علاقات » عربي

عملية عسكرية في "حرض".. هل تهدف لفتح أكبر منفذ حدودي مع السعودية؟

في 2022/02/07

متابعات-

معركة جديدة فتحها تحالف دعم الشرعية في اليمن بقيادة السعودية وقوات الحكومة اليمنية في الحدود بين البلدين شمالاً، في مؤشر على تغير سير المعارك التي اقتصرت مؤخراً على مناطق مأرب وشبوة.

هذه المرة جاءت التحركات من "حرض" بمحافظة حجة، التي فيها أكبر منفذ بري حدودي بين السعودية واليمن، وتوقف عن العمل منذ بدء الحرب مطلع العام 2015.

وتتلخص الأهمية الكبرى لتحرير هذه المدينة في كون المنفذ الحدودي يعد شريان الحياة لأغلبية  اليمنيين، ويرفد الاقتصاد والموازنة الحكومية من خلال الحصيلة الجمركية والضرائب، فهل يتحقق هذا الأمر من معركة التحرير الأخيرة التي يقودها التحالف والجيش اليمني، وما أهمية ذلك؟

معركة برية..ومنطقة عمليات

في عملية عسكرية مباغتة، تمكنت قوات "ألوية اليمن السعيد" التابعة للمنطقة العسكرية الخامسة في الجيش اليمني، بإسناد بري وجوي من قوات التحالف العربي، من إحراز تقدم ميداني مطلع شهر فبراير 2022 في محافظة حجة الحدودية مع السعودية (شمال غربي البلاد) التي تقع معظمها في قبضة مليشيات الحوثي المدعومة من إيران.

وتمكنت قوات الشرعية من تطويق المدينة من كل الاتجاهات، والسيطرة على معسكر "المحصام" الاستراتيجي عقب معارك عنيفة خاضتها في محيطه، والوصول إلى عدد من الأحياء داخل المدينة، بانتظار استكمال المعركة والسيطرة على المدينة بشكلٍ كامل.

كما حذر التحالف العربي الذي تقوده السعودية، في 5 فبراير، المواطنين اليمنيين من استخدام الطرق المؤدية إلى مدينة حرض، وقال إنه سيستهدف أي تحركات فيها.

ونقلت وكالة "واس" الرسمية السعودية عن المتحدث باسم التحالف، العميد تركي المالكي، أن المنطقة المذكورة ستكون ضمن منطقة العمليات، وأنها ستكون خاضعة للمراقبة، وسيستهدف أي تحرك بها.

أهمية حرض

تمثل مدينة حرض مركزاً استراتيجياً لوقوعها على الحدود مع السعودية، وبها منفذ "الطوال" البري مع الرياض، وأغلق هذا المنفذ في عام 2015 بعد تحويل الحوثيين المدينة إلى قاعدة عسكرية يستهدفون عبرها مدن جنوب المملكة بالمقذوفات والصواريخ.

ويحلم نحو مليوني مغترب يمني في السعودية بالعودة إلى اليمن عبر منفذ الطوال الحدودي بحرض، بعدما غدا السفر عبره حلماً بعيد المنال.

وأصبح منفذ الوديعة جنوبي اليمن الشريان الوحيد لليمنيين، بعد إغلاق منفذ حرض الحدودي الذي كان يختصر الكثير من الجهد والوقت والمال للمسافرين عبره، إضافة إلى توفر المرافق الخدمية الضرورية والخدمات الإنسانية المناسبة التي لا تتوفر في منفذ الوديعة بحضرموت جنوبي اليمن.

وتسبب إغلاق منفذ الطوال وتحويل مدينة حرض الحدودية إلى ساحة للقتال بعد سيطرة مسلحي جماعة الحوثي عليها في إلحاق الضرر بالمواطنين والمغتربين اليمنيين في المملكة على حد سواء.

ويمثل المنفذ مصدر دخل لكثير من السكان اعتماداً على حركة السوق والمدينة التي تستقبل الداخلين والخارجين من وإلى المملكة العربية السعودية.

وإضافة إلى ذلك، تكمن أهمية المدينة في توسطها عدة محافظات يمنية، هي صعدة وعمران والحديدة الساحلية المطلة على البحر الأحمر، وهي المناطق التي تمثل العمق الاستراتيجي والمخزون البشري للمليشيات الحوثية، وهو ما سيجعل من خسارتها نقطة تحول قد تكون عواقبها قاسية على الحوثي.

أهمية كبيرة

يرى الناشط اليمني ناصر السروري، أن ما سماها بـ"الانتصارات في حرض، هي انتصارات عسكرية وأمنية واقتصادية"، مرجعاً ذلك إلى الأهمية الكبرى لمدينة حرض اقتصادياً وتجارياً.

ويرى أن الأهمية الأمنية بشكل رئيسي ستكون للسعودية، لكون ذلك يعد "تأميناً للحدود السعودية والتحكم في واحدٍ من أهم المنافذ في حال تم فتحه، وتخفيف المخاوف لدى السعوديين من اتجاه المدينة التي أصبحت خطراً على المملكة".

ويضيف، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أنه إذا استعادت الحكومة هذه المناطق وفتحت المنفذ الحدودي فسيشعر الناس بقيمة مثل هذا الانتصار ما يدفعهم لمزيد من الرفض الشعبي للحوثيين، خصوصاً المناطق القريبة من حرض، وهو ما يهيئ للقوات الحكومية توسيع تقدماتها العسكرية في تلك المناطق.

وأكد أن "على التحالف والحكومة توجيه مزيد من الضربات القاسية للحوثيين باستعادة المناطق الاستراتيجية، والوصول إلى منطقة مستباء القريبة منها، التي تعد المفتاح الأساسي لتحرير السلسلة الجبلية التي يسيطر عليها الحوثيون في حجور والعبيسة وجبال كحل الجبال التي تطل على منطقة عاهم في حجة، وتوسيع مناطق الأمان لوقف هجمات الحوثي الحدودية".

توسعات عسكرية

وسبق أن استعادت قوات الجيش اليمني أجزاءً واسعة من مديرية حرض في السنوات الماضية، لا سيما من الجهات الغربية المحاذية لمديرية ميدي والجنوبية المحاذية لمديرية حيران، قبل أن تتمكن قوات الجيش بإسناد من التحالف من تطويقها من الجهتين الشرقية والجنوبية، واستعادة معسكر المحصام الاستراتيجي ومناطق واسعة من المدينة.

ويأتي هذا التطور في إطار ما يشهده مسرح العمليات العسكرية في اليمن، من تحولات نوعية غيرت مجرى السيطرة الميدانية على نحو سريع ومفاجئ لصالح الشرعية المعترف بها دولياً.

وكشفت التحركات العسكرية الأخيرة عن انهيارات واسعة بين صفوف مقاتلي المليشيا الموالية لإيران عقب أيام من طردهم من شبوة، والاتجاه لفك الخناق عن جارتها مأرب (وكلتاهما غنيتان بالنفط) التي تواجه ضغطاً حوثياً متواصلاً منذ فبراير العام الماضي.

ويتوقع مراقبون عسكريون أن تواصل قوات الجيش الوطني اليمني أعمالها في المنطقة الخامسة بعد تطهير مدينة حرض جنوباً، لاستكمال تحرير مديرية عبس وتأمين مديرية حيران، والتوجه شرقاً نحو مديريات بكيل المير ومستبأ، مع استمرار التوغل بمحاذاة ساحل البحر الأحمر باتجاه الجنوب للوصول إلى أولى مديريات الحديدة من الجهة الشمالية حيث مديرية اللحية، والالتفاف شرقاً في مديرية الزهرة، لقطع مفترق الطرق بين مدينة حجة والحديدة وحرض.