علاقات » عربي

بعد انسحابها من اليمن.. الإمارات تولي وجهها شطر ليبيا

في 2020/02/15

الخليج أونلاين-

انتهى دورها في اليمن وانطلقت نحو وجهتها الجديدة لخلق فتنة وحرب أهلية، إضافة لنهب ثروات ومقومات ليبيا، هذا ما حدث باختصار.

واحتفلت الإمارات، الأحد 9 فبراير 2020، بما قالت إنها عودة قواتها من اليمن، ضمن استراتجية وصفتها بـ"غير المباشرة"، بحسب مسؤول عسكري إماراتي شارك في قيادة قوات بلاده في هذه الحرب.

وتركت أبوظبي خلفها تركة ثقيلة بتثبيت تفاهمات معادية لوحدة الدولة اليمنية ولتماسكها ولاستقرارها؛ من خلال دعمها الانفصاليين الجنوبيين.

أما في ليبيا فتشن قوات حفتر، منذ 4 أبريل الماضي، هجوماً للسيطرة على طرابلس مقر الحكومة الشرعية بدعم إماراتي، أجهض جهوداً كانت تبذلها الأمم المتحدة لعقد مؤتمر حوار بين الليبيين.

ويتكرر قصف العاصمة طرابلس ومطارها الرئيس "معيتيقة" رغم موافقة حفتر على وقف لإطلاق نار بمبادرة تركية-روسية.

كما يمثل هجوم حفتر المتواصل على طرابلس تحدياً لمؤتمر دولي استضافته برلين، في 19 يناير الماضي، بمشاركة دولية، شدد على أن من الضروري التزام وقف إطلاق النار، والعودة إلى المسار السياسي لمعالجة النزاع.

حرب بالوكالة

"الخليج أونلاين" تابع تقارير عدة كشفت عن حرب بالوكالة يخوضها حفتر في ليبيا بأموال إماراتية، ومرتزقة مأجورين من تشاد والسودان، بل وجنود سوريين تابعين لنظام بشار الأسد، فما هي الدوافع التي دفعت أبوظبي للانسحاب من اليمن والتوجه إلى العاصمة طرابلس؟

وأواخر الشهر الماضي، كشفت صحيفة "إنتلجنس أونلاين" المعنية بشؤون الاستخبارات أن حجم المعدات العسكرية التي زوَّد بها ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، الجنرال حفتر، بلغت 3 آلاف طن خلال 14 يوماً.

ومنذ ذلك التاريخ تم رصد كثير من التعزيزات الإماراتية جواً وبراً على الحدود المصرية، في حين تشير وسائل إعلام دولية إلى احتمال أن تكون طائرات الشحن الإماراتية محمَّلة بتعزيزات عسكرية وعناصر مرتزقة دعماً لقوات حفتر.

يقول الدكتور حافظ الغويل، عضو معهد السياسات بجامعة جون هوبكنز الأمريكية، لـ"الخليج أونلاين": إن "الإمارات لا تمانع دفع أموال واستعمال المرتزقة في حروب الوكالة هذه، لكنها لا تستطيع أن تتحمل قتل جنود إماراتيين، وهو ما حدث في اليمن".

وأضاف الغويل: إن "الحوثيين تحصلوا على أسلحة متطورة، وتمكنوا من استهداف مواقع حساسة من السعودية، فضلاً عن التهديدات باستهداف أماكن في دبي حال استمرار الوجود الإماراتي في الأراضي اليمنية، ما دفع الأخيرة لفعل ما تفعله دوماً؛ وهو الانسحاب من اليمن وترك السعودية وحدها هناك".

كما يرى "الغويل" أن الدور الإماراتي لم ينتهِ في المنطقة عند هذا الحد، بل وجدت في ليبيا أرضاً خصبة لمشروعها الطامح في المنطقة، فسارعت للتوجه لدعم قوات الانقلابي خليفة حفتر، قائد ما يسمى بجيش الكرامة الليبي، ومساعدته سياسياً وإعلامياً، بل وتجنيد مرتزقة من السودان وتشاد وبعض المناطق الأخرى ليخوضوا حرباً بالوكالة في ليبيا.

عضو معهد السياسات بجامعة هوبكنز قال: إن "تقارير عدة كشفت إغراء شركات أمنية إماراتية لمجموعات من السودانيين والتغرير بهم عبر إغرائهم بالعمل في الإمارات، لكنهم وجودوا أنفسهم في حرب على التراب الليبية".

تقارير أخرى تقول: إن "الإمارات دفعت تكاليف شركة فاغنر الروسية التي أرسلت ما يزيد عن 2000 عنصر من المرتزقة الروس للقتال في صفوف حفتر، وذلك لتحقيق أطماعها في الموانئ الليبية، لما لها من أهمية خاصة في خطوط الملاحة شرق المتوسط، وربطها بين القارة الأفريقية وأوروبا، فالإمارات ترى أنها الأولى بهذه الموانئ قبل أن تُستثمر لصالح حكومة الوفاق أو شركات أوروبية، كما هو اتفاقها مع حفتر" بحسب الغويل.

لكن في نفس الوقت أشار إلى أن "الوجود الفعلي للإمارات في ليبيا محدود جداً، ولا يتعدى العشرات، الذين يتخذون من بنغازي مقراً لهم، ويستخدمون الطيران المسير في حربهم على طرابلس، فتقارير الأمم المتحدة وثقت أكثر من 800 غارة نفذها طيران مسير إماراتي على العاصمة، خلال الأشهر الـ10 الماضية".

وأشار الغويل إلى أن "اسم الإمارات أصبح أسوأ من اسم إسرائيل في ليبيا، وقد فقدت أي صداقة حقيقية مع الشعب الليبي"، مشيراً إلى أن "الأصوات تعلو يوماً بعد يوم للانتقام من الإمارات، والمطالبة بمقاضاتها في المحافل الدولية، وأن أي إنسان يطمع في دور سياسي داخل البلاد لن ينجح في ذلك طالما تحالف مع أبوظبي، وأن الشعب سيعاقبهم عبر صناديق الاقتراع، لأن الجميع يرغب في التخلص منهم بدرجة كبيرة".

مشروع الإمارات ولد ميتاً

وجهة نظر الغويل اتفق معها الناشط السياسي مصطفى المهرك، حيث أوضح في حديث لـ"الخليج أونلاين" أن "المشروع الإماراتي من وجهة نظره لن ينجح في ليبيا؛ لأن الشعب وصل لمرحلة من الوعي يفرّق من خلالها بين طرف يسعى لبناء الوطن، وآخر يسعى لنشر الفوضى الخلاقة، من خلال محاربة أي دولة تسعى لإقامة مشاريع منافسة قد تؤثر على اقتصاد الإمارات"، في إشارة لاستغلال موانئ الملاحة والنفط.

وأردف المهرك قائلاً: إن "الإمارات والسعودية خسرت الكثير في حرب اليمن، خاصة في ظل التسليح القوي الذي حصل عليه نظام الحوثي، وجعل بمقدوره استهداف مراكز حساسة في الرياض، وإيصال رسالة تهديد لأبوظبي بأنها حال استمرار وجودها العسكري فستكون دبي عرضة للاستهداف، وهو ما سرّع في الانسحاب والتوجه نحو مهمة جديدة في طرابلس، عبر ضخ وتمويل حرب حفتر وتحقيق ما لم تستطع تحقيقه في صنعاء".

العدو اللدود لثورات الربيع العربي، في إشارة لـ"الإمارات"، وفق وصف المهرك، يسعى لخلق موطئ قدم له في ليبيا، وذلك كونها غنية بالثروات، في محاولة لقتل كل دولة تسعى للتطور والاستثمار في مشاريع منافسه لها، وهو ما حدث سابقاً في مصر عبر إجهاض مشروع توسعة قناة السويس الذي سعى الرئيس الراحل محمد مرسي لتحقيقه، وتحدث عنه وزير الدفاع المنقلب عبد الفتاح السيسي آنذاك، وكان من المتوقع أن يدخل إلى خزينة مصر 100 مليار دولار سنوياً.

كما أن فشل محاولة الإمارات التأثير في نتائج الانتخابات في تونس -يضيف المهرك- إضافة لفشلها في عكس بوصلة الثورة الجزائرية، سرّع من تدخلها العسكري في ليبيا، وذلك للبحث عن موطئ قدم لها في المنطقة، وتسهيل تفشيها في دول المغرب العربي.

ويردف بالقول إن للإمارات أهدافاً سياسية واقتصادية تسعى لتحقيقها في ليبيا، أما السياسية فتتمثل في خلق حالة من الفوضى في دول الربيع العربي؛ ليضعف فيها الأمن وتسودها الجريمة، ما يمهد لحرب أهلية، أما الاقتصادي فهو محاولة وأد أي مشاريع منافسة في قطاع النفط أو استغلال الموانئ، فهي تضع عينها على ميناء مصراتة، وتسعى للسيطرة عليه عبر وكيلها خليفة حفتر.

لن نسمح بسيسي آخر

ولم يعد الدور الإماراتي لحفتر خافياً على أحد، لا سيما بعد انكشاف حقيقة قاعدة الخادم التي تقع على مقربة من معقل حفتر العسكري في الرجمة شرق بنغازي، والتي أثبتت تقارير  أممية متطابقة وجود طائرات وسلاح إماراتي داخلها شارك في حروب حفتر على بنغازي ودرنة شرق البلاد.

ورأى مراقبون للشأن الليبي في إطار دور الإمارات بإبقاء ليبيا في حالة عدم استقرار، ومن بين التقارير التي تفضح الدور الإماراتي تقرير لجنة خبراء الأمم المتحدة في عام 2017، الذي تضمن صوراً للدعم الإماراتي العسكري داخل قاعدة الخادم.

وفي هذا السياق قال العقيد عبد الباسط تيكة، المتحدث باسم قوات مكافحة الإرهاب الليبية، إن الإمارات تستخدم قاعدة "الخروبة" جنوب شرقي طرابلس كقاعدة عسكرية لها، إضافةً لميناءي طبرق وبنغازي التي تورد من خلالها المرتزقة الأجانب المقاتلين في صفوف اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

وأوضح تيكة في حديث لـ"الخليج أونلاين" أن أبوظبي دربت عصابات من السودان وتشاد في معسكرات خاصة، وتم إرسالتهم لدعم قوات حفتر، وهم الآن موجودون في المنشآت النفطية، وفي محاور القتال بطرابلس، كما تدفع لهم أموالاً طائلة مقابل خدماتهم العسكرية.

كما تتدفق من خلال الإمارات -وفق المسؤول الليبي- المدرعات بكافة أنواعها وبأحجام مختلفة، مشيراً إلى أن "حكومة الوفاق تمكنت، الخميس، من اغتنام آليتين عسكريتين إماراتيتين في محاور القتال جنوبي طرابلس"، مشدداً في الوقت نفسه على أن "أبناء ليبيا قادرون على الدفاع عن عاصمتهم ورد العدوان الإماراتي".

وكشف أيضاً وجود قاعدة عسكرية إماراتية في "رأس لانوف" شرق سرت وسط ليبيا، تحوي مهبط طائرات وقاعدة للطيران المسير، إضافة لأجهزة تنصت إماراتية في قاعدة الجفرة وغرفة عمليات قصر بن غشير، وأن هناك ضباطاً إماراتيين وفرنسيين يستخدمون تلك المواقع لأعمال تنصت ومراقبة كاملة للاتصالات السلكية واللاسلكية.

يضيف المتحدث باسم قوات مكافحة الإرهاب الليبية أيضاً: إن "هناك دعماً عسكرياً مصرياً للحرب على طرابلس، من خلال حشد أنصار نظام المخلوع معمر القذافي الهاربين إلى تونس ومصر، وتجميعهم في معسكرات تدريب داخل الأراضي المصرية، ومن ثم إرسالهم للحرب في طرابلس"، موضحاً أن "بعضهم شارك في الحرب على بنغازي ودرنة، وتم أسر عدد منهم خلال عملية بركان الغضب، وأقروا بتلقيهم تدريبات عسكرية داخل مصر".

يؤكد تيكة في حديثه أن الجيش الليبي قادر على ردع أي عدوان يستهدف الدولة، وأن الليبيين سيتحدون في مواجهته بكل قوة، كما قاوموا مشروع المداخلة الذين تدعمهم السعودية من قبل.

وأضاف: إن "جهاز الاستخبارات يتابع من كثب كافة التحركات على أرض المعارك، ويعلم استعانة الإمارات بمجموعة من الضباط الروس تختلف عن مرتزقة الفاغنر، واستخدامهم كمستشارين عسكريين في العدوان على طرابلس".

وشدد العقيد تيكة على "قدرة الجيش الليبي على إسقاط أي مؤامرة تستهدف البلاد، وأكد أن قواته غنمت عدداً كبيراً من المعدات والآليات العسكرية الإماراتية الممولة لحفتر، كما أن قوات حكومة الوفاق لن تسمح بإيجاد سيسي آخر في ليبيا".