مصطفى عبد السلام- العربي الجديد-
على حد علمي، لم تمنح الحكومة الإماراتية مصر قروضا ومساعدات نقدية مباشرة منذ شهر مارس/آذار 2015.
قبل هذا الموعد بأكثر من عامين، وتحديدا منذ 3 يوليو/تموز 2013، تدفقت المساعدات الإماراتية الكثيفة على الحكومة المصرية دعما للنظام الجديد الذي أطاح رئيسا وحكومة منتخبين.
كانت تلك المساعدات تتم تارة عبر الشحنات النفطية الضخمة التي توفر لمصر الجزء الأكبر من احتياجاتها من البنزين والسولار وغاز الطهي، وتارة أخرى من خلال ضخ سيولة نقدية مباشرة كما جرى في يوليو 2013، حين قدمت الإمارات مساعدات نقدية عاجلة لمصر بقيمة 3 مليارات دولار، إضافة إلى 30 ألف طن سولار، في إطار حزمة مساعدات خليجية لمصر بلغت 12 مليار دولار وشاركت فيها السعودية والكويت.
وقتها، أعلن عبد الله بن زايد، وزير الخارجية الإماراتي، أن بلاده بدأت إرسال سولار وبنزين ونفط لمصر، وأنه سيكون هناك أسطول نفطي إمارتي أوله في دبى وآخره في قناة السويس من أجل دعم مصر على حد قوله، وأنه وصلت إلى ميناء السويس بالفعل شحنة سولار تبلغ 30 ألف طن.
وخلال شهر أكتوبر/تشرين الأول 2013، وقعت الإمارات العديد من الاتفاقيات الاقتصادية مع مصر، منها اتفاقية مساعدات بقيمة 4.9 مليارات دولار.
وتضمنت الاتفاقية حينها منحة بقيمة مليار دولار وتوفير كميات من الوقود لمصر بقيمة مليار دولار، والمشاركة في تنفيذ عدد من المشروعات التنموية في قطاعات اقتصادية أساسية، من بينها بناء 25 صومعة لتخزين القمح والحبوب وإنشاء أكثر من 50 ألف وحدة سكنية في 18 محافظة وبناء 100 مدرسة، واستكمال مجموعة من المشروعات في مجالات الصرف الصحي والبنية التحتية.
وكانت الإمارات أحد الداعمين بقوة لمؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي المنعقد في مارس 2015، حيث أعلنت خلاله دعم مصر بـ4 مليارات دولار، منها مليارا دولار وديعة في البنك المركزي، وملياران آخران في شكل استثمارات يتم ضخها في وقت لاحق داخل مشروعات مصرية يتم الاتفاق عليها بين الحكومتين.
وخلال كلمته في المؤتمر، أعلن محمد بن راشد، نائب رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء وحاكم دبي، تقديم بلاده مساعدات لمصر بقيمة 14 مليار دولار منذ يوليو/تموز 2013 وحتى موعد انعقاد المؤتمر. وخلال المؤتمر أيضا، كشفت لبنى القاسمي، وزيرة التنمية والتعاون الدولي ورئيسة جامعة زايد، أن قيمة المساعدات التي وجهتها الإمارات لمصر، منذ 1971 وحتى 2014، بلغت 47 مليار درهم، شملت جميع المجالات الإنسانية والتنموية.
وبحسب البيانات الإماراتية، فإن الإمارات زودت مصر باحتياجات بترولية بقيمة 8.7 مليارات دولار خلال الفترة من 2014 وحتى 2015، وهو ما ساهم في القضاء على أزمة الوقود التي اشتعلت أيام حكم د. محمد مرسي، خاصة أن السعودية التزمت هي الأخرى بتوفير 700 ألف طن من المشتقات البترولية لمصر شهريا ولمدة 5 سنوات (2016-2021 ) في إطار قرض سعودي بقيمة 23.5 مليار دولار.
إلا أنه منذ مارس/آذار 2015، توقف الدعم النقدي المباشر لمصر من حكومة أبوظبي، واقتصر إما على مساعدات غذائية كما جرى في إبريل/نيسان 2021 حيث أعلنت وزارة الخارجية، إرسال مساعدات غذائية إلى مصر تحتوي على 46 طنا من المواد الغذائية ضمن المبادرات الإنسانية للإمارات خلال شهر رمضان، أو عبر تدبير البنوك الإماراتية قروضا تجارية للحكومة المصرية أو البنوك العاملة في مصر وبسعر فائدة مرتفع.
مثلا، في أغسطس/ آب 2020 حصلت الحكومة المصرية على قرض بقيمة 2 مليار دولار من البنوك الإماراتية لتمويل ميزانية الدولة ودعم الاقتصاد، ورتب القرض كل من بنك الإمارات دبي الوطني وبنك أبوظبي الأول.
وفي يناير 2020 حصلت مصر على موافقة بنوك إماراتية وكويتية، تقدم الأخيرة بموجبها قرضا مجمعا للحكومة المصرية بقيمة إجمالية 3 مليارات دولار.
وبعدها اقتصر الدعم الحكومي الإماراتي لمصر على تجديد الودائع المستحقة لحكومة أبوظبي على البنك المركزي المصري، وتدرج ضمن الاحتياطي الأجنبي وتبلغ قيمتها نحو 6 مليارات دولار.
وبات تركيز الإمارات الأول الآن هو الاستحواذ على الشركات والبنوك والأصول المصرية الناجحة، وهو ما لمسناه قبل أيام حيث تم الكشف عن موافقة الحكومة المصرية على بيع حصص الدولة في عدد من الأصول للصندوق السيادي الإماراتي في صفقة بلغت قيمتها 2 مليار دولار.
ومن بين تلك الأصول البنك التجاري الدولي، أكبر بنك خاص في مصر، وشركة فوري العملاقة لتكنولوجيا البنوك والمدفوعات الإلكترونية وشركات أبوقير للأسمدة وموبكو للأسمدة والإسكندرية للحاويات، وجار التفاوض على بيع أصول أخرى.
وقبلها استحوذت الإمارات على بنوك ومستشفيات ومعامل تحاليل كبرى، كما استحوذت على شركات كبرى منها هيرمس، أكبر بنك استثماري في مصر، وسوديك للتطوير العقاري، وأمون للأدوية.
ببساطة، الإمارات توقفت عن تقديم مساعدات نقدية مباشرة لمصر، وبدأت حصد ثمار ما قدمته من مساعدات في سنوات سابقة، حيث تركز حالياً على شراء الأصول المصرية الناجحة التي تدر على الخزانة المصرية ثروات وأموال طائلة سنويا.
السؤال هنا: هل ستظل الأصول المصرية تحت يد الصندوق السيادي الإماراتي التابع لحكومة أبوظبي، أم تؤول تلك الأصول لجهات ومؤسسات وشركات أخرى من خارج البلدين؟