علاقات » عربي

الأضواء على الملف السوري.. ما الذي تريده روسيا من السعودية؟

في 2022/01/22

كامل جميل - الخليج أونلاين-

المؤشرات نحو محاولة روسيا وحليفها نظام الأسد للوصول إلى حل في الملف السوري عبر البوابة العربية والخليجية تحديداً تزداد تأكيداً؛ من خلال ما تكشف عنه خلال الفترة القليلة الماضية بتطبيع علاقات عدد من دول المنطقة مع النظام الحاكم في دمشق.

لكن ما زالت المملكة العربية السعودية تمثل عقبة كبيرة في هذا الملف من وجهة نظر نظام الأسد وداعميه، ولا سيما روسيا، التي حققت بدعمها الأسد موطئ قدم مهم في المنطقة.

المستجدات في هذا الشأن كانت عبر زيارة للرياض أجراها، الخميس 20 يناير 2022، المبعوث الخاص للرئيس الروسي لشؤون "التسوية السورية" ألكسندر لافرينتيف، التقى خلالها بولي العهد السعودي محمد بن سلمان آل سعود.

ووفق "وكالة الأنباء السعودية" (واس) جرى خلال الاجتماع "استعراض أوجه العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين، وتطورات الأحداث في سوريا".

كما حضر الاجتماع عن الجانب السعودي مستشار الأمن الوطني مساعد العيبان، ورئيس الاستخبارات العامة خالد الحميدان، وعن الجانب الروسي مبعوث وزير الخارجية مدير إدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا السفير ألكسندر كينشاك.

دعم نظام الأسد

تتبنى روسيا مشروع "التسوية" في سوريا، وأطلقته موسكو، خاصة عقب سيطرة قوات نظام الأسد على المناطق التي كانت بيد فصائل المعارضة المسلحة، مثل الغوطة الشرقية، وريف محافظة حمص، ومحافظة درعا جنوبي البلاد.

ويستهدف هذا المشروع المطلوبين للنظام السوري بقضايا أمنية وجنائية، بالإضافة إلى المنشقين عن الخدمة الإلزامية والاحتياطية في جيش النظام، على أن يُمنح كل شخص يمضي بالمراحل المنصوص عليها "بطاقة تسوية" تتيح له التنقل داخل مناطق البلاد الخاضعة بالأصل لسيطرة النظام السوري، ومن ثم كف البحث الأمني الذي صدر بحقه قبل سنوات.

وتعتبر روسيا لاعباً بارزاً في الملف السوري، حيث بادرت إلى تعزيز نفوذها في المنطقة من خلال الوقوف إلى جانب نظام الأسد، لا سيما بدعمه سياسياً عن طريق مجلس الأمن، وعسكرياً من خلال الاستشارات والدعم العسكري التقني.

كما تدخلت موسكو عسكرياً بشكل مباشر في سوريا عندما شعرت، عام 2015، بأن نظام الأسد بات في خطر حقيقي، بعد أن سيطرت فصائل المعارضة في ريف دمشق على جبال دوما المطلة على العاصمة، ووصول طلائع غرفة عمليات "جيش الفتح" إلى أطراف شمال اللاذقية غربي البلاد.

وأنشأت روسيا، في سبتمبر 2015، قاعدة جوية في منطقة "حميميم" بريف اللاذقية، وأتبعتها، في أكتوبر 2016، بقاعدة بحرية في مدينة طرطوس، وأصبحت القاعدتان لاحقاً نقطتي ارتكاز لروسيا في البحر المتوسط عموماً، واستخدمتهما لاحقاً في نقل العتاد الحربي والمقاتلين إلى ليبيا.

ولكونها حصلت على موطئ قدم مهم في سوريا، ولها الأولوية في العقود والمشاريع التي تقام في سوريا طالما بقي نظام الأسد؛ فروسيا يهمها كثيراً التوصل إلى تسوية في الملف السوري، الذي تملك السعودية فيه ثقلاً بارزاً.

وعليه فإن "زيارة لافرنتيف إلى السعودية يمكن وصفها بأنها استكشافية؛ لأنه حتى اللحظة لا يوجد تنسيق أو تعاون أو حتى تفاهم بين الرياض وموسكو فيما يخص الملف السوري، وفق ما قال المحلل السياسي السوري إبراهيم العلبي لـ"الخليج أونلاين".

تقلب عربي

لقاء ولي عهد السعودية بالمبعوث الروسي، الذي يعتبر الأرفع بين مسؤول سعودي وروسي حول الوضع في سوريا منذ عامين، يأتي في وقت يكثر الحديث فيه عن دعم دول عربية لعودة نظام الأسد إلى الجامعة العربية، وهو ما يلقى ترحيباً روسياً.

ومع ما شهدته علاقات دول خليجية مثل الإمارات والبحرين من تطور مع نظام الأسد، يسعى الأخير إلى كسب الرياض أيضاً.

وكانت مصادر إعلامية عربية مقربة من نظام الأسد سرّبت، في مايو الماضي أن بشار الأسد التقى وفداً سعودياً، وأنه جرى التوصُّل إلى تفاهم يقضي بإعادة فتح السفارة السعودية في دمشق، في صيف العام الماضي، كخطوة أولى لاستعادة العلاقات في المجالات كافة بين البلدين، وهو ما لم يحدث.

كما أكدت هذه المصادر أن الجانب السعودي أبلغ الأسد بأن الرياض ترحّب بعودة سوريا إلى الجامعة العربية، وحضور مؤتمر القمة العربية المقبل بالجزائر في حال انعقاده.

وسارعت المملكة إلى نفي حدوث أي تطبيع قريب للعلاقات مع نظام الأسد، ونفى مدير إدارة تخطيط السياسات بوزارة الخارجية السعودية، السفير رائد قرملي، حدوث ذلك، مؤكداً لوكالة "رويترز" أن "السياسة السعودية تجاه سوريا ما زالت قائمة على دعم الشعب السوري، وحل سياسي تحت مظلة الأمم المتحدة، ووفق قرارات مجلس الأمن وعلى وحدة سوريا وهويتها العربية".

"السعودية كانت في السابق من أكثر الدول الإقليمية عداءً للنظام السوري؛ حيث تبنت مطلب الثورة السورية برحيل الأسد"، يقول المحلل السياسي إبراهيم العلبي، مضيفاً أن "ذلك كان قبل أن ترتد المملكة عن هذا الموقف، وتلمح مراراً إلى إمكانية العودة لإقامة علاقات مع النظام".

لكن عودة هذه العلاقات مشروطة -والحديث للعلبي- بتقليص النفوذ الإيراني، موضحاً أن "النظام في سوريا ومن خلفه روسيا فشل في تحقيق هذا الشرط، أو لا يريد تحقيقه بالأحرى، رغم صدور بوادر إيجابية عديدة عن السعودية لمصلحة التطبيع مع النظام دون تبني هذا المسار رسمياً".

ويعتقد العلبي أن الشهور القليلة الماضية طرأ فيها تغيرات سياسية، ما دفع الرياض للعودة رسمياً إلى نبرة الخصومة مع نظام الأسد.

كما يعتقد أن المصالحة القطرية السعودية وبعدها التقارب التركي السعودي "الذي يسير ببطء"؛ دفع الدول الثلاث إلى الوصول إلى تفاهمات أوثق بشأن الملف السوري.

وعليه يقول العلبي: "بدأنا نشهد تحركات متسارعة على خط توحيد المعارضة السورية، لا سيما الأطراف المحسوبة على الدول الثلاث؛ إذ يبدو أن روسيا تريد استكشاف الموقف في الرياض، وربما محاولة ثنيها عن العودة إلى تبني مسار الثورة السورية".