احمد شوقي- راصد الخليج-
تحولت الجامعة العربية تدريجيا من خانة المواءمات بين الفرقاء العرب، الى خانة التبعية التامة للخليج، ثم تدرجت في التقزم بعد الازمة الخليجية لتصبح تابعة للسعودية والامارات .
هذا التدرج والوصول لهذه الحالة احتفظ بشكل من اشكال التباين بين الفرقاء، بينما القرار النهائي حصرا، لا يخرج عما تكتبه السعودية والامارات اللذان شكلا تحالفا للهيمنة على القرار العربي الرسمي.
ومن تداعيات هذه الحالة، خلو الجامعة من مقعد بلد عربي كبير ومؤثر مثل سوريا، وخفوت الصوت المصري الذي كان يقود العرب ليصيح ترديدا وصدى للصةت السعودي الاماراتي في الملفات الكبرى.
وفي الازمات العربية اصبحت الجامعة طرفا منحازا لا طرفا جامعا.
مؤخرا وعلى سبيل المثال، حذر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، مُجدداً من خطورة وضع السفينة «صافر»، والتي تُعد خزان نفط عائماً قرب السواحل اليمنية، وتحمل مليون برميل نفط.
وقال أبو الغيط: إن كارثة لبنان، وما أحدثته من دمار مروع، تُذكرنا بخطورة وضع هذا الخزان النفطي العائم قُبالة السواحل اليمنية، والذي لم تُجرَ له أي صيانة منذ ما اسماه (الانقلاب الحوثي) في 2015، داعياً مجلس الأمن إلى التدخل بصورة فورية لتمكين فريق الأمم المتحدة من دخول الخزان وإجراء الصيانة.
ومن حيث الشكل، لو لاحظنا المصطلحات التي يستخدمهت الامين العام، فهي مصطلحات سعودية اماراتية تصف قورة اليمن بالانقلاب وتتعامى عن العدوان على اليمن وشعبه والدمار الذي لحق به باياد المفترض انها عربية.
ومن حيث المضمون، يأتي حديث الامين العام بعد يوم من تجديد الولايات المتحدة، اتهامها لحركة انصار الله، بإفشال الاتفاق الخاص بتقييم ومعالجة ناقلة «صافر» .
حيث قال البيت الأبيض في «تغريدة» على «تويتر»: «لقد فشل الحوثيون في التوصل لاتفاق يسمح لفريق الأمم المتحدة الوصول إلى خزان النفط صافر».
مضيفا أن ما يقوم به الحوثيون من استمرار في عرقلة وتأخير فريق الأمم المتحدة ينذر بكارثة بيئية وإنسانية، تهدد اليمن والمنطقة.
وقد تجاهل الامين العام الحصار على اليمن وهو السبب الرئيس في ماساة وخطورة الخزان، والتعنت السعودي في وصول الاموال للبنك المركزي لصرف رواتب الموظفين المعطلة، ولم تقم الجامعة باي دور للوساطة او لحل الازمة.
هنا تتبين خطورة تبعية الجامعة للسعودية والامارات تحديدا في امرين خطيرين:
الاول: ان القرار العربي الرسمي اصبح متناغما ومتطابقا مع القرار الامريكي، دون اوراق ضغط او مواجهة مع الاستهداف الامريكي للامة تعمل على الاقل على تحجيم الاستهداف وخطورنه، مما يجعل اليد الامريكية طليقة في نهب العرب وتصفية قضاياهم.
الثاني: انه يفقد الجامعة مصداقيتها ودورها الجامع، مما يجعلها عامل تفسخ لا عامل وحدة، كما يضيع فرصة الحلول العربية للازمات الداخلية العربية ويفتح الباب للتدخل الخارجي بشكل طليق ومريح دون ضوابط.
كان بامكان الجامعة العربية لو حافظت على مصداقيتها ان تشكل مخرجا لدول الخليج نفسها من ازمات كبرى مثل الازمة مع قطر او نخرجا من اليمن يحفظ ماء وجه دول العدوان الفاشل.
لكن تبعية الجامعة خذلت الحق ولم تنصر الباطل.