علاقات » عربي

خدمات متبادلة.. إلى أي مدى يرتبط الحوثيون بعلاقات مع الإمارات؟

في 2019/09/16

متابعات-

اتفاقات وتفاهمات بين الإمارات وإيران، سرعان ما ألقت بظلالها مباشرة على التوازنات السياسية والعسكرية في اليمن، وجعلت السعودية مرمى الهدف السهل للحوثيين، بالتزامن مع استمرار التصدع داخل التحالف الذي تقوده الرياض وأبوظبي في اليمن.

وبينما تعبث الإمارات باليمن، يأتي الحوثيون لإنقاذهم وصرف الأنظار عما يحدث في جنوبي البلاد، من خلال إشغال الرياض بهجمات بطائرات مسيَّرة، تستهدف مطارات وقواعد عسكرية ومنشآت نفطية، يرى كثيرون أنها خدمات متبادلة بين جماعة الحوثيين وأبوظبي.

ويبدو أن التفاهمات الأخيرة بين أبوظبي وطهران أفلحت بتوازنات جديدة على الأرض اليمنية، من خلال تقاسم البلاد بينهما، وتمكين الحوثيين من مدن الشمال، وسيطرة الإمارات عبر قوات موالية لها على المحافظات الجنوبية، وترك الرياض تقاتل الحوثيين على حدودها وحماية أراضيها من القصف المستمر.

القتال بالجنوب والرد في السعودية

بينما لا يزال الغضب بين اليمنيين ضد الإمارات بسبب تحركاتها جنوبي البلاد، ورفض الحكومة اليمنية محاولة السعودية إرغامها على التفاوض مع المجلس الانتقالي الجنوبي الذي انقلب على الشرعية في أغسطس الماضي، بدعم من أبوظبي، فوجئت الرياض في الـ14 من سبتمبر 2019، بهجوم حوثي على منشأتين لشركة أرامكو.

وأعلنت جماعة الحوثي المسلحة مسؤوليتها عن الهجوم بطائرات مسيَّرة دون طيار، على مصنعين تابعين لشركة "أرامكو" النفطية بمحافظة بقيق وهجرة خريص شرقي المملكة، في حين أكدت المملكة وقوع الهجوم.

وتوعد المتحدث باسم الحوثي، الرياض بشن مزيد من الهجمات، مبيناً أن "بنك أهداف الهجمات في السعودية يتسع، بفضل المعلومات الاستخباراتية الدقيقة وتعاون الشرفاء داخل المملكة".

هذا الهجوم جاء الحديث عنه مع الأنباء التي تحدثت عن وصول تعزيزات عسكرية سعودية خلال الأيام الماضية (مطلع سبتمبر)، إلى القوات اليمنية في شبوة، لمواجهة قوات "الانتقالي الجنوبي"، ورفض الرياض تحركات أبوظبي في جنوبي اليمن.

حقل شيبة مثالٌ آخر

بينما كان التوتر قد بلغ أقصاه في جنوبي اليمن، بعدما سيطر المجلس الانتقالي الجنوبي على مدينة عدن بالكامل بدعم إماراتي في 14 أغسطس 2019؛ وهو ما دفع ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد للذهاب إلى الرياض للتشاور- كانت منشأة نفطية سعودية تستعد لتلقي ضربة جديدة.

بعد 3 أيام فقط من سيطرة القوات الموالية للإمارات على عدن، أعلنت السعودية في 17 أغسطس الماضي، تعرُّض حقل شيبة البترولي، جنوب شرقي البلاد، لـ"عملية" بطائرات مسيَّرة.

وأعلنت جماعة "الحوثي" تنفيذ هجمات بـ"10 طائرات مسيَّرة" استهدفت منشآت نفطية تابعة لشركة "أرامكو" جنوب شرقي السعودية.

ويؤكد المحلل السياسي اليمني عبد الرقيب الهدياني وقوف الإمارات بشكل غير مباشر خلف الهجمات على المرافق الحساسة في المملكة، قائلاً: "تضاعفت هجمات الحوثيين بالطائرات المسيَّرة على السعودية منذ توقيع الإمارات وطهران الاتفاقات الأمنية. سؤال محوري: لماذا لا يستهدف الحوثيون الإمارات؟".

وفي تغريدته على "تويتر"، أجاب عن ذلك التساؤل بقوله: "الجواب: ﻷنها على الأرض تقدم لهم خدمات كبيرة من خلال حربها على الشرعية ونقل المعارك إلى المناطق المحررة".

من يمول الحوثيين بالطائرات المسيَّرة؟

في أغسطس الماضي، نشر دبلوماسي سعودي وثيقة خطيرة تكشف تورط دولة الإمارات العربية المتحدة، الحليف الأقوى للسعودية، في دعم  الحوثيين لاستهداف المملكة.

ونشر الدبلوماسي السعودي السابق سلطان الطيار، في تغريدة له على "تويتر"، جزءاً من تقرير مجلس الأمن، الذي أشار إلى اعتراض قوات الشرعية في مأرب شحنة طائرات قادمة من دبي تم شراء مكوناتها عبر الإمارات (ذكرت اللجنة اسم البنك ورقم الحساب)، ثم تركّبها شركة إيرانية وترسلها إلى اليمن من خلال دبي، كما يتحدث التقرير.

ويؤكد محمد المسوري محامي الرئيس اليمني السابق، أن الإمارات هي التي "تهرب الطائرات المسيَّرة للحوثيين".

وأضاف في تغريدة نشرها على "تويتر": "هذا ليس قولي وإنما تقرير فريق الخبراء الدوليين، أَبَعد هذا تقولون لنا إن الإمارات جاءت لدعم إعادة الشرعية؟! كيف تريدون منا أن نوجه البوصلة نحو تحرير صنعاء والإمارات تقاتلنا من الأمام وتطعننا من الخلف؟!".

دعمها للحوثيين قبل الحرب

لم يكن مستغرباً ما أوردته عديد من التقارير، التي تؤكد الدعم غير المحدود الذي ظلت أبوظبي تقدمه للحوثيين، قبل سيطرتهم على صنعاء في 2014، ومساعدتهم على التقدم من صعدة وحتى دخول صنعاء، وذلك في إطار حربها على ثورات الربيع العربي في تونس ومصر وليبيا واليمن.

وفي يوليو 2014، استقبلت أبوظبي عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثيين آنذاك علي البخيتي، بصفته مبعوثاً خاصاً للجماعة إلى الإمارات، وأجرى لقاءات مع مسؤولين رفيعين في أبوظبي، تزامنت مع سقوط عمران في يد الحوثيين والذي تتابعت بعده الأحداث المتمثلة في محاصرة العاصمة اليمنية صنعاء بالحشود والمسلحين.

وفي تقرير آخر، نُشر في أبريل من عام 2015، كشف الباحث الأمريكي والصحفي الاستقصائي نفيز أحمد، أن دولة الإمارات دعمت الحوثيين في اليمن بمبلغ مليار دولار، وذلك عن طريق نجل الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح.

ونقل الباحث، في مقال نشره موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، عن مصدر مقرب من الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، قوله إن الإمارات أدت دوراً رئيساً في تقدُّم الحوثيين باليمن من خلال تقديم تمويل العملية لـ"صالح".

يشار إلى أن الجنرال السعودي أنور عشقي كان أكد في لقاء له مع قناة "روسيا اليوم"، عام 2016، أن الإمارات دعمت الحوثيين في اليمن بالمال مقابل ضرب "فئة معينة"، لم يسمها حينها، إلا أن مراقبين اعتبروا أن الفئة هي حزب الإصلاح اليمني (محسوب على جماعة الإخوان المسلمين التي تصنفها أبوظبي والرياض إرهابية).

مشاورات سرية  

وفي يوليو الماضي، كشف نائب الأمين العام لحزب الله اللبناني، نعيم قاسم، عن وجود قنوات تواصل سرية بين الحوثيين والإمارات، عبر إيران.

وقال "نعيم" في حوار مع قناة "الميادين": إن "هناك لقاءات تحصل بين مسؤولين من الإمارات ومسؤولين من الحوثيين، لتنظيم خطوات لاحقة في عملية الانسحاب الإماراتي من اليمن".

وتابع: "هل توجد اتصالات بين الإمارات وإيران؟ معلوماتي أنه يوجد حوار ونقاش وتواصل دبلوماسي طبيعي بين إيران والإمارات، ولم ينقطع هذا الأمر، وحتى على مستوى أجهزة المخابرات، فإنها تتواصل بعضها مع بعض. ما الحدود التي يناقشون فيها حول اليمن؟ هذا لا أعلمه".

وسبق أن أعلن محمد البخيتي، في 2 أغسطس الماضي، بعد أيام فقط من لقاء إماراتي-إيراني بطهران، أنهم قرروا تجميد الهجمات على الإمارات؛ بعد تغييرٍ -وصفه بـ"الملموس"- في موقف أبوظبي السياسي والعسكري.

التناغم الحوثي - الإماراتي

تصريحات الحوثيين بوقف هجماتهم على الإمارات في وقت سابق، يصفها الباحث اليمني نجيب السماوي بأنها تأتي في إطار ما وصفه بـ"شهر العسل" بين الطرفين.

وأضاف في تصريح لـ"الخليج أونلاين"، أن العلاقات بين الطرفين ممتدة منذ سنوات، وأن معركة الحديدة كانت أكبر دليل على أن التناغم بين الطرفين موجود، بعدما أوقفت أبوظبي التقدم، بعد اتفاق مع الحوثيين، وتحريك قواتها وسياستها نحو تقسيم جنوبي اليمن.

وجدد تأكيده وقوف أبوظبي وراء الهجمات على القوات اليمنية، قائلاً إنها قصفت الجيش الوطني اليمني عشرات المرات؛ متسبِّبةً في وقف التقدم نحو مناطق سيطرة الحوثيين، متهماً في إطار حديثه الإمارات بالوقوف وراء حادثة مقتل قائد المنطقة العسكرية الثالثة في مأرب، عبد الرب الشدادي، في أكتوبر 2016، عندما رفض توجيهات أبوظبي بعدم التقدم بقواته نحو صنعاء من اتجاه صرواح.

وتابع السماوي: "الإمارات كانت -ولا تزال- ترفض دعم القوات اليمنية لتحقيق أي تقدُّم في المناطق الشمالية، واكتفت بدعم الجماعات المسلحة في الجنوب للسيطرة على تلك المدن، ودعم الحوثيين بالطائرات المسيَّرة والمال، لإشغال السعودية عن اليمن، ودفعها إلى البحث عن حلول سياسية تُبقي على الحوثيين وتؤسس لدولة جديدة في الجنوب".

كما أكد أن القيادي في الحزام الأمني منير اليافعي، الذي قُتل في أغسطس الماضي، في هجوم اعترف به الحوثيون، وتحوَّل إلى انقلاب على الحكومة، كان هدفه تحييد اليافعي الذي كان يملك أدلة على تهريب الإمارات طائرات مسيَّرة إلى الحوثيين، ومنَع أكثر من مرة، تهريب تلك الطائرات إلى مناطق الحوثيين.