الخليج أونلاين-
خلال فترة حكم بنيامين نتنياهو لدولة الاحتلال الإسرائيلي، نجح في إبرام اتفاقيات تطبيع مع عدد من الدول الخليجية والعربية، وإبرام معاهدات اقتصادية وأمنية وسياسية معها، وزيارة دول أخرى بشكل معلن وسري.
وبعد حالة الاختراق التي أحدثها نتنياهو من خلال الاتفاقيات الموقعة مع دول الإمارات، والبحرين، والسودان، والمغرب، انتهت فترة حكمه، وجاء رئيس وزراء جديد هو نفتالي بينيت، الذي سيتناوب على رئاسة الحكومة الائتلافية الجديدة مع يائير لبيد زعيم حزب المعارضة الوسطي "يوجد مستقبل"، مدة عامين لكل منهما.
ومنذ اللحظات الأولى لتولي بينيت رئاسة الحكومة الإسرائيلية تعهد بـ"توسيع دائرة السلام" مع دول المنطقة، مع إشارته إلى الاتفاق المبرم بين "إسرائيل" والإمارات، في سبتمبر الماضي، وهو ما يعني مؤشراً على نيته تقوية علاقته مع الدول العربية والخليجية.
وعقب تولي بينيت سارعت الإمارات إلى توجيه تهنئة إلى رئيس حكومة الاحتلال الجديد، وحليفه لابيد على تشكيل الحكومة.
وقالت وزارة الخارجية الإماراتية عبر حسابها على "تويتر": إن "الإمارات تهنئ رئيس الوزراء نفتالي بينيت، ورئيس الوزراء المناوب وزير الخارجية يائير لابيد على تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة".
وإلى جانب التهنئة بحث وزير الخارجية الإماراتي، خلال اتصال هاتفي مع لابيد، أوجه التعاون الثنائي بين البلدين، إضافة إلى الاتفاق الموقع.
من جانبه بعث ولي العهد البحريني الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، برقية تهنئة إلى بينيت ولابيد بمناسبة تشكيل الحكومة الإسرائيلية التي سيتزعمانها.
وزير حكومة الاحتلال الجديد بدوره أظهر نوايا قوية في تدعيم العلاقات مع الإمارات تحديداً إلى جانب البحرين، حيث قال إنه يتطلع إلى العمل مع أبوظبي والمنامة لدفع عملية السلام بالمنطقة.
وكتب أوفير جندلمان، المتحدث باسم رئيس حكومة الاحتلال، للإعلام العربي في تغريدة على الحساب الرسمي: "أشكر الإمارات العربية المتحدة على تهانيها الحارة، وأنا ملتزم بمواصلة تعزيز العلاقات الإسرائيلية- الإماراتية في جميع المجالات".
وتابع بينيت: "أتطلع إلى العمل مع الإمارات على دفع السلام والأمن والاستقرار بغية توفير الرفاهية لشعبينا وللمنطقة بأسرها".
ويعد بينيت شخصية يمينية متطرفة، ويقود حزب "يمينا" المؤيد للاستيطان وضم "إسرائيل أجزاء" من الضفة الغربية المحتلة، كما يدعو إلى سياسة متشددة حيال إيران، وهو ما قد ينال إعجاب بعض دول الخليج التي تنظر إلى طهران على أنها عدو.
قضية محسومة
أستاذ الدراسات الشرق أوسطية في "جامعة حيفا"، البروفيسور محمود يزبك، يؤكد أن الاتفاقيات التي وقعتها "إسرائيل" مع الدول الخليجية والعربية "ستستمر؛ ليس لأن بينيت يريد بقاءها، ولكن لأن الدول التي وقعت تلك الاتفاقيات تريد إبقاءها؛ لكونهم يرون أن مصلحتهم مع دولة الاحتلال".
وتتحكم ما تعرف بالدولة العميقة داخل "إسرائيل"، وفق حديث يزبك لـ"الخليج أونلاين"، في العلاقات الخارجية لدولة الاحتلال، "خاصة مع الإمارات التي تريد الحكومة الإسرائيلية منها السيطرة على مضيق هرمز والبحر الأحمر، والاستفادة بشكل كامل من تلك المناطق".
والدولة العميقة في "إسرائيل"، حسب يزبك، هي التي تنتخب رئيس الحكومة، وأعضاء الكنيست، إضافة إلى أنها على علم كامل بالاتفاقيات الخارجية، وترى دائماً أن مصلحتها مع الإمارات مهمة لمواجهة الخطر الإيراني.
وحول بينيت يوضح يزبك أنه سبق له القيام بوظائف حكومية في "إسرائيل"؛ من خلال تولي وزرات مختلفة، وقضية التطبيع بالنسبة له تعد محسومة، لاعتبارات أمنية بالدرجة الأولى.
وإلى جانب بينيت أظهرت الشخصية التي ستتولى منصب وزير الخارجية، وهو لابيد، تأييداً واضحاً للتطبيع، حيق سبق أن أيد الاتفاقيات التي وقعت بين "إسرائيل" والدول الخليجية والعربية.
وسبق أن قال لابيد: "بالطبع هذه صفقة جيدة. منذ عام 2015 وأنا أتحدث عن ضرورة إقامة علاقات بين إسرائيل والدول المجاورة. والإمارات لاعب مهم، وأعتقد أن البحرين، وربما السودان أيضاً، سيدعمان هذه المبادرة".
ويرى لابيد أن "الدولة الرئيسية بالنسبة إلى إسرائيل هي السعودية"، مشيراً إلى أن بلاده تحاول التفاوض معهم من خلال وساطة الولايات المتحدة، وبرأيه لم يعد الأمر مستحيلاً حتى لو لم يكن في المستقبل القريب.
ويعتقد لابيد أن الاتصالات مع دولة الإمارات والاتفاقيات المحتملة مع دول خليجية أخرى مستقبلاً ستمكن "الدولة اليهودية" من بناء جبهة إقليمية معادية لإيران.
في السياق يقول الباحث في مركز الأمن القومي في جامعة تل أبيب، عوديد عيران، إن عدم الاستقرار في "إسرائيل" جعل علاقاتها مع الإمارات على سبيل المثال في وضع "الانتظار"، ويشرح بالقول: "الإمارات لن تلغي اتفاق التطبيع، لكنها ليست معنية الآن بأكثر من ذلك. يريدون أن يروا كيف سيكون وضع الحكومة الجديدة".
دعم وترحيب
المختص في الشأن الإسرائيلي إسماعيل موسى، يؤكد أن بينيت يسير على نهج نتنياهو في العلاقات مع الدول الخليجية والعربية، خاصة أنه يرى في تلك الدول أداة لتقوية دولة الاحتلال في المنطقة العربية.
وفي حديثه لـ"الخليج أونلاين" يقول موسى: "بينيت عبر عن دعمه لاتفاقيات التطبيع التي أبرمها نتنياهو مع الدول الخليجية والعربية، وهو الملف الوحيد الذي توافق مع نتنياهو في ظل معارضة وخلاف حاد بينهما في باقي الملفات المحلية".
وسيعمل رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، وفق حديث موسى، على تدعيم علاقات دولة الاحتلال مع الدول العربية التي أبرم نتنياهو اتفاقيات معها، سواء في المجالات السياسية، أو العسكرية، أو الاقتصادية، خاصة أنه يريد إثبات نفسه في ظل المنافسة القوية.
وسيركز بينيت، كما يوضح موسى، على العلاقات مع دولة الإمارات؛ لكونها الدولة الخليجية والعربية الأقوى اقتصادياً، إضافة إلى وجود رغبة قوية من قبلها في تدعيم علاقاتها مع دولة "إسرائيل".
ويعد التطبيع، حسب موسى، أحد أهم الأوراق السياسية والانتخابية في "إسرائيل"؛ لكونها دولة محاطة بعدد كبير من الأعداء كما يرى الإسرائيليون.