متابعات-
على رغم محاولة القوات الموالية للتحالف السعودي - الإماراتي، في أعقاب انسحاب الميليشيات المدعومة من أبو ظبي من مناطق جنوب الحديدة، استعادة زمام المبادرة على جبهات الساحل الغربي، وتحقيقها اختراقات في هذا الاتّجاه، إلّا أن الهجمة المضادّة التي أطلقتها قوات صنعاء، ونفْض المقاتلين المدعومين إماراتياً يدهم من تلك الجبهات إثر التهديدات التي تلقّتها راعِيَتهم، أسهما في إعادة قلْب المعادلة وتثبيتها لمصلحة «أنصار الله»
صنعاء | تعرّضت ما تسمّى «القوات المشتركة» الموالية للتحالف السعودي ــ الإماراتي، أخيراً، لانتكاسة قاسية في جبهات الساحل الغربي، انحسرت على إثرها إلى حدّ كبير المواجهات التي كانت اتّخذت منحًى تصاعدياً على امتداد جبهات جنوب الحديدة كحيس والجراحي ومفرق العدين ومقنبة، منذ منتصف الشهر الفائت. وجاءت هذه الانتكاسة، التي حمّلت «ألوية العمالقة» الجنوبية مسؤوليتها لـ«خيانة» الميليشيات التابعة لنجل شقيق الرئيس الراحل طارق محمد عبدالله صالح، بعد تمكُّن قوات صنعاء من استدراج «اللواء الثامن - عمالقة»، الأسبوع الماضي، إلى فخّ مميت، حيث أطبقت عليه الحصار لأربعة أيام، حامِلةً إيّاه على الاستسلام وتسليم أسلحته الثقيلة والمتوسّطة ومغادرة الميدان، وذلك إثر محاولته التقدّم باتجاه مناطق تابعة لمديرية جبل رأس.
هذا السيناريو تكرَّر أيضاً خلال اليومَين الماضيَين، حيث علمت «الأخبار»، من مصادر محلية في الساحل الغربي، بانسحاب «اللواء الثاني - عمالقة» بقيادة السلفي حمدي شكري، من مواقعه المتقدّمة في منطقة سقم شرق حيس. وبحسب المصادر نفسها، فإن ألوية جنوبية أخرى تستعدّ لإخلاء مواقعها، ومن بينها «اللواء الرابع - عمالقة»، ليلتحق بـ«اللواء التاسع - عمالقة» الذي سلّم عتاده الثقيل، الأسبوع الماضي، للجيش و«اللجان الشعبية»، وانسحب من جميع المناطق التي سبق أن سيطر عليها في نطاق مديرية حيس، ليعود إلى منطقة الخوخة.
وخسرت «ألوية العمالقة»، منذ بدئها موجة التصعيد الأخيرة التي أعقبت انسحاب الميليشيات الموالية للإمارات من جنوب مدينة الحديدة إلى جنوب المحافظة منتصف الشهر الماضي، عدداً كبيراً من قادتها وعناصرها خلال المواجهات التي دارت بينها وبين قوات صنعاء، فيما ساهم اعتداء عناصرها السلفيين المتطرّفين على المساجد والمعالم الدينية في المناطق التي خضعت لسيطرتها، في زيادة النقمة الشعبية عليها. كذلك، مثّل تخلّي قوات طارق صالح، الذي يتواجد في القاهرة منذ أكثر من أسبوع، وانقطاع إمدادات السلاح عن «العمالقة»، دافعاً لانسحاب العشرات من ضباط الأخيرة وجنودها من الجبهات.
وأثار ذلك حالة استنكار واسعة في أوساط الناشطين الموالين لـ«التحالف»، والذين اتّهموا الأخير بخذلان القوات التابعة له، بعدما وصلت إلى مناطق كمفرق العدين الرابط بين حيس والعدين في محافظة إب، ونقلت المعركة إلى مناطق قريبة من مدينة الجراحي، كما سيطرت على قرى تابعة لجبل رأس التي تربطها مناطق حدودية مع منطقة وصاب التابعة لمحافظة ذمار. وسبق لميليشيات «العمالقة» أن وعدت بنقل المعركة من جنوب الحديدة إلى المنطقة الوسطى من اليمن، والتي تشمل محافظات تعز وإب وذمار وريمة، لكنها اصطدمت بتصعيد الجيش و«اللجان» هجماتهما في المناطق الساحلية، وجرّهما خصومهما إلى مربّعات مفتوحة قاتلة، على مدى الأسابيع الفائتة.
وبحسب مصادر محلية في الساحل الغربي، فإن قوات طارق صالح باشرت، منذ أيام، إنشاء سياج حديدي شمال مدينة حيس جنوبي الحديدة، كمقدّمة لوقف العملية العسكرية باتجاه الجراحي. وأكد رئيس «مجلس تهامة الوطني»، النائب محمد ورق، من جهته، في منشور على «فيسبوك» أخيراً، وصول كتيبتَين من قوات صالح إلى مدينة حيس، لتولّي مهمّة الإشراف على بناء سياج حديدي يفصل مديرية حيس من الشمال عن مدينة الجراحي الواقعة تحت سيطرة حكومة صنعاء. وأوضح ورق أن هذا السياج، الذي وصفه بـ«جدار الجبن والذل والخيانة»، سيمتدّ من شمال ميناء الحيمة في مديرية الخوخة، إلى شمال قرية البغيل في مديرية الجراحي شمال حيس، وهو يستهدف فصل المناطق التي انسحبت إليها الميليشيات المدعومة إماراتياً منتصف تشرين الثاني الفائت، عن مناطق سيطرة الجيش و«اللجان».