كمال علم - ميدل إيست آي – ترجمة الخليج الجديد-
خلال الأيام الماضية، بدأ الزعيم الباكستاني المعزول "عمران خان" حشد الآلاف في الشوارع، في حين أن التصويت البرلماني لإقالة "خان" لم يكن مفاجأة، بالنظر إلى أنه لم يبق أي رئيس وزراء باكستاني منتخب ديمقراطياً لفترة ولاية كاملة، فقد حاز "خان" على اهتمام لم يحظ به أي زعيم باكستاني قبله، باستثناء "ذو الفقار علي بوتو" في السبعينيات.
وكان "خان" نشطًا للغاية في قضايا الشرق الأوسط. ولم يقم سوى برحلتين فقط إلى الغرب في فترة حكمه التي دامت 4 سنوات تقريبًا، فيما ركزت باقي الزيارات على الشرق الأوسط وآسيا. وقد أعرب كتاب ومحللون بارزون في الشرق الأوسط عن دعمهم له، وشجبوا التصويت البرلماني باعتباره إجراءً لتغيير النظام، وليس خطوة ديمقراطية.
لكن تولي "شهباز شريف" للسلطة سوف يرضي بالتأكيد دولا معينة من الشرق الأوسط تتطلع لعودة باكستان إلى وضعها السابق قبل شعبوية "خان".
وينظر العديد من حكام الخليج إلى القادة الباكستانيين المتعاقبين على أنهم فاسدون. وكشفت "ويكيليكس" في عام 2010 عن هذا الازدراء العلني، مشيرة إلى التعليقات التي أدلى بها قبل عدة سنوات سفير السعودية في الولايات المتحدة "عادل الجبير" الذي وصف الرياض بأنها ليست مجرد مراقب، بل مشارك في السياسة الباكستانية.
وأعربت الإمارات عن استيائها في السنوات الأخيرة من حصول الحكام الباكستانيين على الأموال من الخليج، دون أن يقدموا مقابلا مناسبا بما في ذلك دعم التحالف الذي يقود الحرب في اليمن.
وبالمثل، غالبًا ما تندد وسائل الإعلام الكويتية بالازدواجية الباكستانية، مدعية أن القادة الفاسدين يستفيدون من سخاء الخليج دون تقديم أي شيء في المقابل. بل إن الكويت منعت الباكستانيين من دخول البلاد لأكثر من عقد.
وفي البداية، رحبت دول الخليج بصعود "خان" مع وصف نجم الكريكيت السابق بأنه أول زعيم نزيه للبلاد يمكن أن يكون شريكًا موثوقا. وتم الترويج لـ"خان" في وسائل الإعلام العربية، وأجرى مقابلات حصرية منتظمة مع قنوات مثل "الجزيرة" و"العربية".
وقد دعاه ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" ليكون متحدثًا رئيسيًا في الأحداث الكبرى، بينما دعمت الإمارات "خان" لإلقاء الخطاب الرئيسي في القمة العالمية للحكومات في عام 2019. وأعاد الكويتيون إصدار تأشيرات الدخول للباكستانيين بعد توقفها طوال عقد من الزمن.
وخلال فترة حكم "خان"، جلب السعوديون استثمارات ومجموعات تجارية ضخمة للتركيز على التجارة مع باكستان، بدلاً من مجرد توفير المساعدات. وأرسلت مصر أيضًا أول وفد تجاري شامل لها إلى إسلام أباد، جنبًا إلى جنب مع استثمارات كبيرة من الملياردير "نجيب ساويرس".
لكن بينما كان السعوديون والإماراتيون حريصين على الترحيب بـ"خان" كمتحدث رئيسي والترويج لحملته ضد الفساد، فإنهم كانوا حذرين من ميله المزعوم تجاه إيران. وشعر السعوديون بالفزع من محاولة "خان" تشكيل قيادة إسلامية مع الماليزيين والإيرانيين والأتراك، ومنعوه من حضور قمة مثيرة للجدل في أواخر عام 2019.
كما أنهم لم يكونوا سعداء بانتقاد إدارة "خان" علانية لدول الخليج بسبب صمتهم بشأن كشمير وفلسطين.
واعتبر العديد من المحللين أن الإطاحة بـ"خان" مثالا واضحا على التدخل العدواني للولايات المتحدة في المنطقة. لكن في النهاية، فإن شعبية "خان" -في باكستان وعبر الشرق الأوسط- لم تستطع تعويض افتقاره إلى الخبرة في الشؤون العالمية.
ويفضل حكام الشرق الأوسط العودة إلى تحالفات ما قبل الثورة، وتعد عائلة "شريف" مناسبة تمامًا مع هذا الدور. ولطالما كان السعوديون ينظرون إلى عائلة "شريف" على أنهم "حصانهم". وتنظر دول الخليج إلى الإطاحة بـ"خان" باعتبارها مفيدة لوقف الخطاب الثوري والشعبوي الذي طالهم بالانتقاد وكذلك وقف أي تطور في العلاقات بين باكستان وإيران.