علاقات » عربي

هل تشن السعودية ضربة عسكرية ضد إيران ردا على هجمات أرامكو؟

في 2019/10/02

ستراتفور-

بعد أسبوعين من الهجوم المدمر على منشآت النفط السعودية في "بقيق" و"خريص"، لا يزال هناك سؤال رئيسي يدور وهو ماذا ستفعل الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية ردا على ذلك؟ ويحاول كلا البلدين الترويج لكون إيران كانت مسؤولة مباشرة عن الهجمات. ومع إثبات ذنب إيران، فسوف يمكنهما عزل طهران دبلوماسيا، ما يمهد الطريق لرد فعل عدواني.

لكن المملكة العربية السعودية عالقة بين المطرقة والسندان. وإذا لم تفعل الرياض شيئا، فمن المحتمل أن تواصل إيران عدوانها على شريك أمريكا الرئيسي في المنطقة في محاولة لإجبار الولايات المتحدة على تخفيف عقوباتها. لكن إذا قامت السعودية بالرد على إيران لردعها، فإنها ستخاطر برد انتقامي أكبر من إيران، وتعرض بنيتها التحتية الحيوية للطاقة لخطر شديد. ومع تزايد الضغط لاتخاذ خطوة، قد تشعر المملكة قريبا بالحاجة إلى فرض نوع من العقاب على إيران.

الحسابات

تشعر الولايات المتحدة بقلق عميق إزاء توريط نفسها في صراع شرق أوسطي آخر، في الوقت الذي تسعى فيه إلى توجيه انتباهها ومواردها إلى منافسة القوى العظمى مع روسيا والصين. وتبعا لذلك، إذا كان أحد خصوم إيران سيبدأ ردا عسكريا على هجمات "بقيق" و"خريص"، فمن المحتمل أن يقود السعوديون أنفسهم هذا الرد. وفي الواقع، عندما أطلع المستشارون العسكريون الأمريكيون الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" على الخيارات المختلفة لرد فعل عدواني، أصر على أنه يتعين على المملكة المساهمة في أي ضربة انتقامية قد تتم، حسبما ذكرت شبكة "سي بي إس نيوز".

وبطبيعة الحال، لا تشعر المملكة بالسعادة من احتمال العثور على نفسها في صراع أعمق مع إيران، من شأنه أن يعرض بنيتها التحتية لتصدير الطاقة لمزيد من الهجمات المعطلة، بغض النظر عن مدى رغبتها في الرد. وقد ترى السعودية أن الانتقام في شكل ضغط اقتصادي أكبر، بالتنسيق مع حلفائها، قد يكون كافيا. وبدلا من ذلك، قد تسعى إلى إجراء رد غير تقليدي، مثل التخريب أو شن هجوم إلكتروني بالتعاون مع الولايات المتحدة. ومع ذلك، من غير المرجح أن ينجح هذا الإجراء في ثني إيران وربما يشجعها على التصرف بعدوانية أكبر. ففي النهاية، تتحرك إيران في المقام الأول بسبب الضغط الاقتصادي الهائل الذي تواجهه. وبالنظر إلى ذلك، فهناك احتمال متزايد بأن ترى المملكة أن الرد العسكري هو طريقها الوحيد القابل للتطبيق، على الرغم من التداعيات المدمرة المحتملة.

الأهداف المحتملة

وبطبيعة الحال، لا تنوي الحكومة السعودية بدء صراع كامل مع إيران، لذلك سيكون عليها أن تسير على خط مشدود بين الرد بطريقة مؤثرة بدرجة كافية مع تقليل مخاطر التصعيد إلى أقصى حد ممكن. وإذا قرر الجيش السعودي شن هجوم انتقامي، فسيكون أمامه 3 خيارات عامة. الأول هو تنظيم رد مطابق للهجوم عبر شن هجوم مضاد على منشآت النفط الإيرانية. وفي هذا السيناريو، قد تستهدف الرياض منشأة طاقة إيرانية رئيسية، على الأرجح منشأة تخزين ومعالجة النفط في جزيرة "خارج". وتعد ميزة هذه الضربة هي أنها قد تقلل من خطر تكبد خسائر بشرية، وفي الوقت نفسه تضر طهران بما يكفي لإثبات فعاليتها.

والخيار الثاني، هو أن تضرب المملكة العربية السعودية مباشرة القاعدة التي أطلقت منها إيران الصواريخ والقاذفات على "بقيق" و"خريص". ووفقا للاستخبارات الأمريكية، شن الإيرانيون هجومهم على "بقيق" من قاعدة "الأهواز" التابعة للحرس الثوري الإسلامي، القريبة من الحدود العراقية في جنوب غرب إيران. ومن شأن توجيه ضربة ضد المنشأة أن يبعث برسالة قوية، في حين أنه يبقى ردا متناسبا تماما على الهجوم الإيراني الأولي. لكن المخاطرة في هذا الخيار، مع ذلك، هي أنه يعد ردا ضعيفا مقارنة بالهجوم السعودي على منشآت الطاقة الإيرانية.

وهناك أيضا خيار أقل استفزازا، لكنه أقل فاعلية على الأرجح، أمام السعوديين، وهو ضرب بعض القوات الإيرانية بالوكالة في العراق أو سوريا أو أي مكان آخر. وفي حين أن هذا الهجوم قد يعطل عمليات القوات الموالية لإيران، بيد أن مثل هذه الضربات بالكاد تردع إيران عن شن هجمات في المستقبل، خاصة بالنظر إلى أن السعوديين متورطون بشدة بالفعل في مهاجمة وكيل إيراني واحد على الأقل، وهم الحوثيون في اليمن.

الوسائل

وفيما يتعلق بالقدرة السعودية على شن مثل هذه الهجمات، يبقى سلاحها الجوي الوسيلة الأساسية والأكثر فعالية تحت تصرف الرياض. وقد استثمرت المملكة بكثافة في سلاحها الجوي على مر السنين، وحصلت على أعداد كبيرة من الطائرات الحربية المتطورة والحديثة من الولايات المتحدة وأوروبا. ولتقليل المخاطر التي تتعرض لها طائراتهم، سيسعى السعوديون على الأرجح إلى شن أي هجوم على إيران بصواريخ كروز التي تطلقها الطائرات مثل صواريخ "ستورم شادو" التي تطلق من مقاتلاتها من طراز "تورنيدو". ويبلغ مدى "ستورم شادو" 1000 كيلومتر، ما يعني أن القوات الجوية السعودية يمكنها إطلاقه من مناطق بعيدة عن متناول الدفاعات الجوية الإيرانية.

وعلى الرغم من قدرة المملكة على الهجوم، ستظل دائما عرضة بدرجة كبيرة للضربات الإيرانية المضادة، ما يعني أنها ستفعل ذلك فقط إذا شعرت بالثقة الكافية في المساعدة الأمريكية. نتيجةً لذلك، ستسعى المملكة للحصول على تعزيزات أمريكية، مثل الدفاعات الجوية الإضافية، بالإضافة إلى معلومات استخباراتية تتعقب بشكل أفضل التهديدات القادمة، أو ربما توفر معلومات تكتيكية لضربة سعودية مستقبلية. وكملاذ أخير، ستطلب الرياض أيضا ضمانا لقيام واشنطن بالتدخل إذا أشعلت ضربة المملكة الانتقامية حريقا أوسع في الشرق الأوسط. وفي مثل هذه الحالة، ستجد الولايات المتحدة نفسها متورطة في حرائق لا تنتهي في الشرق الأوسط، في الوقت الذي تحاول فيه تجنب ذلك.