علاقات » عربي

إقامة منطقة عازلة.. هل يصبح سيناريو إنهاء السعودية لحرب اليمن؟

في 2020/11/19

الخليج أونلاين-

لا يُظهر النزاع في اليمن أي مؤشرات حقيقية على الانحسار مع 6 سنوات من الحرب، في وقتٍ تحاول فيه السعودية الخروج من مأزقٍ بسبب استنزاف قدراتها العسكرية من قبل الحوثيين.

وأثرت حرب اليمن بشكل متزايد على المجتمع السعودي، خصوصاً في المناطق الجنوبية؛ بسبب القصف الحوثي بالصواريخ والقذائف والطائرات المسيرة، وهو ما دفع السعودية للعمل بكافة الوسائل لحماية حدودها من هجمات الحوثيين.

وكشفت وكالة "رويترز" عن اتفاق على إقامة منطقة عازلة بين اليمن والسعودية بهدف إيقاف الحرب، في وقتٍ ينفي فيه الحوثيون حدوث الاتفاق، ليطرح تساؤلات عن سر هذه التسريبات، وما إن كانت ستنتهي الحرب بتلك الخطوة إن حدثت.

منطقة عازلة

بين الحين والآخر تخرج تسريبات عن اتفاقات بين الحوثيين والسعودية، كان آخرها ما نشرته "رويترز"، بعدما نقلت عن ثلاثة مصادر مطلعة قولها إن السعودية أبلغت جماعة الحوثي في اليمن، في محادثات رفيعة المستوى، بأنها ستوقع على اقتراح للأمم المتحدة بوقف إطلاق النار على مستوى البلاد؛ إذا وافقت الجماعة المتحالفة مع إيران على إقامة منطقة عازلة على طول حدود المملكة.

وذكرت، في 17 نوفمبر 2020، أنه إذا جرى التوصل إلى اتفاق فستكون تلك أكبر انفراجة في الجهود المبذولة للتوصل إلى تسوية سياسية منذ أن بدأ الصراع، في عام 2014.

وأشارت "رويترز" في خبرها نقلاً عن مصدرين إلى أن "الطرفين، اللذين عقدا مباحثات عبر الإنترنت، رفعا في الآونة الأخيرة مستوى التمثيل في المحادثات ليشارك فيها محمد عبد السلام، كبير مفاوضي الحوثيين، ومسؤول سعودي أكبر".

كما نسبت لمصادرها أن الرياض طلبت مزيداً من الضمانات الأمنية من الحوثيين، ومنها منطقة عازلة على طول الحدود مع شمال اليمن، إلى أن تشكل حكومة انتقالية تدعمها الأمم المتحدة.

وأضافت أنه في المقابل ستخفف المملكة حصاراً جوياً وبحرياً في إطار اقتراح الأمم المتحدة بوقف إطلاق النار، الذي يشمل بالفعل وقف الهجمات عبر الحدود.

نفي حوثي

وعقب ساعات من تلك التسريبات نفت جماعة الحوثيين صحة ما نشرته وكالة "رويترز" بشأن الاتفاق، واعتبرت أن نشر تلك الأخبار لا يمت إلى المهنية بصلة.

وقال رئيس اللجنة الثورية العليا في جماعة الحوثيين محمد علي الحوثي، في تغريدة له على "تويتر": إن "تسريب رويترز بشأن مناطق فاصلة بين الجمهورية اليمنية والمملكة اعتمد على مكتبها في الإمارات".

 

 

وأضاف: إن "مكتبها بث أخباراً غير صحيحة قد تكون خدمة لفصائل تتبع الإمارات للضغط النفسي على آخرين من فصائل الارتزاق مع احتدام المعركة"، وفق قوله.

وفي المقابل لم يصدر من السعودية أي تأكيد أو نفي، وغالباً ما تلتزم الصمت في معظم ما ينشر عن اتفاقات أو مفاوضات سرية تجريها مع الحوثيين.

لا نهاية للحرب

الصحفي والكاتب اليمني فيصل الحذيفي يقول لـ"الخليج أونلاين" إنه لا يتوقع أن تنهي السعودية الحرب بهذه الطريقة "دون اكتمال الأهداف المعلنة، عشية السادس من مارس 2015، عندما انطلقت عاصفة الحزم وتشكيل تحالف عربي ودولي لاستعادة الشرعية في اليمن".

وأضاف: "أستبعد بعد كل هذه الانفعالات والتضحيات وسنوات الحرب أن تتحول إلى مجرد حماية حدودية".

ويرى أنه في حالة صدقت "رويترز" بمعلوماتها وكذب الحوثيون بنفيهم، "فنحن أمام تكريس للتشظي الداخلي وارتفاع لوتيرة المناطقية الأنانية من جهة، والتغول المذهبي من جهة، وسيكون هناك توطين طويل الأمد للاقتتال في اليمن، ولن ينطبق علينا تمني يا أبا زيد ما غزوت، بل سنستمر لقرون في معالجة آثار أبي زيد وفشله".

ويعتقد أن الأمن القومي للمنطقة، والعربي بالعموم، "يقتضي سرعة إنهاء المعركة باتجاه تمكين الشرعية من العاصمة المؤقتة عدن، وإيقاف دعم الحركات الانفصالية، وتوجيه البوصلة نحو استعادة بيت العرب الأول صنعاء، ومن ثم سوف تتحول اليمن إلى عنصر فاعل في الأمن والسلام الإقليميين".

وتابع: "لا حاجة لمنطقة عازلة فحدودنا البرية ستكون آمنة باتجاه أشقائنا وموثقة معالمها باتفاقات دولية، كما أن اليمنيين سوف يتجهون للبناء والإعمار بمعاونة الأشقاء والأصدقاء وما سوى ذلك فشل وعبث لن يخدم أي طرف".

حماية حدود المملكة

خلال العام الجاري 2020، كشفت منظمات حقوقية وأفلام استقصائية عن وجود قوات يمنية معظمها ليست رسمية تدافع عن السعودية وتتصدى لهجمات الحوثيين في  الحد الجنوبي للسعودية.

وقالت منظمة "سام" للحقوق والحريات ومقرها "جنيف"، في تقريرها الذي حمل عنوان "محرقة الحدود"، إنها حصلت على معلومات، منذ منتصف العام الماضي، تفيد بأن السعودية تجند يمنيين مدنيين، بينهم أطفال، للزج بهم في القتال نيابةً عنها على حدودها الجنوبية مع اليمن. 

وفي مارس 2020، كشف الفيلم الاستقصائي الذي بثته قناة الجزيرة "الموت على الحدود"، بالصوت والصورة وعبر مقابلات مع عدد من الشخصيات، أن السعودية تجند الآلاف على الحدود بدون أي شكل من أشكال التنسيق مع أي هيئة عسكرية يمنية على الإطلاق.

وإلى جانب ذلك فقد قامت السعودية بمساعدة الجيش اليمني بتحرير مناطق حدودية في حجة والجوف وصعدة؛ بهدف حماية حدودها، وتوقفت بعد ذلك عن دعم تلك الجبهات لاستمرار التقدم وتحرير المناطق التي تقع تحت سيطرة الحوثيين.

هجمات لا تتوقف

لم يتوقف الحوثيون عن تصعيدهم ضد المملكة العربية السعودية، رغم فترات متقطعة من الهدوء الذي يسود بين الجانبين بين الحين والآخر، بعدما عاود الحوثيون استهداف السعودية بطائرات مسيرة، خلال الشهرين الأخيرين.

ويستخدم الحوثيون هجماتهم عبر الطائرات بدون طيار والقذائف، ويقولون إنها استهدفت مواقع ومراكز حساسة بالمناطق الجنوبية للسعودية، في وقتٍ ينفي فيه التحالف الذي تقوده المملكة وقوع هجمات.

حذار من حرب أهلية

وخلال سنوات الحرب الخمس الماضية استباح الحوثيون الأراضي السعودية بمئات من الصواريخ والطائرات المسيرة التي سددت ضربات اقتصادية وسياسية موجعة للسلطات بالمملكة، بحسب محللين.

وكانت أكثر الهجمات الحوثية إيلاماً على السعودية بالطائرات المسيرة التي استهدفت، في سبتمبر من العام الماضي، معملين للنفط تابعين لشركة أرامكو في "بقيق" و"خريص"، وأثّرت الضربات على إنتاج نحو 5 ملايين برميل نفط يومياً، في حين شككت الرياض بالرواية الحوثية، متهمة طهران بشن تلك الهجمات.

في هذا الشان يرى الكاتب والمحلل السياسي اليمني د.عادل دشيلة، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أن السعودية تريد أولاً وأخيراً الحفاظ على أمنها القومي، معتبراً  التصريحات السعودية حول وجود حوار مع الحوثيين "محاولة من السعودية لاستباق الاحداث قبل مجيء الرئيس بايدن إلى السلطة".

وقال إن السعودية في حوار مع الحوثيين قبل هذا الوقت، بل منذ العام الماضي، مشيراً إلى أن هناك حواراً سياسياً بين الحوثيين والمملكة العربية السعودية برعاية عُمانية، ولذلك إذا وافق الحوثيون على المنطقة العازلة فإن دشيلة يعتقد أن السعودية ستدخل في حوار مباشر مع الحوثيين وبرعاية أممية أيضاً.

دشيلة لم يستبعد أيضاً أن تتخلى السعودية عن حكومة اليمن الشرعية "إذا ما وجدت أن هناك ضمانات على حفظ أمنها بالمناطق الجنوبية".

وتابع: "أما في المناطق الشرقية فقد نجحت جزئياً في تنفيذ أهدافها الاقتصادية في المهرة وهي موجودة عسكرياً هناك، ومن ثم هي لا تريد الحضور عسكرياً في المناطق الشمالية، بل تريد الحفاظ على أمنها وتريد الحضور عسكرياً في المناطق الشرقية من أجل مصالحها الاقتصادية".

ويجد دشيلة أن "الحوثي مستعد لحماية المناطق الجنوبية السعودية في حال اعترفت السعودية به. لأنه يريد نظاماً ملكياً، والاعتراف من السعودية به سيدعمه سياسياً إذا تم ذلك". 

وزاد: "كما أن المنطقة العازلة ليست من مصلحة اليمن؛ لأنه سيحرمها من التنقيب في المناطق الشرقية خصوصاً الجوف. كما أن هذه الخطوة من قبل السعودية تؤكد أن السعودية لا يهمها المناطق الشمالية ولا السلطة الشرعية بقدر ما يهمها أمنها القومي".

وختم دشيلة قائلاً: "السؤال الأهم هل سيُسلم اليمن لإيران كما سلم العراق الشقيق؟"، مضيفاً: "لذلك، على القوى الوطنية أن تتحمل مسؤوليتها التاريخية والقانونية اليوم قبل أن ينزلق البلد إلى حرب أهلية أكثر ضراوة".