علاقات » عربي

بصواريخ وعبوات ناسفة.. من يقف وراء استهدف قيادات الجيش اليمني؟

في 2019/11/21

الخليج أونلاين-

يعيش الجيش الوطني في اليمن أخطر المراحل؛ من جراء "المؤامرات" الأخيرة التي يتعرض لها، خصوصاً مع أحداث عدن الأخيرة، في أغسطس 2019، التي جعلته في مواجهة مباشرة مع الإمارات، واستمرار الحرب التي أثرت في قدراته.

ودفع انقلاب الحوثيين على السلطة في اليمن، عام 2014، واندلاع حرب بمشاركة السعودية والإمارات في 2015، إلى إعادة تشكيل جيش وطني تحت قيادة موحدة في المناطق التي تقع تحت سيطرة الحكومة، ليحل محل الجيش السابق الذي كانت تحكمه الولاءات الشخصية والقبلية والحزبية.

لكن إطالة الحرب، منذ نحو 5 سنوات، وتعرض الجيش لما يصفها الكثير من اليمنيين بـ"المؤامرات الداخلية والخارجية"، التي كان آخرها محاولة استهداف قياداته الكبيرة بصواريخ مجهولة المصدر، يطرح تساؤلاً عريضاً عن الطرف الذي نفذ عمليات استهداف مؤخراً بحق قياداته.

كشف الأوراق

بعد أن كان التقدم لصالح الجيش الوطني التابع للحكومة الشرعية في اليمن، خلال المعركة التي كانت بين الحكومة اليمنية ومليشيا الانتقالي الجنوبي المدعومة إماراتياً، في أواخر أغسطس الماضي، تغيرت معادلة المعركة لصالح تلك المليشيا.

وقصفت الطائرات الإماراتية كتائب من الجيش اليمني بعدة غارات على مداخل عدن ومديريات أبين، ما تسبب بتراجعه، وسقوط نحو 300 بين قتيل وجريح، واعترفت يومها أبوظبي بمسؤوليتها عن القصف، وبررت هجومها على الجيش الوطني بأنها استهدفت عناصر من تنظيم القاعدة.

هذه الغارات كشف بشكل صريح، بحسب الناشط السياسي اليمني محمد الرميمة، عن الطرف الذي كان يستهدف الجيش اليمني خلال السنوات الماضية، وقال في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، إن ما كان يطلق عليها اسم "غارات خاطئة تستهدف قيادات وجنوداً يمنيين لم تكن خاطئة بل متعمدة من قبل الإمارات".

وأضاف: "كان الجميع لديه يقين بأن الغارات حينها كانت مع سبق الإصرار والترصد، ولكن كان يتم تجاهل ذلك خشية استغلال الحوثيين لهذه القضية لصالحهم، لكن مع ما حدث على أطراف عدن علم الجميع بحقيقته، واتضح من الطرف الذي يريد إسقاط الجيش".

وتعرض الجيش اليمني خلال سنوات الحرب لغارات أسقطت مئات القتلى والجرحى، تحت مسمى "غارات خاطئة"، وتسببت حينها بسقوط مناطق تحت سيطرة الحوثيين.

خطة إسقاط مأرب

ولعل تصريحات رئيس هيئة العمليات في الجيش الوطني اليمني، اللواء ركن ناصر الذيباني، قائد معركة عدن، والذي تم استهداف قواته من الطيران الإماراتي، جاءت لتكشف حقيقة ما يتعرض له جيش بلاده.

وقال في حديثٍ لقناة "يمن شباب" المحلية، في أكتوبر الماضي، إن القوات الإماراتية قصفت بالمدفعية كتيبة كاملة تابعة للجيش في يوم واحد بجبهة صرواح (غرب مأرب)، في حين استهدف طيرانها الحربي ضابطين كانا في موقع يبعد 20 كيلومتراً عن المواجهات.

وأضاف: "كانت هناك خطة لإسقاط صرواح بمأرب بيد الحوثيين بالتزامن مع تحركات في شبوة للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من أبوظبي، والذي كان يهدف إلى السيطرة على المدينة، والتقدم نحو أجزاء من مدينة مأرب وضرب الجيش اليمني".

نجاة وزير الدفاع اليمني

بعد 4 أيام فقط من تصريحات القائد العسكري اليمني تعرض مقر وزارة الدفاع اليمنية المؤقت في عدن لهجوم بصاروخ أثناء اجتماع الوزير وقيادات عسكرية من الجيش والتحالف العربي.

وقالت مصادر لـ"الخليج أونلاين" حينها، في 29 أكتوبر المنصرم: إن "المجتمعين نجوا من الانفجار الذي وقع بالقرب منهم في نفس المقر"، في حين "قتل اثنان من الجنود الذين يعملون في حراسة الوزارة".

وبعد مرور نحو أسبوعين نقلت وكالة "شينخوا" الصينية، عن مصدر عسكري يمني، قوله إن تحقيقات أولية في الهجوم أظهرت أنه تم "بصاروخ أمريكي متطور".

وذكر المصدر العسكري أن "الصاروخ المستخدم من الصواريخ المتطورة والذكية، ويتم توجيهه عبر الأقمار الاصطناعية، وربطه بإحداثيات الهدف"، مشيراً إلى أن هذه الأنواع من الصواريخ "قد تكون من نوع (أرض أرض)، ومن ثم يحتاج إطلاقها إلى منصات إطلاق مرتبطة ببطاريات يتم رصدها مباشرة من أجهزة الرادار والمراقبة فور البدء بتشغيلها، وفي حال كان من طراز (جو أرض) فإنه يتم إطلاقه من طائرة حربية مقاتلة وليس من طائرة من دون طيار".

وأوضح أن "هذا النوع من الصواريخ غير موجود في تسليح الجيش اليمني سابقاً (الذي استولى عليه الحوثيون)، ولا تملكه قوات الجيش الوطني حالياً، مشيراً إلى أن القصف الذي استهدف مقر وزارة الدفاع كان دقيقاً للغاية وغير متوقع، وأن تحصينات المقر قللت من حجم الخسائر".

حادثة استهداف مماثلة وضحايا كبار

ولم يمر الكثير على الحادثة الأولى حتى استهدف صاروخ آخر مقراً مجاوراً لوزارة الدفاع يخص "قيادة العمليات المشتركة بالجيش"، في 14 نوفمبر 2019، وقتل يومها ستة من القيادات العسكرية، بينهم العميد الركن سعيد الشماحي، ركن تدريب العمليات المشتركة بوزارة الدفاع اليمنية، والعميد الركن عبد الرقيب الصيادي، قائد المعسكر التدريبي، والعميد الركن نصر علي الصباحي".

بعد ثلاثة أيام من الحادث نجا العميد عبد الله السقلدي، مدير دائرة الإمداد والتموين بالجيش الوطني اليمني، من محاولة اغتيال بعبوة ناسفة، بالقرب من مقر وزارة الدفاع المؤقت بمأرب.

وفي البيانات التي أصدرتها وزارة الدفاع في الحوادث الثلاث لم تشر من قريب أو بعيد إلى الحوثيين، واكتفت بالقول إن هذه الاستهدافات "لن تثني شعبنا وقيادته وقواته المسلحة عن القيام بواجباتهم الدستورية والوطنية في الذود عن الثورة والجمهورية والثوابت الوطنية".

وتتخذ القوات الحكومية من محافظة مأرب (شرق) مقراً لقيادة العمليات العسكرية ضد جماعة الحوثي في اليمن، حيث يخوض الطرفان حرباً، منذ أواخر العام 2014، ولم يسبق أن تعرضت لضربات أو تفجيرات مماثلة منذ بدء الحرب.

من يستهدف الجيش اليمني؟

يقول الباحث والمحلل السياسي اليمني ماجد العلوي، إن هناك ثلاثة أعداء للجيش الوطني؛ يتمثلون في جماعة الحوثيين وتنظيم القاعدة والإمارات.

ورأى في حديثه لـ"الخليج أونلاين" أن جماعة الحوثيين لم تكن وراء تلك الحوادث؛ "بسبب أنها لم تصدر أي بيان تأكيد أو تبنٍّ للحادثة كما اعتادت خلال عملياتها المختلفة".

ويضيف: "أيضاً تنظيم القاعدة مستبعد، رغم أنه يخوض حرباً ضد الجيش منذ سنوات، وتم استعادة مناطق عدة منه منذ سنوات، إلا أنه أيضاً من الصعب أن يملك كل هذه القدرات، على الرغم من أنه مؤخراً أصبح لديه أسلحة سلمتها له الإمارات ربما يكون من بينها هذه الصواريخ، لكنه لم يعلن حتى عن مسؤوليته".

وأشار إلى أن الخيار المرجح أن الإمارات هي "من تقف وراء هذه الحوادث، وهي المتهمة الوحيدة؛ بالنظر إلى الخلاف السياسي المحتدم مع الحكومة اليمنية، والصراع المعلن وغير المعلن بين الشرعية وأبوظبي، والاستهداف المتكرر للجيش، الذي كان آخره في عدن، إضافة إلى تصالحها مع إيران والغزل مع الحوثيين".

ما نوع الصواريخ المستخدمة؟

رئيس مركز أبعاد للدراسات والبحوث اليمني، عبد السلام محمد، في صفحته بـ"تويتر"، أشار في تعليقه على حادثتي الاستهداف إلى أن الصاروخ "الثاني" الذي استهدف غرفة العمليات المشتركة "هو من ذات النوع الأول الذي استهدف مقر وزارة الدفاع، في 29 أكتوبر الماضي، وهو صاروخ ذكي موجه وخاص بعمليات مكافحة الإرهاب".

وأضاف: "الصاروخ المستعمل في القصف من نوع (Hellfire AGM-114k) وهو: صاروخ جو أرض يطلق من الطائرات الحربية ومن "الدرونز" المتطورة. ويمكن أن يطلق من الأرض على منصة ثابتة أو متحركة".

ويصل طول الصاروخ إلى 1.7 متر، وعرضه 70 سم، ووزنه 50 كيلوغراماً، ومداه 8 كيلومترات. ومثل هذه الأنواع من الصواريخ باعتها واشنطن لعدة دول لغرض مكافحة الاٍرهاب، منها مصر الأردن والإمارات والسعودية.

وكانت "سي إن إن" الأمريكية كشفت، في فبراير الماضي، عن تقديم واشنطن للسعودية والإمارات أسلحة لدعمهما في حرب اليمن، وانتهى بها المطاف إلى يد تنظيم "القاعدة" وجماعة الحوثيين.

وخلص تحقيق القناة الأمريكية إلى أن الإمارات والسعودية استخدمتا الأسلحة المصنّعة في الولايات المتحدة الأمريكية بمنزلة عملة لشراء ولاءات المليشيات أو القبائل، ودعم الجهات المسلحة المختارة (منها القاعدة والحوثيين)، والتأثير في المشهد السياسي المعقد.