أشرف كمال - الخليج أونلاين-
أثارت الهجمات التي شنّها الحوثيون على العاصمة الإماراتية أبوظبي هذا الأسبوع تساؤلات كبيرة بشأن المليشيا اليمنية العسكرية وما تمتلكه من أنظمة صاروخية، خاصة مع اتهام الإماراتيين لهم رسمياً باستخدام صواريخ كروز في الهجوم.
وقال الحوثيون، يوم الاثنين 17 يناير 2022، إنهم قصفوا منطقة "مصفح" الصناعية ومطار أبوظبي الدولي بسرب طائرات مسيّرة و5 صواريخ باليتسية، وتوعدوا باستهداف مزيد من الأهداف الحيوية.
ويمثل الهجوم أحد أجرأ هجمات الحوثيين منذ بداية حربهم على "التحالف"، الذي تقوده السعودية وتشارك فيه الإمارات، قبل سبع سنوات، بحسب ما نقلته "وول ستريت جورنال" الأمريكية عن مصادر قريبة من التحقيقات يوم الثلاثاء 18 يناير 2022.
وقالت المصادر للصحيفة الأمريكية إن التحقيقات الأولية تشير إلى أن الحوثيين استخدموا صواريخ باليتسية وأخرى من طراز كروز في الهجوم، وأشاروا إلى أن المعطيات تنفي تورط أو معرفة إيران بالهجوم.
وأكدت المصادر أن طهران، التي دعمت الحوثيين طيلة فترة الحرب، لم تكن تعلم بالهجوم ولم تدعمه بأي طريقة، بحسب المتاح من المعلومات.
أما بالنسبة للاتهام الإماراتي فقد جاء على لسان سفيرها لدى واشنطن يوسف العتيبة، خلال مشاركته في ندوة نظمها المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي، يوم الأربعاء 19 يناير 2022، كأول اتهام رسمي للحوثيين باستخدام صواريخ كروز وباليستية.
لكن قناة الجزيرة القطرية نقلت عن مسؤول في البنتاغون الأمريكي، الأربعاء 19 يناير 2022، قوله إن المعطيات الأمريكية تشير إلى أن الهجوم تم بطائرات مسيّرة فقط، وإن البنتاغون لا يمكنه تأكيد استخدام صواريخ في الهجوم.
وكان المتحدث العسكري باسم الحوثيين، يحيى سريع، قال في حسابه على تويتر، يوم الثلاثاء 18 يناير 2022، إن منطقة "مصفح" الاقتصادية جنوب غرب أبوظبي استهدفت بصواريخ مجنّحة من طراز "قدس-2".
أما مطار أبوظبي الدولي شديد الأهمية فقد استهدف بصواريخ من طراز "ذو الفقار" الباليستي، بحسب سريع، الذي أكد مشاركة مسيّرات "صماد" في الهجمات.
تطور نوعي
كانت صحيفة "وول ستريت جورنال" نقلت عن مسؤولين أن هجوم أبوظبي يعكس تطوراً نوعياً في قدرات الحوثيين الذين باتوا قادرين على استهداف مناطق تبعد بنحو ألف ميل عن العاصمة اليمنية صنعاء، خلال السنوات القليلة الماضية.
وقال الخبير العسكري الأردني، العميد فايز الدويري، إن الحوثيين يملكون صواريخ متوسطة المدى زوّدتهم بها إيران خلال سنوات الحرب، وأخرى حصلوا عليها بعد سقوط نظام الرئيس الراحل علي عبد الله صالح.
وأكد الدويري في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (19 يناير 2022)، أن هذه الصواريخ يمكنها الوصول إلى العمق الإماراتي، معرباً عن اعتقاده بأن الفترة المقبلة ستشهد مزيداً من التصعيد بين الجانبين.
وجاء التصعيد الأخير بعد أن طردت قوات العمالقة اليمنية المدعومة من أبوظبي الحوثيين من مدينة شبوة الغنية بالنفط في وقت سابق من الشهر الجاري.
وعلى الرغم من أن الإمارات سحبت قواتها إلى حد بعيد من الصراع اليمني، إلا أنها ما تزال منخرطة بشدة في الحرب، وتدعم مليشيات محلية على الأرض.
والثلاثاء 18 يناير 2022، نقلت وكالة أنباء (إرنا) الإيرانية، عن عضو المكتب السياسي للحوثيين، عبد الوهاب المحبشي، قوله إن بنك الأهداف الإماراتي لا يزال حقلاً واسع الفرص، مؤكداً أن الهجمات ستتواصل حتى تنسحب الإمارات من اليمن.
تأكيد اتهامات سابقة
احتمالية امتلاك الحوثيين لصواريخ كروز ليست جديدة؛ فقد أشارت تقارير وتحليلات سابقة إلى إمكانية امتلاك المليشيا اليمنية قدرات صاروخية تصل إلى نحو ألف كيلومتر.
ففي يونيو 2020، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، لمجلس الأمن الدولي إن الصواريخ التي استهدفت منشأتي بقيق وخريص السعوديتين في سبتمبر 2019، كانت "كروز" إيرانية الصنع.
وقال تقرير الأمم المتحدة أيضاً إن الأسلحة التي ضبطتها الولايات المتحدة، في نوفمبر 2019 وفبراير 2020، وهي في طريقها لليمن، كانت تضم صواريخ إيرانية الصنع أو تملكها إيران، مشيراً إلى أن مداها يصل إلى 800 كم.
ففي سبتمبر 2019، وعقب الهجوم الحوثي على مصافي النفط السعودية، قالت مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية إن الهجمات تعكس قدرات صاروخية "مدهشة"، مشيراً إلى أن هذه الصواريخ "محلية الصنع".
ميراث قديم ودعم جديد
نقلت المجلة الأمريكية عن الخبير العسكري توم كوبر أن السلاح الرئيسي في ترسانة الحوثيين هو صاروخ "بركان"، وهو نسخة معدلة من صاروخ "R-17E Scud" السوفييتي الذي يزن نحو 4400 رطلاً، ويمكنه السفر أكثر من 500 ميل.
وقالت إن الحوثيين ورثوا عن نظام علي عبد الله صالح ترسانة صواريخ "سكود" السوفييتية، وأخرى كورية شمالية يطلق عليها اسم "هاوسونغ-6S".
وسبق للجيش العراقي تعديل صاروخ سكود السوفييتي، بحسب "ناشيونال إنترست"، وهو ما يعني إمكانية تكرار التجربة في اليمن.
كما نقلت عن خبير الصواريخ، فابيان هينز، أن الحوثيين يمتلكون صاروخ "قدس-1"، قد يكون نسخة من صاروخ "سومار" الإيراني، وكلاهما تكرار لصاروخ "Kh-55" الروسي.
وقال خبراء للمجلة الأمريكية إن الإيرانيين نقلوا الصاروخ "سومار" لليمن وأضافوا له وسماً جديداً لإخلاء مسؤوليتهم، رغم وجود بعض التعديلات في "قدس-1".
ومع ذلك، قال هينز إن أي حديث عن تعديل الحوثيين لأي صاروخ دون دعم خارجي، يظل أمراً بعيداً، مشيراً إلى أن محرك "TJ100" الذي يقوم عليه صاروخ "قدس-1"، هو نفسه المستخدم في طائرات إيران المسيّرة.
الخبير العسكري اللبناني العميد إلياس حنا، قال إن الحوثيين يملكون بالفعل صواريخ باليستية يمكنها تنفيذ هذه الهجمات، مشيراً إلى أنها قد تكون محمية في أماكن يصعب على التحالف الوصول لها وقصفها.
وقال حنا، في مقابلة مع قناة "الجزيرة"، الخميس 20 يناير 2022، "حتى لو تمكن التحالف من ضرب مخازن الصواريخ، فإن إيران، التي تعتبر المورد الرئيسي لها، ما تزال موجودة وستواصل تزويدهم بغيرها".
وفي أبريل 2021، قال المساعد الاقتصادي لقائد "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني، الجنرال رستم قاسمي، لقناة "روسيا اليوم، إنه بلاده قدمت الدعم العسكري للحوثيين، وإنهم ما كانوا ليصلوا إلى ما وصلوا إليه لولا هذا الدعم.
وقال قاسمي إن طهران أمّدت الحوثيين بالخبرات والاستشارات العسكرية حتى أصبحوا قادرين على تسليح أنفسهم بأنفسهم.
صواريخ كروز
والصواريخ الباليستية هي نوع من الصواريخ يتبع مساراً محدداً سلفاً لضرب هدف محدد،أما صاروخ كروز فيختلف في قدرته على تعديل المسار قبل وصوله للهدف.
وعادة ما كان يتم إطلاق صاروخ كروز من الجو، لكن النسخ الجديدة أصبحت تطلق عن بعد، وهي قادرة على تفادي الدفاعات الجوية وتستهدف أهدافاً أرضية.
وتختلف صواريخ كروز عن الباليستية في أنها تكون ذاتية الدفع وتعتمد على الأجنحة معظم مدة بقائها في الجو، وتحلّق في مسار مستقيم نسبياً وعلى ارتفاعات منخفضة بفضل وقودها الصاروخي.
ويتسم الصاروخ كروز بأنه يتحرك بسرعة ثابتة نسبياً مع القدرة على تعديل المسار بحسب مقتضيات إصابة الهدف، ويصل ارتفاعه في الجو إلى 3600 متر.
يتميز كروز بأنه صغير الحجم؛ لكونه يعادل وزن سيارة صغيرة، ولا يتجاوز طوله 5,5 متر، وهو ما يتيح له سهولة التنقل. كما يمكن إطلاقه من تحت سطح البحر بسهولة عبر غواصات عادية أو غواصات نووية ويصل مداه إلى 2500 كم.