الخليج أونلاين-
عاد الحديث عن التباين السعودي - الإماراتي إلى واجهة التحليلات الإخبارية، والتي تندرج في إطارها تحديات الرؤية الاستراتيجية المشتركة، لأمن واستقرار اليمن واستمرار تحالفهما وتماسكهما، أو انقطاع بينهما.
ومع ظهور تباينات في سياسات الإمارات والسعودية حول القضية الجنوبية في اليمن وانعكاس ذلك على الأرض، خصوصاً في الآونة الأخيرة مع تمدد مليشيات الإمارات باليمن، لا يزال التوتر سيد الموقف بين الحكومة اليمنية المدعومة سعودياً، و"الانتقالي الجنوبي" المدعوم إماراتياً، حيث لم يُفلح "اتفاق الرياض" في إنهاء الأزمة الراهنة.
ومع صعود التباين السعودي والإماراتي في بعض القضايا الكبيرة مؤخراً إلى السطح، تبرز القضية اليمنية كأحد أهم هذه الملفات، مع تصاعد التصريحات التي يطلقها قيادات تابعون لـ"الانتقالي الجنوبي" ضد السعودية، وصولاً إلى المطالبة بخروجها من اليمن.
تصعيد خطابي ضد السعودية
مؤخراً ومع الحديث عن تباينات سعودية إماراتية فيما يتعلق بأسعار النفط عالمياً، برزت تصريحات في جنوب اليمن تهاجم السعودية، كان آخرها ما نشره القيادي في "المجلس الانتقالي" المدعوم إماراتياً، سليم النهدي، مقطع فيديو هاجم فيه التحالف العربي ومُحرضاً على السعودية.
وقال القيادي في "الانتقالي": إن "تحرير الشمال يعني عودة الجنوب لباب اليمن وليس من مصلحتنا تحرير الشمال"، مضيفاً: "إن خيار التحالف مع الحوثيين أقرب لنا من السعودية، ومن يريد تحرير البيضاء من الحوثيين هم الإرهابيون"، مؤكداً أنه ليس من مصلحتهم في الجنوب "انتصار التحالف والشرعية وانتهاء الحرب".
كما هاجم قيادي آخر في "المجلس الانتقالي" السعودية، متهماً إياها بالتآمر على الجنوب، وواصفاً قائد قوات التحالف بالعاصمة المؤقتة عدن وممثل الرياض بأنه "بريمر الأمريكي الذي عبث بالعراق".
وطالب عضو الجمعية الوطنية لـ"المجلس الانتقالي" عبد الله سعيد المرزقي، أحد قيادات انتقالي شبوة، بطرد قوات التحالف من عدن، "وأن لا يكون للسعودية موطئ قدم على أرض الجنوب"، على حد قوله.
دعوات سعودية سابقة
ولعل التصريحات التي أطلقها القياديان في "الانتقالي"، تأتي بعد أيام فقط من دعوة السعودية طرفي "اتفاق الرياض" باليمن وفي مقدمتهما "الانتقالي"، إلى الاستجابة العاجلة لما تم التوافق عليه، وإلى نبذ الخلافات والعمل بالآلية المتوافق عليها.
ونشرت وكالة الأنباء السعودية "واس" بياناً رسمياً مطلع يوليو الجاري، أفاد بأنه عُقد لقاء في الرياض بين ممثلي الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي؛ لبحث استكمال الدفع بتنفيذ الاتفاق.
وأضاف البيان: إنه "تم التوافق بين الطرفين على وقف جميع أشكال التصعيد، وفق آلية اتفقا عليها"، معتبراً التصعيد السياسي والإعلامي وما تلاه من قرارات تعيين سياسية وعسكرية من قِبل المجلس الانتقالي الجنوبي "لا تنسجم مع ما تم الاتفاق عليه بين الطرفين".
وأكدت السعودية أن عودة الحكومة اليمنية المشكّلة وفقاً لـ"اتفاق الرياض" تمثل أولوية قصوى، وشددت على أهمية التزام كلا الطرفين بما تم الاتفاق عليه.
التعامل بإيجابية
يقول الصحفي اليمني يحيى البرعي، إن تصريحات قيادات الانتقالي "ليست جديدة"، مشيراً إلى أنها تخرج من تلك القيادات "بين فترة وأخرى".
وينتقد البرعي من التساهل المستمر للسعودية إزاء الهجوم الذي تتعرض له من "الانتقالي"، مضيفاً لـ"الخليج أونلاين": إن "الرياض تتساهل دائماً إزاء ذلك، خاصة في تطبيق الشق العسكري من اتفاق الرياض".
ويتمنى البرعي أن تتعامل السعودية مع التطورات التي حدثت مع الإمارات مؤخراً، بـ"إيجابية ومعرفة أنَّ تحالفها جاء من أجل إعادة الشرعية واستعادة الوطن موحداً"، مؤكداً أن ذلك "لن يحدث إلا إن تم إيقاف انقلاب الانتقالي الجنوبي الموالي للإمارات وعودة الحكومة والرئيس إلى عدن".
وأضاف: "نتمنى من السعودية أن تعرف أن مصيرها مرتبط بمصير اليمن شمالاً وجنوباً، وأن الاستقرار في اليمن سينعكس إيجاباً على الاستقرار في المملكة".
تهديد غير مباشر
وفي تهديدٍ غير مباشر من السعودية للمجلس الانتقالي الجنوبي، شارك سفير المملكة لدى اليمن، محمد آل جابر، تغريدة تحمل تهديدات ضمنية لـ"الانتقالي".
وفي التغريدة التي شاركها آل جابر على صفحته بـ"تويتر"، قال سلمان الأنصاري، رئيس لجنة شؤون العلاقات العامة السعودية الأمريكية: إن "كل من يحاول عرقلة تقدُّم الجيش اليمني بدعم التحالف، سيحاسَب بلا شك"، في إشارة واضحة إلى تصعيد "الانتقالي" ضد الجيش والحكومة الشرعية بالمحافظات الجنوبية.
وتضيف التغريدة: "اليمن يمر في مفترق طرق حقيقيٍّ هذه الأيام؛ انتصارات الجيش اليمني بدعم التحالف كبيرة ومتسارعة. كل من يقف أو يحاول عرقلة هذا التقدم وبأي طريقة كانت سيحاسَب- وبلا أي شك- كمتخادم صريح مع المشروع الإيراني؛ ولهذا تداعيات قصيرة ومتوسطة ودائمة الأجل".
واختتم الأنصاري بقوله: "الأولى والثانية مرتا والثالثة لن تمر".
اتخاذ الخطوة الأهم
ويعتقد الباحث اليمني نجيب السماوي، أن السعودية ستغير بعض مواقفها من الإمارات، خصوصاً مع الخلافات التي برزت مؤخراً داخل "أوبك"، مشيراً إلى أن ذلك سينعكس على الأرض في اليمن.
ويضيف لـ"الخليج أونلاين"، أن الموقف السعودي في الأحداث باليمن التزم الصمت الطويل، "ربما حتى لا يتصدع تحالفها مع أبوظبي، لكن ما حدث مؤخراً قد يجعل الرياض تتخذ مواقف أكثر حزماً مع مليشيات الإمارات في اليمن، والحد من تحركاتها المقوِّضة لوجود الشرعية".
وحذَّر في حديثه الرياض من "الاستمرار في تجاهل ما يقوم به الانتقالي"، مضيفاً: "إذا تجاهلت الرياض كل ما يقوم به الانتقالي فسيؤثر ذلك فيها، لأن ما يقوم به هو توجيهات من الإمارات، وعلى السعودية أن تبدأ بالعمل على دعم الشرعية وتمكينها في عدن والمناطق الجنوبية".