنية، بحسب قناة "المسيرة" التابعة للحوثي.

وفي 12 يونيو الماضي، استهدف الحوثيون مطار أبها بصاروخ "كروز" في تطور لافت، وقالوا إن الهجوم أصاب برج المراقبة في المطار بدقة، وعطل حركة الملاحة، بحسب "المسيرة".

في الوقت نفسه أكد المتحدث باسم قوات التحالف السعودي الإماراتي في اليمن، العقيد الركن تركي المالكي، أن مقذوفاً أطلقه الحوثيون أصاب صالة القدوم في مطار أبها، موقعاً عدة إصابات في صفوف مسافرين من جنسيات مختلفة.

وقال المالكي في بيان: إن "سقوط المقذوف أدى إلى إصابة 26 مسافراً من جنسيات مختلفة، بينهم طفلان سعوديان وثلاث نساء؛ سعودية ويمنية وهندية".

ونفذت جماعة الحوثي هجوماً ثانياً بطائرة مُسيّرة مُستهدفة مواقف سيارات المطار، في 23 يونيو الماضي، وقد خلف قتيلاً وسبعة جرحى، بحسب وكالة الأنباء السعودية "واس".

وفي 2 يوليو الماضي، شن الحوثيون هجوماً باستخدام طائرة بلا طيار على المطار، ما أدى إلى إصابة ثمانية مواطنين سعوديين ومقيم هندي، بحسب المصدر ذاته.

وخلال شهر يوليو الماضي، استهدفت الجماعة المطار لأكثر من 6 مرات عبر طائرات مسيرة من نوع "قاصف كيه 2"، بحسب ما ذكرت قناة المسيرة.

في ذلك الحين أثارت الهجمات التي وُصِفت بـ"الإرهابية" إدانات محلية وعربية ودولية عديدة، وأصدر مجلس الأمن الدولي بياناً (13 يونيو 2019) نص على أن "هذه الهجمات ضد المملكة العربية السعودية والمنطقة تنتهك القانون الدولي وتهدد السلم والأمن الدوليين".

وفي خضم الاستهداف الحوثي للمطارات المدنية، ومن ضمنها مطار أبها الدولي، دعا الناطق باسم الحوثيين، العميد يحيى سريع، في 9 أغسطس 2019، "المدنيين والشركات في السعودية للابتعاد الكامل عن المطارات والمواقع العسكرية؛ لكونها أصبحت أهدافاً مشروعة لهم".

الرد السعودي

ورداً على استهداف الحوثيين مطار أبها، في 12 يونيو الماضي، توعد الأمير خالد بن سلمان، نائب وزير الدفاع السعودي، بمواجهة ما أسماها جرائم "مليشيا الحوثي بحزم لا ينثني وصرامة لا تنكسر".

ووصف في تغريدة على تويتر استهداف الحوثيين لمطار مدني بـ"التجاوز الذي يوضح للعالم فداحة التصعيد الإيراني للإضرار بأمن المنطقة واستقرارها".

وقالت صحيفة "الرياض" السعودية في افتتاحيتها بعيد الاستهداف: "لدينا كل الإمكانات التي تردع الحوثي عسكرياً وسياسياً، ونعتقد أن الرد سيكون صارماً على المسارين، لن نقف مكتوفي الأيدي عند الاعتداء على شبر من أرضنا الطاهرة.. أرض الحرمين الشريفين".

ولكن الاستهدافات التي تلت تلك التصريحات والوعود والاستهدافات السعودية للمقرات العسكرية لجماعة الحوثي لم توقف استهداف المطار بل تكررت مرات متعددة خلال أشهر قليلة، وتسببت بقتل وجرح مدنيين.

هذا الأمر فتح باب التساؤلات عن غياب شبه كامل للدفاعات الجوية والأرضية السعودية من محيط مطار أبها الدولي، وفائدتها، رغم مليارات الدولارات التي دُفعت وتدفع حتى اليوم في شراء الأسلحة المتفوقة عسكرياً على جماعة محاصرة تدعمها إيران.

وقالت صحيفة "رأي اليوم" اللندنية في تعليقها على ذلك، في 12 يونيو المنصرم: إنه "يُشكل تطوراً نوعياً في حرب اليمن بعد إكمالها عامها الرابع، ويُؤكد أنّ هذه الحركة وحُلفاءها باتوا يملِكون أسلحة جديدة نوعية قادرة على تحقيق التوازن والردع الفعال ضد التحالف السعودي الإماراتي وهجماته".

وأضافت: إنّ "أهداف الحرب في اليمن تغيّرت رأساً على عقب بعد السنوات الأربع الماضية من عُمرها؛ فلم يعُد العُنوان المُستخدم إعادة الرئيس الشرعيّ إلى الحُكم في صنعاء، وإنّما الدّفاع عن النّفس، ومنع الهُجوم الحوثي المُضاد من الاستيلاء على أراضٍ سعوديّةٍ، وتأمين المصالح الاستراتيجيّة الحيويّة؛ مِثل المطارات المدنيّة والعسكريّة، ومحطّات الماء والكهرباء والمُدن الرئيسيّة".

وأكّدت الصحيفة أنه "لا خِيار أمام التحالف السعوديّ الإماراتي غير العودة للحل السياسي للوصول إلى مخارج سريعة من هذه الحرب؛ لأنّ التطورات المُقبلة ربما ستكون أكثر كُلفة وإحراجاً على الصعد كافة".

والمستغرب أيضاً –بحسب متابعين للشأن اليمني- لماذا لا توقف السلطات السعودية العمل في مطار أبها، في ظل تعرض المدنيين لخطر الشديد في ظل الاستهداف المتواصل من الحوثيين له؟

ويرى مراقبون أنّ إيقاف السعودية لمطار أبها التي دوماً ما تظهره يعمل -عبر وكالاتها ووسائل إعلامها- يدلل على أنه قد يشكل خسارة معنوية كبيرة أمام الحوثيين، وهو ما لا تريده المملكة، وإن كان ذلك على حساب بعض الجرحى والقتلى من المدنيين في ظل استمرار جماعة الحوثي على منوالهم.

أهمية المطار

ومطار أبها مطار إقليمي تابع لمنطقة عسير جنوب غربي السعودية، يبعد نحو 18 كم في الاتجاه الجنوبي الغربي، وتقدر مساحته بـ3.547 متراً مربعاً.

افتتح عام 1977، وقد بدأ العمل برحلات دولية في يونيو 2006، وأقلعت أول رحلة دولية منه إلى مدينة القاهرة، وذلك على متن طائرة تابعة للخطوط الجوية السعودية.

يستقبل المطار أكثر من 222 رحلة أسبوعياً، منها 188 رحلة داخلية، ونحو 34 رحلة دولية.

يضم المطار أيضاً مبنى الصالة الملكية، ومبنى الأرصاد الجوية، ومبنى شحن وجمارك الجوية السعودية، ومبنى صيانة الجوية السعودية، إضافة لمبنى الإطفاء والإنقاذ، ومسجد المطار، ومحطة الكهرباء الرئيسية، ومحطة معالجة المياه، وأخيراً مبنى تابعاً للقوات الجوية.

والقسم الأخير يزعم الحوثيون أنه يُستخدم من قبل المملكة في شن بعض عملياتها الجوية والعسكرية ضد الجماعة في عموم اليمن انطلاقاً منه، وهو ما تنفيه الرياض.

ويشهد اليمن، للعام الخامس توالياً، حرباً بين القوات الموالية للحكومة ومليشيا الحوثي، التي ما تزال تسيطر على عدة محافظات بينها العاصمة صنعاء، منذ سبتمبر 2014، وتُتهم بتلقي دعم من إيران.

ومنذ مارس 2015، يدعم تحالف عسكري بات يقتصر حالياً على السعودية والإمارات، القوات الحكومية بمواجهة الحوثيين، وأدى القتال إلى مقتل 10 آلاف شخص وإصابة 60 ألفاً آخرين، حسب تقديرات أممية.