خالد حسن - المونيتور - ترجمة الخليج الجديد-
توجه وفد سوداني إلى أبوظبي في 26 فبراير/شباط لإجراء محادثات بشأن النزاع الحدودي مع إثيوبيا في إطار مبادرة وساطة أعلنتها الإمارات. وأعلن مجلس الوزراء السوداني في 23 مارس/آذار موافقته على مبادرة الإمارات للوساطة بينه وبين إثيوبيا لحل نزاعاتهما الحدودية وأزمة "سد النهضة" بين مصر والسودان وإثيوبيا.
وكان وفد إماراتي رفيع المستوى زار الخرطوم في 13 يناير/كانون الثاني، والتقى الوفد بمسؤولين في وزارتي الخارجية والري والموارد المائية، وناقش ملف "سد النهضة" ومواقف السودان. ثم اقترحت الإمارات مبادرة لتقريب وجهات النظر وحل الخلاف بين الدول الثلاث (مصر والسودان وإثيوبيا).
وتأتي المبادرة الإماراتية، التي لم يتم الكشف عن تفاصيلها بعد، وسط جمود وفشل متكرر لمفاوضات "سد النهضة". كما تأتي في ظل تصاعد التوترات الحدودية بين السودان وإثيوبيا بشأن منطقة "الفشقة" الحدودية، وقد بلغت ذروة هذه التوترات بمواجهات عسكرية مطلع العام الجاري.
وقال "شفاء العفاري" الكاتب والمحلل الإريتري المتخصص في الشؤون الأفريقية، إن المبادرة الإماراتية تأتي في وقت حرج، وأضافت لموقع "المونيتور": "يأتي ذلك في ظل تصعيد عسكري عبر الحدود السودانية الإثيوبية، وتعاون عسكري مصري سوداني غير مسبوق، وتحذيرات من تدخل عسكري في أزمة سد النهضة".
وأكد رئيس المجلس العسكري الانتقالي والقائد العام للقوات المسلحة السودانية الفريق "عبدالفتاح البرهان"، في كلمة ألقاها أمام ضباط وضباط صف وجنود منطقة البحري العسكرية في 21 مارس/آذار الجاري، أن القوات السودانية لن تتراجع عن مواقعها على الحدود السودانية مع إثيوبيا.
وبالنسبة لأديس أبابا، فإن هذه المواقع موجودة على الأراضي الإثيوبية. وفي 24 مارس/آذار، هاجمت القوات الإثيوبية القوات السودانية على الحدود في محاولة للاستيلاء على الأراضي التي يسيطر عليها السودان.
ووقعت مصر والسودان في 2 مارس/آذار اتفاقية للتعاون العسكري عقب زيارة رئيس أركان الجيش المصري الفريق "محمد فريد" إلى العاصمة السودانية الخرطوم.
في غضون ذلك، جددت مصر موقفها من "سد النهضة". وقال وزير الخارجية المصري "سامح شكري"، في تصريحات إعلامية في 24 مارس/آذار: "لدينا العديد من السيناريوهات على الطاولة، ويتم تقييمها جميعا بشكل جيد لاختيار السيناريو الذي سوف يفيدنا أكثر".
وأشار "شفاء العفاري" إلى أن "الإمارات تمتلك أوراق ضغط كبيرة على إثيوبيا، حيث أن لديها استثمارات ضخمة في إثيوبيا وعلاقات وثيقة مع رئيس الوزراء الإثيوبي "أبي أحمد"،وفي الوقت نفسه فإن للإمارات نفوذ في السودان وتحافظ على علاقات استراتيجية مع مصر وقد يجعلها ذلك وسيطا مناسبا لحل أزمة سد النهضة".
ويوجد حاليا 92 مشروعا استثماريا إماراتيا في إثيوبيا، تتركز في قطاعات الزراعة والصناعة والعقارات والرعاية الصحية والتعدين.
وفي 14 مارس/آذار، أعلنت شركة أبوظبي لطاقة المستقبل، المعروفة أيضا باسم "مصدر"، عن اتفاقية مع الحكومة الإثيوبية لتنفيذ مشاريع طاقة شمسية من شأنها أن تولد 500 ميجاوات في عدة مواقع في إثيوبيا.
وفي 12 مارس/آذار، زار وفد من الهلال الأحمر الإماراتي إثيوبيا لمتابعة مشروع الشيخة "فاطمة بنت مبارك" الرئيسة الفخرية لهيئة الهلال الأحمر الإماراتي، والذي يتكون من بناء 1600 منزل ويهدف إلى تأمين خدمات الرعاية الصحية والتعليم لعشرات الآلاف من اللاجئين في منطقة "بيل".
وفي 14 أبريل/نيسان 2020، أعرب "أبي أحمد" عن تقديره لدولة الإمارات لإرسال ما قيمته 15 طنا من المستلزمات الطبية للوقاية من فيروس كورونا.
ووقع صندوق "خليفة" الإماراتي لتطوير المشاريع اتفاقية بقيمة 100 مليون دولار مع وزارة المالية الإثيوبية في 27 فبراير/شباط 2020، لدعم وتمويل المشاريع متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة في إثيوبيا.
وقال "عبدالله بن أحمد الصالح"، وكيل وزارة الاقتصاد الإماراتي لشؤون التجارة الخارجية، في 20 مارس/آذار 2019 خلال منتدى الأعمال الإماراتي الإثيوبي، إن الصادرات الإماراتية إلى إثيوبيا في عام 2018 بلغت 200 مليون دولار، بزيادة قدرها 46% مقارنة بعام 2017.
وفي 8 يوليو/تموز 2019، أعلن "آبي أحمد" أن بلاده سترسل 50 ألف عامل إثيوبي إلى الإمارات كجزء من برنامج يهدف إلى تطوير القوى العاملة المحلية.
في غضون ذلك، قال وزير الطاقة والصناعة الإماراتي "سهيل محمد المزروعي"، في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، إن استثمارات بلاده في السودان بلغت 7 مليارات دولار، أبرزها في مجالي الزراعة والسياحة.
وبعد عام تقريبا، في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، أشاد اتحاد رجال الأعمال وأصحاب العمل السودانيين بـ"الدور الرئيسي لدولة الإمارات في دعم السودان في مختلف المجالات، وجهودها المستمرة لإزالته من قائمة الدول الراعية للإرهاب ورفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه".
وتعد الإمارات أيضا واحدة من أكبر المستثمرين الدوليين في مصر. وخلال العام المالي 2019-2020، بلغت استثمارات الإمارات في مصر نحو 1.61 مليار دولار.
وأوضح "شفاء العفاري" سبب عدم قيام مصر بالتعبير عن دعمها للمبادرة الإماراتية حتى الآن، قائلا: "مصر تخشى أن تظهر إثيوبيا مرة أخرى خلاف ما تبطن". وقال إن "القاهرة أصرت على وساطة الرباعية الدولية التي تضم الاتحاد الأفريقي والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، وقد سعت مصر من خلال ذلك إلى إحراج إثيوبيا أمام العالم والحصول على حق الدفاع عن نفسها حتى ولو بالتدخل العسكري".
وفي 20 مارس/آذار، رفضت إثيوبيا اقتراح مصر والسودان باللجوء إلى الرباعية الدولية في أزمة "سد النهضة"، وتخطط أديس أبابا لبدء المرحلة الثانية لملء خزان السد في يوليو/تموز.
وقال "العفاري" إن "مصر تجري حاليا مشاورات ومناقشات مع الإمارات على أمل التوصل إلى صيغة توافقية. وتخشى مصر الإعلان عن دعمها للمبادرة ثم تراها تفشل بعد ذلك مثل المبادرات السابقة، ولكن يبدو أيضا أن بنود المبادرة غير المعلنة جعلت الأجهزة المصرية متشككة للغاية بشأنها".
وأضاف: "تدرك مصر جيدا قيمة الوقت ولا تريد إضاعة المزيد من الوقت بعد 10 أعوام من المفاوضات غير المثمرة".
من جهته، قال "شريف الجبلي" رئيس لجنة الشؤون الأفريقية بالبرلمان المصري، لـ"المونيتور": "هناك سيناريوهات كثيرة للتعامل مع أزمة سد النهضة. وتدرس مصر حاليا خيارات للحفاظ على حقوقها المائية بالشكل الذي تراه مناسبا. كما أنها تدرس اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي مرة أخرى".
وقال "الجبلي" إن مصر "تبذل جهودا دبلوماسية ملحوظة للوصول إلى العالم بأسره لإظهار أهمية مياه النيل للمصريين كقضية وجودية. وتتحرك مصر في أكثر من اتجاه. وهي على استعداد تام للتعامل مع العديد من السيناريوهات المحتملة".
ويبقى أن نرى كيف ستؤثر تطورات الأيام المقبلة على رد فعل مصر تجاه المبادرة الإماراتية التي تجاوب معها السودان.