الخليج أونلاين-
ملايين المشاهدات في الولايات المتحدة وحول العالم لمشهد فيديو ساخر قصير أداه الفنان السعودي خالد الفراج، وعرض مؤخراً على قناة "إم بي سي" وكان لافتاً للنظر، ما يطرح تساؤلاً حول إمكانية وجود برامج سياسية ساخرة خليجية، تحقق نسبة مشاهدات ونجاحاً واسعاً على مستوى العالم.
دقيقة واحدة وخمس ثوان هو عمر المشهد الساخر الذي جسد فيه الفنان السعودي شخصية الرئيس الأمريكي جو بايدن، لكن هذا المشهد دار حول العالم، وشاهده الملايين في مختلف الدول.
تناول الفراج مواقف شبيهة ظهر فيها الرئيس الأمريكي خلال مؤتمرات صحافية عقدها مؤخراً، وتحدث فيها عن بعض القضايا الدولية، ومن أبرزها الأزمة الأوكرانية، وكانت نائبته كامالا هاريس تقف خلفه في بعض منها، وتصحح له أخطاءه.
المشهد القصير هو جزء من برنامج سعودي عنوانه "ستيديو22" يُعرض خلال شهر رمضان عبر قناة "إم بي سي".
لكن المشهد حصد تفاعلاً كبيراً على مواقع إخبارية إلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي في الولايات المتحدة، بعدما سخر من الرئيس الأمريكي ونائبته، في قالب كوميدي.
المشهد كان يمثل مؤتمراً صحافياً لبايدن وقال إنه يتحدث عن أزمة إسبانيا، قبل أن تصحح له نائبته هاريس: "أزمة أوكرانيا"، ثم طلب منها تذكيره باسم الرئيس الروسي، ووصفها بـ"السيدة الأولى"، وهو لقب زوجته "جيل بايدن"، وصاحب ذلك غفوات متقطعة من الرئيس.
وانتهى المشهد بأن نام الرئيس الأمريكي واقفاً وسحبته هاريس إلى خارج القاعة.
المشهد الكوميدي السعودي نال مشاهدات مليونية من قبل الأمريكيين الذي استهدف الفراج رئيسهم فيه.
الأمريكيون أشاد بعضهم بالمشهد، ورأوا في أداء الفراج حرفية وإمكانية عالية في تجسيد شخصية رئيس أقوى دولة في العالم بإطار ساخر.
وعلى الرغم من إشادة آخرين وتعبيرهم عن إعجابهم بالمشهد، فإنهم أعربوا عن حزنهم من أن رئيس بلدهم بلغ مرحلة جعلت ممثلي دول أخرى يقلدون شخصيته بطريقة ساخرة.
وتوجه كثيرون باللائمة على إدارة جو بايدن معتبرين أنها ساعدت من خلال أدائها وتعاطيها مع القضايا الدولية بأن تكون محط سخرية، وفق تعبيرهم.
بدورها فإن صحيفة "نيويورك بوست" تطرقت من خلال عرضها الفيديو، وشرحها تفاصيل ما جاء فيه إلى العلاقات بين الولايات المتحدة والمملكة.
وقالت إن هذه العلاقات "في أدنى مستوياتها"، مضيفة: "رفضت المملكة وحلفاؤها في المنطقة نداءات بايدن لزيادة إنتاج النفط مع ارتفاع أسعار الطاقة في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا".
حديث الصحيفة الأمريكية يؤكد مدى التأثير الذي أحدثه المشهد القصير، لتتناوله الصحافة الأمريكية على أوجه مختلفة.
من جهته قال إعلامي في قناة "فوكس" الأمريكية: "في هذه الدولة (أمريكا) لا يسمح لبرنامج ساترداي نايت لايف بالسخرية من الخرف الواضح لبايدن، ولكن في المملكة العربية السعودية، الحليف القديم، البرامج الكوميدية لا تمتنع عن ذلك".
تناول وسائل الإعلام الأمريكية للمشهد السعودي الساخر بقدر كبير، واستياء بعضها منه جعل الأمير تركي الفيصل يتناوله في مقال له بصحيفة "أرب نيوز".
الفيصل وجه خطابه لـ"وسائل الإعلام الأمريكية وغيرهم من الخبراء المزعومين"، وفق قوله، وأضاف: "صمدنا وقاومنا استهزاء وسائل الإعلام والسياسيين الأمريكيين. من العدل أن تصمدوا أمام استهزاءاتنا الكوميدية".
سبب نجاح المشهد
يقول المخرج أحمد العبيدي، الذي تحدث لـ"الخليج أونلاين"، إن أبرز أسباب نجاح مشهد جو بايدن، ليصل من الرياض إلى الولايات المتحدة وينتشر حول العالم، كان "قصر مدته، فلو زادت مدته دقائق أخرى لما وصل إلى مشاهدات وتأثير بهذا الحجم".
وأضاف أن من دواعي نجاحه: "ذكاء تصوير المشهد الذي لا حاجة لتبيان أن هناك جمعاً من الصحفيين والمصورين رغم ظهور شخصيتين في المشهد، أيضاً عبقرية الفنان خالد الفراج في تناول حالات لجو بايدن بطريقة مبسطة ومريحة، وتقمصه للشخصية بإتقان، ودور كامالا هاريس كان داعماً كبيراً في نجاح المشهد وجرى تأديته بطريقة حرفية".
وأشار العبيدي إلى أن "من عوامل نجاح بعض البرامج قصر مدتها، وقصر مدة مشاهدها لتكون كما الومضة الجميلة المدهشة التي تترك أثراً جيداً عند مشاهدتها".
حروب كلامية
في مقال لها بصحيفة "الاتحاد" الإماراتية ترى الكاتبة نجاة السعيد أن هناك عدة خيارات للتعامل مع الحروب الكلامية في المجال السياسي، مشيرة إلى أن من بينها "استخدام أسلوب السخرية والكوميديا للتقليل من أهمية المصدر، بحيث لا يأخذه الجمهور على محمل الجدية".
وأضافت في مقال سابق: "لعل أفضل طريقة للرد على الهجوم المتكرر هو أسلوب السخرية، لكي لا ينظر لمن يقومون بالهجوم بجدية، وتفادي تبعات التجاهل بعدم الرد ومنها تصديق ما يقال".
وقالت السعيد: إن "هناك عدة أوجه للكوميديا السياسية الساخرة، لكن أكثر وسيلة إعلامية مؤثرة هي برامج الكوميديا السياسية الساخرة الأسبوعية. فنظرية الغرس تقول كلما زاد الوقت الذي يقضيه الجمهور في المشاهدة زاد احتمال التأثير".
وزادت: "في المناطق المضطربة كمنطقتنا المشتعلة، ومع كثرة الأحداث المتتالية، يميل الناس إلى النسيان، كذلك طبيعتهم عاطفية فلا بد من تذكيرهم بتصريحات قديمة لمن يهجمون، ومقارنتها بما يقولونه حالياً لإظهار تناقضاتهم".
إمكانات كبيرة
المخرج العراقي أحمد العبيدي، يرى أيضاً أنه "في الخليج هناك إمكانيات كبيرة لدى الشباب والفتيات بإمكانهم الوصول للعالمية من خلالها إن أحسنوا استغلالها بالشكل الأنسب، مثلما حصل في مشهد الفنان السعودي خالد الفراج".
وأشار العبيدي، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، إلى أن "نجاح البرامج الساخرة بشكل عام يعتمد على قدرات وإمكانيات مقدم البرنامج وشخصيته، أو الممثل الرئيسي، ثم الأفكار المتنوعة والمتجددة، والأسلوب الواضح في الطرح".
ولفت إلى أن "الإمكانيات والفنية متوفرة في بلدان الخليج خاصة مع وجود محطات تلفزيونية ذات إمكانيات إنتاجية هائلة ومنها إم بي سي، أيضاً لدينا في الخليج مواهب وطاقات كثيرة في التمثيل والتقديم، كل ذلك يعتبر دافعاً للنجاح في إنتاج برامج سياسية خليجية ساخرة تصل إلى العالمية".