علاقات » عربي

الكويت وفلسطين.. مواقف صارمة ضد "إسرائيل" ورفض للتطبيع

في 2020/08/17

متابعات-

تمثل القضية الفلسطينية بالنسبة للكويتيين، كما هو الحال لكثير من البلدان العربية والإسلامية، القضية الأم والمصيرية، ولم تمنع كل المتغيرات التي يعيشها العالم في تغيير القناعات لدى هذا البلد الخليجي حكومة وشعباً تجاه فلسطين وأراضيها المحتلة.

وعلى مدار سنوات طويلة عملت الكويت على رفض كل ما يضر بالقضية الفلسطينية، كما أخضعت عضويتها في مجلس الأمن، للعب دوراً في إبراز آخر تطورات القضية الفلسطينية داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن.

كما قامت الكويت، بتحركات عدة على الصعيد الدولي لتأييد القضية الفلسطينية، في مسار مغاير لتوجهات دول خليجية كما هو حال الإمارات، التي وقعت اتفاقاً مع "إسرائيل" وضغطت على القيادة الفلسطينية من أجل تمرير "صفقة القرن" وطي ملف القضية الفلسطينية، في ظل وجود توافق أمريكي "إسرائيلي" على هذا الأمر.

رفض للتطبيع الإماراتي

مثلها مثل الكثير، فوجئت الكويت بإعلان أمريكي عن اتفاق سلام بين "إسرائيل" والإمارات، ما دفع قوى وتكتلات سياسية كويتية إلى إعلانهم الرفض المطلق للتطبيع مع "الكيان الصهيوني أو الاعتراف به".

في 14 أغسطس 2020، صدر بيان من تيارات سياسية كويتية اعتبرت فيه التطبيع مع "إسرائيل" خيانة، حيث رأت أن "مشاريع التطبيع مع الكيان الصهيوني استكمال لتنفيذ بنود صفقة العار المسماة صفقة القرن بشكل عملي".

وفي 16 أغسطس، أعلنت 31 جمعية ورابطة كويتية، رفضها التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، معتبرة أي تطبيع "طعنة في ظهر الشعب الفلسطيني والعربي".

وقال البيان المشترك الصادر عن المنظمات غير الحكومية بالكويت، إنها "تعلن رفض كل أشكال التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي"، مشيرة إلى أن "التطبيع يشكل طعنة في ظهر الشعب الفلسطيني والعربي، وفي ظهر القضية الفلسطينية العادلة".

وعلى موقع "تويتر" الأكثر انتشاراً خليجياً كان وسم "#كويتيون_ضد_التطبيع" الأول بين الوسوم المتصدرة، بعشرات الآلاف من التغريدات المنتقدة للاتفاقية والمنددة بها.

وكان من بين ما كثر تداوله مقطع فيديو يظهر فيه طرد رئيس مجلس الأمة الكويتي، مرزوق الغانم، للوفد الإسرائيلي من مؤتمر برلمانات العالم، وهو تعبير عن تأكيد رفض الشعب الكويتي لأي اتفاق مع "إسرائيل".

كما نقلت صحيفة "القبس" المحلية، عن مصادر حكومية قولها إن موقف الكويت من التطبيع مع الكيان الصهيوني ثابت ولن يتغيّر، مشيرة إلى أنها "ستكون آخر دولة تطبِّع مع إسرائيل".

إرث تاريخي وشعبي

يقول طارق الشائع رئيس رابطة شباب لأجل القدس العالمية في الكويت، إن رفض التطبيع لدى الكويتيين هو "إرث تاريخي وشعبي مهما تطاولت الأيام"، مؤكداً أن هذا الإرث "لا يزداد إلا رسوخاً وثباتاً".

وأشار في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، إلى أن ذلك الأرث "تحول إلى قوانين دستورية ثابتة لا تنازل عنها لدى الكويتيين".

وتحدث الشائع عن المقاومة القانونية للمحتل "الإسرائيلي"، والتي قال إن أولها كان "المرسوم الأميري الصادر في 26 مايو 1957 الخاص بمقاطعة البضائع الإسرائيلية، ثم تلاه القانون رقم 21 لسنة 1964 في شأن القانون الموحد لمقاطعة إسرائيل".

كما أشار في سياق حديثه لـ"الخليج أونلاين" إلى المرسوم الأميري الذي صدر في 5 يونيو 1967، بـ"إعلان قيام الحرب الدفاعية بين دولة الكويت والعصابات الصهيونية بفلسطين المحتلة؛ حيث لايزال هذا المرسوم قائم إلى اليوم ومعمول به".

والمرسوم الأميري الصادر في عام 1967، وقع عليه حينها أمير الكويت الحالي الشيخ صباح الأحمد، والذي كان يتولى حينها منصب وزير الخارجية.

ويرى الشائع أن موقف الكويت الرسمي ممثلاً بأمير الكويت، والحكومة ومجلس الأمة "واضح لا لبس فيه بأن الكويت ضد التطبيع بكل أشكاله؛ والقانون الكويتي لا يسمح لكائن من كان بالتطبيع مع الصهاينة أو العمل معهم سواء بشكل مباشر أو غير مباشر".

وفيما يتعلق بالمؤسسات الأهلية التي ترفض التطبيع، يقول لـ"الخليج أونلاين": "إعلان المؤسسات الأهلية برفض التطبيع وتخوين المطبعين الذي صدر مؤخراً، ما هو إلا استكمالاً للقناعة التي أصبحت لدى الكويتيين كمبدأ لا تحيد عنه قيد أنملة".

وتابع: "أثبت الكويتيون أصالتهم في احتضان كبرى حركات المقاومة الفلسطينية ليثبتوا للعالم أجمع أن الكويت مع كامل الحق الفلسطيني في الدفاع عن أرضه وعرضه".

مواقف حكومية سابقة

ولعل ما سجله رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم، بموقفه في فبراير الماضي من خلال إلقائه أوراقاً طُبعت عليها خطة السلام الأمريكية المعروفة إعلامياً باسم "صفقة القرن" في سلة القمامة، والقول إنها في "مزبلة التاريخ"، تعد واحدة من صفحة ناصعة ضمن مواقف بلاده المؤيدة لفلسطين والرافضة للاحتلال الإسرائيلي.

ولم يكتفِ "الغانم" برمي صفقة ترامب؛ بل عرض على من سمّاهم المحتلين حزماً مالية أضعاف ما عرضته "صفقة القرن" على الفلسطينيين؛ وهو ما يعكس الموقف الكويتي الصارم الرافض للمس بالقضية الفلسطينية.

وسبق أن هاجم "الغانم"، في أكتوبر 2018، رئيس وفد "إسرائيل" إلى مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي الذي عُقد في روسيا، ونعته بممثل الاحتلال، وقتلة الأطفال، ومرتكبي جرائم الغصب وإرهاب الدولة.

كما استثمرت الكويت مقعدها في الأمم المتحدة لنصرة فلسطين، قضية الدول العربية المركزية، حيث تقدم مندوبها لدى مجلس الأمن، منصور العتيبي، في مايو 2018، بمشروع لحماية المدنيين الفلسطينيين بقطاع غزة والضفة الغربية.

وبرزت مواقف قوية ومؤيدة للقضية الفلسطينية من المندوب الكويتي الدائم لدى الأمم المتحدة، العتيبي، إذ نبه في يناير 2018، في كلمة بلاده أمام جلسة لمجلس الأمن الدولي حول الحالة في الشرق الأوسط، ومن ضمن ذلك القضية الفلسطينية، إلى استمرار "إسرائيل" في الخرق المادي للقرارات الدولية، ومن ذلك القرار الدولي رقم "2334".

استياء أمريكي

إصرار الكويت على موقفها، دفع "مهندس صفقة القرن" جاريد كوشنر، كبير مستشاري الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، للقول إن الولايات المتحدة لا تمارس ضغوطاً على الكويت ودول مجلس التعاون الخليجي لإقامة علاقات مع "إسرائيل"، واصفاً الموقف الكويتي من التطبيع بـ"غير البنّاء".

وتذرع كوشنر  بالاقتصاد الذي تحتاج دعمه دول المنطقة حالياً، حيث قال إن بلاده ترغب في خلق مزيد من الفرص الاقتصادية بالمنطقة والمضي بها قدماً إلى الأمام (عبر التطبيع)، مضيفاً: "لا نريد للشرق الأوسط أن يكون متجمداً في صراع الماضي".

وتابع: "عندما تم غزو الكويت من العراق دعم الفلسطينيون صدام حسين. وهناك رؤية متشددة للغاية من جانب الفلسطينيين الآن. ما نراه في المنطقة هو في مصلحة الكثير من الدول من وجهة النظر الاقتصادية".

رفض شعبي دائم

وخلال سنوات مضت برزت المواقف الكويتية الشعبية الرافضة للمؤامرات الهادفة للنيل من القضية الفلسطينية، والتي كان آخرها "صفقة القرن" التي أعلن عنها في يناير الماضي.

وشكلت كلمة "المؤامرة" الوصف الأدق الذي أطلقته فعاليات ومنظمات سياسية كويتية، إضافة إلى جمهور مواطنين، على ما أطلق عليه "صفقة القرن".

وأجمعت فعاليات سياسية كويتية، على أن تلك الصفقة "ليست سوى محاولة جديدة لتصفية القضية الفلسطينية التي تشكل قضية مركزية في السياسة الكويتية".

ويرون في بيانات وردود فعل سابقة، أن هذه الخطوات تعد "خدمة لإسرائيل وأنها ستفتح الباب لمواجهة إضافية طويلة مع الكيان الصهيوني والصهيونية العالمية، مشيرين إلى أن الصفقة "تعد وسيلة ابتزاز سياسية، ويراد منها زيادة رصيدي انتخابات ترامب ونتانياهو".