متابعات-
على مساحة 2100 متر تتلألأ أبراج الكويت الثلاثة الشهيرة في قلب قطاع غزة المحاصر بعد بنائها على مجسم هندسي؛ وذلك تقديراً من الشعب الفلسطيني لدور الدولة الخليجية في خدمة قضيتهم العادلة، ودفاعها عنهم في المحافل الدولية المختلفة لنيل حقوقهم.
وأطلق الفلسطينيون في قطاع غزة على مجسم الأبراج الثلاثة اسم "ميدان الكويت"؛ بهدف إبقاء اسم الكويت خالداً في قلوب أبنائهم، وتقليداً لأبرز معالم الكويت الذي يمثل رمزاً من رموز النهضة المعاصرة، ودليلاً على تقدمها وارتقائها.
ويشمل مشروع المجسم تطوير المنطقة المحيطة به بالكامل، وتنفيذ أعمال تعبيد بمادة الإسفلت بمساحة 2100 متر مربع، وتبليط الأرصفة بمساحة 1200 متر مربع.
ويتضمن المشروع الممول من الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية عبر مؤسسة التعاون بقيمة إجمالية تبلغ 266 ألف دولار تنفيذ أعمال بنية تحتية كاملة تشمل تمديد شبكات صرف صحي ومياه، وأعمالاً مرورية.
ووصلت تكلفة الأبراج الثلاثة إلى 30% من قيمة المشروع الكلية الذي يجسد أحد معالم دولة الكويت، والـ70% الأخرى تشمل تطوير المفترق، وفق تأكيد بلدية غزة.
وشيدت "أبراج الكويت" بنسختها الأصلية في الأول من مارس عام 1979، على امتداد الساحل في شارع "الخليج العربي" قبالة مدينة الكويت العاصمة، حيث تجسد معاني الوطنية والولاء وحب الوطن، خاصة خلال فترة أعياد الكويت الوطنية.
ومنذ العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة في 2014، وتدميره لآلاف البيوت، وأجزاء كبيرة من البنية التحتية، والقطاعات الاقتصادية والزراعية، قدمت الكويت منحة بقيمة 200 مليون دولار لإعادة إعمار ما تسببت به الحرب، كما يؤكد ناجي سرحان، وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية.
وتعد المنحة الكويتية المساعدة الأساسية لقطاع غزة، وفق تأكيد سرحان في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، إذ شملت إعمار 1300 منزل، وتقديم معونات مالية للمنشآت الاقتصادية والزراعية، وإقامة مستشفى للولادة.
وقدمت الكويت، وفق سرحان، 75 مليون دولار لصالح إعادة المنازل المدمرة كلياً جراء العدوان الإسرائيلي، و35 مليون دولار للبنية التحتية، و10 ملايين دولار للمصانع المهدمة، وتم تخصيص 60 مليون دولار لصالح خط المياه الناقل بين جنوب قطاع غزة وشماله.
ولم يتوقف الدعم الكويتي على البنية التحتية والإسكان والإعمار، بل دعمت الدولة الخليجية مشاريع تعليمية، ومختبرات، ووزارات فلسطينية أبرزها الزراعة، وفق حديث "سرحان".
وحول "ميدان الكويت" الذي يتربع في قلب قطاع غزة، جاءت فكرته من قبل وزارة الأشغال والإسكان وبالتعاون مع بلدية غزة، وفق سرحان؛ تقديراً للدور الكويتي على ما قدمه من مشاريع كثيرة ومتنوعة ودعم متواصل لصالح غزة.
شارع الغانم
وسبق إقامة أهالي غزة ميداناً يحمل اسم الكويت، وبناء أبراجها الثلاثة الشهيرة، إطلاق بلدية سلفيت في الضفة الغربية اسم رئيس مجلس الأمة الكويتي، مرزوق الغانم، على أحد شوارعها؛ تقديراً لمواقفه في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني وقضيته.
وعرف عن "الغانم" بأنه أحد الشخصيات والأصوات الخليجية والعربية والدولية التي تصدح وتدافع عن فلسطين وقضيتها، إذ سبق أن هاجم، في أكتوبر 2018، رئيس وفد "إسرائيل" إلى مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي الذي عُقد في روسيا، ونعته بممثل الاحتلال، وقتلة الأطفال، ومرتكبي جرائم الغصب وإرهاب الدولة.
وكان للكويت مواقف قوية في دعم القضية الفلسطينية؛ كان أبرزها دعوة مجلس الأمة الكويتي حكومة البلاد إلى مقاطعة أعمال مؤتمر المنامة الذي نظمته الولايات المتحدة للكشف عن الشق الاقتصادي لـ"صفقة القرن" ضمن خطتها لتصفية القضية الفلسطينية، في حين ردت الحكومة بتأكيد تمسكها بثوابتها، وأنها لا تقبل إلا بما يرضي الفلسطينيين.
وقال النواب الكويتيون في بيان طارئ تلاه الغانم، في جلسة المجلس الخاصة، في يونيو 2019: "ندعو الحكومة لإعلان موقف حازم وحاسم بمقاطعة أعمال هذا الاجتماع".
وأكد النواب الكويتيون في بيانهم "رفض كل ما تسفر عنه أعمال الاجتماع من نتائج من شأنها أن تسهم في تضييع الحقوق العربية والإسلامية التاريخية في فلسطين المحتلة".
دعم دولي
كما استثمرت الكويت مقعدها في الأمم المتحدة لنصرة فلسطين، قضية الدول العربية المركزية، حيث تقدم مندوبها في مجلس الأمن، منصور العتيبي، في مايو 2018، بمشروع لحماية المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية.
ونصَّ مشروع الكويت في حينها على المطالبة بإنشاء بعثة دولية لحماية الفلسطينيين، في محاولة لكسب دعم الأوروبيين، والنظر في اتخاذ إجراءات لضمان سلامة وحماية السكان المدنيين الفلسطينيين في المناطق الفلسطينية المحتلة وقطاع غزة.
وجاء المشروع الكويتي بعد قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 60 فلسطينياً في قطاع غزة، خلال مشاركتهم في مسيرات العودة الكبرى على طول الحدود مع الأراضي المحتلة (نهاية مارس 2018).
وحث مشروع القرار على رفع الحصار الإسرائيلي بالكامل عن قطاع غزة، واستئناف عمل جميع المعابر الحدودية فيه على أساس مستدام وغير مشروط، من أجل ضمان حرية التحرك وإيصال المساعدات الإنسانية والبضائع التجارية، حسب مقتضيات القانون الدولي.
ولم تنجح الكويت في تمرير مشروع قرارها رغم موافقة دول مجلس الأمن؛ بسبب إسقاطه من الولايات المتحدة الأمريكية بعد استخدامها حق النقض (الفيتو) في جلسة لمجلس الأمن.
وبرزت مواقف قوية ومؤيدة للقضية الفلسطينية من المندوب الكويتي الدائم لدى الأمم المتحدة، العتيبي، إذ نبه في يناير 2018، في كلمة بلاده أمام جلسة لمجلس الأمن الدولي حول الحالة في الشرق الأوسط، ومن ضمن ذلك القضية الفلسطينية، إلى استمرار "إسرائيل" في الخرق المادي للقرارات الدولية، ومن ذلك القرار الدولي رقم "2334".