علاقات » عربي

استغلال بلا رحمة.. هكذا تهوي الإمارات بشباب السودان إلى الجحيم

في 2020/01/27

الخليج أونلاين-

تزداد الحرب في ليبيا ضراوة، بعدما تحولت إلى ساحة قتال دولية تضم مرتزقة من عديد من الدول، ليعتلي اسم السودانيين قائمة من انخرطوا في القتال هناك.

وبينما يتعدد المقاتلون الذين يتوافدون على الشرق الليبي، الذي يسيطر عليه اللواء المتمرد خليفة حفتر، استغلت أبوظبي عشرات من السودانيين لتحويلهم إلى مرتزقة، بعدما كانوا غادروا بلادهم للعمل في الإمارات، ليجدوا أنفسهم يقاتلون في ليبيا.

وتواصل دولة الإمارات دورها الإجرامي في ليبيا، بدعم مليشيات خارجة عن القانون وتمويل وجلب آلاف المرتزقة، محاوِلةً القضاء على الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، في العاصمة الليبية طرابلس.

فضيحة الإمارات

مؤخراً في 24 يناير 2020، كشفت عائلة سودانية وثائق عن خداع واستغلال شركات أمن إماراتية عشرات من السودانيين؛ بعد استقدامهم للعمل ثم تدريبهم على استخدام السلاح الثقيل وتحويلهم لساحات القتال في ليبيا واليمن.

وروى عبد الله الطيب، أحد أشقاء هؤلاء الشباب السودانيين، في مقطع فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي، قصة اختفاء شقيقه منذ 3 أشهر بعد سفره للعمل في الإمارات مع شركات أمن.

وأكد "الطيب" أن شقيقه والمجموعة التي كانت معه فوجئوا بعد وصولهم إلى المطار بأنه طلب منهم الدخول في معسكر، وتم تدريبهم على أسلحة ثقيلة؛ مثل "الدوشكا" والـ"آر بي جي".

وقال "الطيب": "كان شقيقي يتواصل معي بصورة متقطعة من خلال تطبيق (واتساب) وبالرسائل فقط بعد سفره، وأخبرني بأنه تم تدريبه في الإمارات على السلاح الثقيل، وتم تخييره بين السفر إلى ليبيا أو السفر إلى اليمن بعد عرض أموال مجزية عليه".

وبيّن أن مجموعة من الشباب السودانيين رفضت العرض، ومنهم شقيقه، ويبلغ عددها نحو 150 شخصاً، وهنا فُصلت المجموعتان، بحسب ما ذكره الشاب.

طريقة استغلالهم

ولعل الإمارات استخدمت شركات لتلقي عليها اللائمة في حال انكشفت، فقد أفادت منصة "واكب" السودانية بأن شركة "بلاك شيلد" الإماراتية استخرجت عقوداً للسودانيين للعمل في الإمارات حراساً، ولكن بعد وصولهم أُرسلوا إلى معسكر "الغياثي"، وسُحبت هواتفهم، وأُعلموا بأنهم سيُؤمِّنون منشآت في ليبيا أو اليمن.

وبينت "واكب"، وفق وثائق، أن الجهة التي تعمل لحساب "بلاك شيلد" الإماراتية بالسودان هي مكتب "الأميرة للاستقدام الخارجي"، وموقعها في شارع البرلمان بالخرطوم.

وتُظهر الوثيقة ختم سفارة السودان في أبوظبي، وأختام الجهات الرسمية بالإمارات، على تأشيرات الدخول للشباب السودانيين.

وعن مصير المجموعة التي رفضت العرض الإماراتي، أشار الشاب السوداني "الطيب" إلى أنهم وُضعوا في معسكر منفصل، وطلب منهم المسؤولون أن يلبسوا زيَّ "الدعم السريع"؛ تمهيداً لترحيلهم، دون ذكر المكان الذي سيذهبون إليه، وسوَّغوا ذلك بأنه لأسباب أمنية.

#أنقذوا_ضحايا_الشركة_الإماراتية

وتفاعل سودانيون على موقع "تويتر"، مع وسم #أنقذوا_ضحايا_الشركه_الاماراتية، مطالبين بسرعة إنقاذ أبنائهم وعدم إرسالهم إلى ما سموها "المحرقة".

كتب الدكتور تاج السر عثمان، في صفحته بـ"تويتر"، قائلاً: "إمارات الشر تستدرج مئات الشباب من السودان تحت غطاء العمل في إحدى شركاتها، يجب التحرك على أعلى المستويات لإيقاف هذا العبث".

جريمة بحق السودان

ويرى المحلل السياسي مبارك محمد، أن ما تفعله الإمارات بحق السودانيين "جريمة لا يمكن السكوت عنها".

ويؤكد مبارك في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أن السودان كدولة لها سيادة، "لا يمكن أن يرضى بهذا الفعل الإجرامي الشنيع"، مطالباً بـ"محاسبة كل من تلطخت يداه بهذه الجريمة".

وقال: "أبناؤنا وإخواننا من العسكريين كانوا يموتون في حروب لا ناقة لنا فيها ولا جمل باليمن وليبيا، لكن الآن الأمر تخطَّى ذلك، ووصل بدولة الإمارات إلى خطف المدنيين، في جريمة كبرى تحرّمها جميع القوانين الدولية".

وأضاف: "ما يحدث عبث كبير، وإذا لم تتحرك الحكومة فإنها متهمة بالمشاركة في هذه الجريمة"، مطالباً بأن من الضروري "استدعاء سفير الإمارات ومطالبة بلاده بإعادة من تم تسفيرهم إلى ليبيا، وإيقاف تمثيل أبوظبي في بلادنا".

ويرى أن ما فعلته أبوظبي "نوع من الاسترقاق والعبودية، وضرب لعرض الحائط بالقاعدة 94 من القانون الدولي، وانتهاك صارخ لميثاق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وعدوان موصوف على مواطني دولة يُفترض أنها مستقلة وذات سيادة"، مؤكداً أن هذا الأمر يمكن أن يُستغل لمحاكمة الإمارات دولياً.

صراع بالوكالة

في حين يرى الكاتب والناشط السياسي السوداني هشام الشواني، أن موقف الإمارات من الصراع الليبي "يتم من خلال إدارة الحرب بالوكالة، واستخدام جنود سودانيين ومليشيات، في استغلال سافر للظروف السياسية التي يمر بها السودان وبالذات غربي السودان".

ويؤكد الشواني في تصريحه لـ"الخليج أونلاين"، أن الإمارات "نموذج لدولة تستغل نمو رأسمالها من اقتصادها الريعي لأداء أدوار جيوسياسية في المنطقة لحساب حلفائها"، مضيفاً: "هذا التوجه مكرر من محاور أخرى لا تهتم بالشعوب".

ويوضح قائلاً: "أبوظبي لا تكترث لموت الشعب الليبي أو السوداني أو وضع الأجانب والأفارقة في ليبيا، لذلك فإن هذه جريمة إنسانية يتورط فيها النظام الإماراتي وحلفاؤه من قادة المليشيات السودانية، ويرجع ذلك إلى ضعف الدولة السودانية، التي أعطت الإمارات موطئاً لسياساتها ومصالحها".

ويرى أن بإمكان السودان حالياً التحرر مما سماها "الهيمنة، من خلال كشف مثل هذه الجرائم، عبر ناشطي حقوق الإنسان ودعاة الديمقراطية صُناع ثورة ديسمبر، وكذلك كشف حلفائها الداخليين سواء من الحكومة والجنجويد أو قادة مليشيات سودانية معارضة".

وكشف في حديثه، عن سعي عدد من السودانيين لـ"تشكيل جبهة ضغط شعبية قوية داخلية تحررنا من رهانات الصراع الجيوسياسي بين أطراف الصراع في ليبيا، لأن المتضرر الأساسي هم حلفاؤنا من أبناء وبنات وشعب ليبيا".

أرقام كبيرة للسودانيين في ليبيا

وكانت صحيفة "الغارديان" البريطانية نقلت في ديسمبر 2019، عن قادة عسكريين تابعين لقوات حفتر، قولهم إنهم استقبلوا مئات المجندين السودانيين الجدد مؤخراً، مشيرين إلى أنه يوجد ما لا يقل عن 3000 مقاتل سوداني في ليبيا، وهذا رقم أعلى من التقديرات السابقة.

ونقلت الصحيفة عن أحد القادة المتمركزين في جنوبي ليبيا قوله: "يأتي كثير من الشباب، ولا نملك القدرة على استيعاب هذه الأعداد الكبيرة".

وذكر تقرير الصحيفة البريطانية أن مقاتلين سودانيين موجودين في ليبيا حالياً كانوا قد قاتلوا في دارفور بفترة سابقة، خلال معارك خاضتها مليشيات هناك ضد النظام في الخرطوم.

وكان تقرير صادر عن لجنة خبراء من الأمم المتحدة قد حذَّر من تدخُّل المقاتلين السودانيين في الحرب الليبية، مشيراً إلى أن "وجودهم أصبح أكثر وضوحاً في 2019"، وهو ما سيدفع إلى مزيد من عدم الاستقرار.

اتهام للإمارات

وفي 26 ديسمبر 2019، اتهم المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان الإمارات بالتعاقد مع "مرتزقة سودانيين" للقتال بجانب قوات خليفة حفتر، متهماً إياهم بارتكاب انتهاكات مروعة لحقوق الإنسان.

وذكر المرصد أن "المرتزقة السودانيين تسببوا في انتهاكات مروعة لحقوق الإنسان، وشاركوا في قتل مدنيين ليبيين، وتهريب مهاجرين عبر الحدود، إلى جانب أعمال أخرى؛ كتأمين حقول النفط ومراكز احتجاز".

وأضاف البيان: إن "عدداً كبيراً من هؤلاء المرتزقة لديهم خبرات سابقة في القتال؛ نتيجة مشاركتهم في حرب إقليم دارفور غربي السودان، بين حركات مسلحة متمردة والقوات الحكومية منذ 2003".

وأدان المرصد تدخُّل السودان وتقديمه الدعم العسكري لأطراف الصراع في ليبيا، وهو خرق لحظر أممي منذ عام 2011، كما يعني زيادة حجم ونطاق الانتهاكات ضد المدنيين العزل.

وكشف المرصد الأورومتوسطي أنه وثَّق إفادات لمقاتلين سودانيين بشأن كيفية وآلية وصولهم إلى ليبيا، وانضمامهم إلى قوات حفتر، والأسلحة التي كانت بحوزتهم، والمقابل المادي الزهيد الذي حصلوا عليه.