متابعات-
أمام تصاعد الخلافات بين الجزائر والمغرب، ووصولها إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بينهما، سارعت السعودية إلى دعوة البلدين إلى تغليب لغة الحوار والدبلوماسية لإيجاد حلول لحل الخلافات بما يساعد على فتح صفحة جديدة للعلاقات من جديد.
وجاء التدخل السعودي عبر وزارة الخارجية، التي عبرت عن أسفها لما آلت إليه الأمور بين المغرب والجزائر، ودعت إلى العودة إلى ما كانت عليه الأمور بأسرع وقت ممكن.
ويمكن للسعودية الوساطة بين البلدين وإنهاء الخلافات بينهما؛ لما تمتلكه من علاقات سياسية واقتصادية متقدمة مع الجزائر والمغرب، اللتين تشهد العلاقات بينهما توتراً بين الفينة والأخرى.
وسبق أن أدت المملكة دوراً بارزاً في عودة العلاقات بين البلدين، حيث نجح الملك الراحل فهد بن عبد العزيز، عام 1988، في إعادة العلاقات الثنائية بين البلدين؛ من خلال وساطته الشخصية.
ونجح الملك الراحل في وضع أولى لبنات المصالحة التاريخية بين الجزائر والمغرب خلال تنظيم مؤتمر القمة الإسلامية الثالث المنعقد عام 1987 بمكة المكرمة، حيث شهد مصافحة زعيمي البلدين الملك المغربي في حينها الحسن الثاني، والرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد، أمام باب الكعبة المشرفة.
وأظهر الطرفان تجاوباً كبيراً لتحقيق المصالحة، وهو ما دفع الملك فهد لاستكمال تلك المصالحة عبر عقد لقاء مشترك بين الحسن الثاني والشاذلي بن جديد في خيمة نصبت على الحدود بين البلدين في عام 1989، وفتحت وقتها صفحة جديدة بعد قطيعة طويلة الأمد بين البلدين.
مسؤولية سعودية
الكاتب والمحلل السياسي السعودي شاهر النهاري، يؤكد أن دعوة السعودية للمغرب والجزائر لحل الخلافات بينهما جاءت لكون المملكة من كبرى الدول الإسلامية والعربية، وعليها مسؤولية كبيرة في القضايا والخلافات العربية والإسلامية.
وتحاول السعودية، وفق حديث النهاري لـ"الخليج أونلاين"، حل القضايا والخلافات العربية التي تعرض عليها، كما لا يمكن أن تبقى صامتة حيال ما جرى بين البلدين وتصاعد الخلاف ووصوله إلى قطع العلاقات الدبلوماسية.
وتدخلت المملكة، حسب النهاري، من خلال دعوتها لكل من الجزائر والمغرب إلى ضرورة التواصل، والجلوس على طاولة واحدة، والتفاهم والحوار، وعرض القضية على جامعة الدول العربية، والتدخل والوساطة من الدول التي تستطيع حل الإشكالية بين البلدين.
كما يوضح النهاري أن الخلاف الجزائري المغربي ليس خلافاً قريباً، بل هو متجذر منذ قرون بين البلدين اللذين يتنازعان على منطقة حدودية في الصحراء، وهو نزاع موجود يتجدد ويأتي مع كل مناسبة تركز على المنطقة.
ويقول النهاري: "المغرب بعد تطبيعه مع العدو الإسرائيلي أصدرت الإدارية الأمريكية قراراً بضم المنطقة المتنازع عليها كلياً للرباط دون الجزائر، وذلك أحيا الخلاف بين البلدين من جديد، ويعطي القوة للمغرب، والضعف ومحاولة نقض العهود من الجزائر".
وتعاني الدول العربية من أشياء قد تحدث فيما بينها، وفق النهاري، و"لا توجد أي دولة بعيدة عن التدخلات والسيطرة الأجنبية والتنازع من قبل الدول الأخرى، وهو ما يحدث للمغرب والجزائر".
ودائماً ما يحدث بين الجزائر والمغرب "إما حرب أو قطع للعلاقات، وهو ما حدث في الفترة الماضية"، والحديث للكاتب والمحلل السعودي.
أسباب الخلاف
تشهد العلاقات بين البلدين توتراً مستمراً على خلفية ملفي الحدود البرية المغلقة منذ عام 1994، وإقليم الصحراء المتنازع عليه بين الرباط وجبهة "البوليساريو" المدعومة من الجزائر.
وتصاعدت التوترات بين الجارتين منذ إعلان إدارة الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، الاعتراف بمغربية الصحراء بعد توقيع المغرب اتفاقاً لتطبيع العلاقات مع "إسرائيل"، نهاية العام الماضي.
وقبل الاعتراف الأمريكي كانت الرباط تقترح حكماً ذاتياً موسعاً في إقليم الصحراء تحت سيادتها، بينما تدعو "البوليساريو" إلى استفتاء لتقرير المصير، وهو طرح تدعمه الجزائر التي تستضيف لاجئين من الإقليم.
واتهمت الحكومة المغربية الجزائر بدعم جبهة البوليساريو، التي تنازع على ملكية إقليم الصحراء، فيما خرجت مطالبات جزائرية بسحب السفير من المغرب، منتصف يوليو الماضي.
وينتقد المغرب دعم الجزائر لجبهة "البوليساريو" التي تطالب باستقلال الصحراء الغربية، بينما تقول الجزائر إن الأمر يتعلق بنصرة شعب من أجل تقرير مصيره.
وتؤكد جبهة "البوليساريو" أنها "في دفاع مشروع عن النفس" منذ أن أرسل المغرب، في 13 نوفمبر الماضي، قواته إلى أقصى جنوب المنطقة لطرد مجموعة من الناشطين الصحراويين الذين أغلقوا الطريق المؤدية إلى موريتانيا، وهي الحادثة المعروفة بقضية الكركرات.
ويقترح المغرب، الذي يسيطر على 80% من مساحة الصحراء الغربية، منحها حكماً ذاتياً تحت سيادته، بينما تطالب "البوليساريو" بتنظيم استفتاء لتقرير المصير ورد في اتفاق العام 1991.
وحالياً عادت الخلافات بين البلدين إلى نقطة الصفر؛ مع إعلان وزير خارجية الجزائر رمطان لعمامرة، الثلاثاء 24 أغسطس الجاري، قطع علاقات بلاده الدبلوماسية مع المغرب، متهماً الرباط بـ"اتخاذ إجراءات معادية".